اللاجئون السوريون في أربع دول أوروبية.. أين تُسجل أعلى معدلات للاندماج؟


أجرت مؤسسة "اليوم التالي" دراسة استقصائية حول واقع اللاجئين السوريين الجدد في أوروبا ومعدلات الاندماج في السويد وألمانيا وهولندا وفرنسا.

 وضمت عينة البحث 1600 مستجيب/ة ممن قضوا عاماً أو أكثر في مكان اللجوء ووصلوا إلى أوروبا بعد العام 2011. وتوزعت العينة المبحوثة بالتساوي في كل من ألمانيا، السويد، فرنسا وهولندا بواقع 400 من كل دولة. وراعت الدراسة خلال تصميم العينة وجمع البيانات ضمان التمثيل المتكافئ جنسياً وعمريا وتعليمياً وتوازنات على مستوى العينات الفرعية.

 وبحسب الدراسة سجلت ألمانيا أعلى معدلات للاندماج وأكثرها اتساقاً، تليها هولندا. وفي الدرجة الثالثة فرنسا. بينما سجلت السويد النتائج الأكثر انخفاضاً والأقل اتساقاً.

 ورأى واضعو الدراسة  أن الخلفية الدينية للاجئين تشكل عاملاً مؤثراً على قدرتهم في الاندماج ضمن المجتمعات الجديدة، سواء بسبب رفض إدماجهم من قبل المجتمع المضيف أو بسبب الاختلافات الثقافية.

 ويعاني اللاجئون السنة خصوصاً من التمييز الأكبر في المجتمعات الأوروبية.

ومن العوامل المؤثرة على الاندماج أيضاً منطقة السكن في سوريا، فالتأثيرات النفسية المصاحبة للاجئين من مناطق ساخنة شهدت عمليات عسكرية في سوريا تحد من قدرتهم على الاندماج. فضلاً عن عوامل أخرى كالعمر ومدة الإقامة.

ولاحظ القائمون على الدراسة أن ثلث المستجيبين بات ارتباطهم بالموطن ضعيفاً أو حتى معدوماً. وبخصوص موضوع العودة إلى سوريا، أبدى غالبية المستجيبين عدم رغبتهم في الأمر. وكان بقاء النظام الحالي في سوريا عاملاً أساسياً وضعه غالبية المستجيبين كمانع للعودة إلى سوريا.

وعن فكرة الدراسة والهدف منها قال منسق مشروع استطلاعات الرأي في مؤسسة "اليوم التالي" الصحفي الإعلامي" أحمد مراد" لـ "اقتصاد" أن هناك -بحسب إحصائيات الأمم المتحدة- قرابة 6,7 مليون لاجئ سوري خارج البلاد تعرضوا للكثير من أشكال الانتهاكات وقسم منهم لديه رغبة في العودة إلى سوريا، ولذلك كان الهدف الأساسي من الدراسة -كما يقول- معرفة أحوال اللاجئين منهم في أوروبا وظروف اندماجهم وفكرتهم عن الاندماج ومدى معرفتهم بقوانين البلدان التي لجأوا إليها ضمن العينة التي تم أخذها في البحث وهي 4 دول أوروبية ألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد.

 وأردف مراد أن  مؤسسة "اليوم التالي" أجرت في وقت سابق دراسة حول اللاجئين السوريين في تركيا ودرجة اندماجهم في المجتمع التركي وسؤال العودة الأساسي. واستطرد مراد أن ثلثي المستجيبين للدراسة الحالية أكدوا أنهم لن يعودوا إلى سوريا، أما الثلث فقالوا أنهم  سيعودون ولكن بشروط ومنها تحقيق انتقال سياسي يؤدي إلى تغيير النظام الحاكم وإسقاطه.
 
