قصص نازحين سوريين مع العواصف والفيضانات بشمال غرب البلاد


بالنسبة إلى أولئك الفارين من الحرب بحثا عن ملاذ في آخر معاقل المعارضة بسوريا، ليس هناك حد للمعاناة.

اجتاحت عاصفة مطيرة شمال غربي البلاد هذه الأيام فنشرت مزيدا من البؤس، بعد أن أسفرت الأمطار والفيضانات قبل أقل من أسبوعين عن مقتل طفل وتدمير مئات الخيام، تاركة عشرات الآلاف من السوريين النازحين داخليا مشردين مرة أخرى.

فاقم الطقس السيء الوضع الإنساني الكارثي بالفعل مع تفشي فيروس كورونا وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

وكانت جماعات الإغاثة الدولية حذرت من أن الوصول الإنساني المحدود إلى هذا الجزء من سوريا سيعرقل الاستجابة لتبعات العاصفة في منطقة تعاني بالفعل نقصا في المساعدات الإنسانية.

وفي السياق، قال مارك كاتس، نائب المنسق الإقليمي للأمم المتحدة لشؤون الإغاثة الإنسانية في سوريا، "الواقع هو أن الناس في هذه المنطقة يواجهون موقفا كارثيا. الناس في هذه المخيمات يائسون، وعمال الإغاثة الإنسانية منهكون تحت وطأة أزمة كانت الأمم المتحدة حذرت من وقوعها".

كما أوضحت تصريحات كاتس الخميس أن 121 ألف شخص على الأقل في 304 مواقع بالمنطقة تضرروا بشكل سيء عندما دمرت الأمطار الموسمية والرياح العاتية أو أضرت بنحو 21700 خيمة. كما قال إن طفلا لقي مصرعه كما أصيب ثلاثة أشخاص آخرون.

شهدت إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة وأجزاء غربية من حلب العام الماضي حملة عسكرية لنظام الأسد بدعم روسي تسببت في نزوح مئات الآلاف كما دمرت عشرات العيادات والمستشفيات. ويعيش في المنطقة أكثر من ثلاثة ملايين شخص، معظمهم بالفعل من النازحين بسبب الصراع المستمر منذ عشر سنوات في سوريا.

وأدت الأمطار الغزيرة إلى فيضانات في بعض المخيمات، واجتاحت معها أمتعة كثيرين ودمرت أغذيتهم في وقت وصلت فيه العملة المحلية إلى انخفاض غير مسبوق إذ يباع الدولار الواحد في السوق السوداء هذا الأسبوع مقابل 3030 ليرة سورية، ما قضى على القدرة الشرائية لمعظم المواطنين.

سجلت المنطقة أيضا أكثر من 20 ألف حالة إصابة بكورونا و382 وفاة وسط نقص حاد في المعدات الطبية.

ويشكو السكان وجماعات الإغاثة من بطء وصول المساعدات إلى المنطقة شبه المحاصرة نتيجة لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في يوليو/ تموز الماضي بتقييد شحنات الإغاثة الإنسانية المرسلة إلى شمال غرب سوريا لمدة عام من خلال معبر واحد فقط من تركيا.

عندما ضربت أول عاصفة قوية المنطقة قبل عشرة أيام، كان عابد الياسين يجلس مع زوجته وأبنائهما الثلاثة وابنتهما عندما انهارت الخيمة وتدفق الوحل والمياه عليهم، ما أجبرهم على الهرب إلى خيمة الجيران الأكثر تماسكا. وفي الصباح التالي، بدأ بناء خيمة أخرى مجاورة، وتأكد من إحاطتها بالرمال من كل الجوانب لمنع المياه من إغراقها.

وقال الياسين متحدثا عبر الهاتف بينما كان صوت الرياح يدوي في الخلفية، "الأوضاع مزرية هنا".

لحسن الحظ، حصلوا قبل أيام قليلة على بعض أكياس المعكرونة التي يأكلونها مع الخضروات حاليا.

علي إبراهيم وأسرته المكونة من 5 أفراد، وهو أيضا من سكان إدلب، اضطروا إلى قضاء ليلة في العراء تحت الأمطار بعد أن "انهارت الخيمة فوق رؤوسنا"، على حد قوله. ونصبوا الخيمة مجددا وحاليا يجلسون داخلها رغم العاصفة الأخيرة.

وقال إبراهيم إن المشكلة الأساسية في الشتاء ليست الأمطار وإنما مدفأة الخشب لديهم، التي تجعل ابنهم أحمد البالغ من العمر 6 سنوات ويعاني من مشكلة بالقلب، يسعل باستمرار.

وأضاف إبراهيم، وهو عاطل عن العمل ويبلغ عمره 34 سنة، "لا خيار آخر لدينا سوى تشغيلها وإلا سنتجمد".

أجبرته الحرب وأسرته على النزوح من قرية في محافظة حلب شمالي سوريا.

وقالت مجموعة "منسقو استجابة سوريا" النشطة في شمال غرب سوريا، إن العاصفة التي هبت الخميس ضربت نفس المناطق التي تضررت في بداية الشهر الجاري. ودعت إلى مساعدات دولية لتحسين البنية التحتية في المخيمات للحد من الضرر في المستقبل.

وقالت منظمة "كير" الدولية للإغاثة إن العاصفة حولت المخيمات إلى بحيرات في نحو 87 موقعا للنازحين، وتسببت في فقد المتاع المتبقي للناس بعد سنوات من الصراع.

بدأت المنظمة في توزيع الأغطية البلاستيكية والبطانيات والمراتب وحصائر الأرضيات ومعدات المطبخ وحزم رعاية الرضع على أكثر من 3300 أسرة نازحة في 56 مخيما.

ترك تعليق

التعليق