وحول هدف الدراسة وآلية إجراء الاستييان الذي اعتمدت عليه أوضح مراد أن الاستبيان أُجري عن بعد بسبب ظروف كوفيد 19، عبر استمارة تم تصميمها بعد لقاء مع خبراء في البلدان الأربعة التي شملها البحث، وبناء على هذا اللقاء تم صياغة الاستبيان الذي تم توجيهه لحوالي 1200 شخص في هذه الدول، ومن كل دولة أخذت عينة مكونة من 400 شخص ما بين رجل وامرأة. وحاول معدّو الدراسة إحداث توازن جندري في هذه العينة وأخذ مختلف المتغيرات سواء كانت قومية أو دينية أو على مستوى العمر والتعليم والدخل.

واستمرت عملية جمع البيانات حوالي خمسة أسابيع من منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2020 حتى أواخر تشرين الثاني/نوفمبر دون انقطاع، لتتشكل لدى معدّي الدراسة، في النهاية، "داتا" خضعت بعدها للتحليل والاستنتاج والمقارنة.

 وكانت الأسئلة -بحسب مراد- حول أربعة محاور أساسية وهي "درجة اندماج اللاجئين السوريين في دول الاتحاد الأوروبي"، و"مؤشرات الاندماج على مستوى كل دولة"، و"العوامل التي تُظهر الارتباط القوي سلباً أو إيجاباً بمسار اندماج اللاجئين بالمجتمعات المضيفة"، و"تصور اللاجئين حول هذه المجتمعات وارتباطهم بموطنهم".

 ولفت محدثنا إلى أن الاستبيان تضمن مقارنة على مستوى الدول الأربع المشمولة به، فيما يتعلق  بقضايا الاندماج، كتعلم اللغة والانخراط بسوق العمل والعلاقات الاجتماعية، للحصول على مؤشرات يمكن من خلالها معرفة أي دولة لديها إجراءات عملية وفعالة لإدماج اللاجئين بشكل أكبر من غيرها. واتضح أن ألمانيا وهولندا في مقدمة الدول الأوروبية تحقيقاً لشروط الاندماج، وفرنسا هي الأقل.
 
وحول فريق الدراسة وممَ يتكون؟، أشار مراد إلى أنه تم اختيار 25 شاباً وشابة من ذوي المؤهلات من الجنسين ومن الموجودين في بلدان الدراسة، وخضع فريق الدراسة-حسب قوله- إلى تدريبات حول آليات التعامل مع المبحوثين وحول بعض المصطلحات الموجودة في الاستبيان، وبالنسبة للأشخاص الذين شملتهم الدراسة كان هناك -كما يقول- شرط أساسي أن يكونوا من اللاجئين السوريين ما بعد الـ 2011 أي أنهم جاءوا إلى أوروبا نتيجة الحرب وأن يكون مضى على وجودهم في أوروبا أكثر من سنة وجربوا إجراءات اللجوء.
 
وحول فكرة أن ثلث المستجيبين للدراسة بات ارتباطهم بالوطن ضعيفاً أو معدوماً، وما الذي يعكسه هذا الاستنتاج الخطير؟، أوضح المصدر أن هناك حاجة للتمييز هنا بين موضوع الارتباط بالوطن وموضوع العودة إليه، وعلى العكس فقرابة الثلثين أظهروا عمق ارتباطهم بالوطن وهم من الفئات فوق الـ 25 سنة، مضيفاً أن القائمين على الاستبيان قسموا الفئات العمرية ما بين الـ 18 و25   و26 و39 و40 و59 وما فوق الستين، فالفئة العمرية الصغيرة لم يكن لديها هذا الارتباط الواضح بالوطن بينما ثلثي المستجيبين أبدوا رغبتهم بزيارة سوريا وليس العودة القطعية، والثلث فقط أبدوا رغبتهم بالعودة ولكن ضمن شروط سياسية معينة أبرزها إطلاق العملية السياسية وتوقف الأعمال العسكرية بشكل نهائي، وضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين ونسبة قليلة تحدثت عن الموضوع الاقتصادي وهم لا يتجاوزون الـ 2,5%.

 و"اليوم التالي" -TDA- كما جاء في التعريف بها، هي "مؤسسة سورية مستقلة تعمل على دعم الانتقال الديموقراطي والعدالة والسلام المستدام في سوريا والإيمان بحقوق الإنسان العالمية وحقوق مواطنة متساوية لجميع السوريين".

ترك تعليق

التعليق