المركزي السوداني يعلن تعويم سعر صرف عملته


اتخذ السودان خطوة غير مسبوقة ولكن متوقعة بتعويم عملته يوم الأحد، تلبية لطلب رئيسي من قبل المؤسسات المالية الدولية لمساعدة السلطات الانتقالية على إصلاح الاقتصاد المنهك.

التعويم هو أجرأ قرار اقتصادي تتخذه الحكومة الانتقالية التي حكمت السودان بعد انتفاضة شعبية أدت إلى إطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019.

منذ ذلك الحين، تعد البلاد على طريق هش نحو الديمقراطية مع وجود تحديات اقتصادية مروعة تمثل تهديدا كبيرا لهذا التحول.

من المحتمل أن تثير هذه الخطوة ردة فعل شعبية مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات استجابةً لانخفاض قيمة الجنيه والارتفاع المحتمل في أسعار الوقود والسلع الأساسية الأخرى.

كانت هناك بالفعل احتجاجات متفرقة على الظروف المعيشية السيئة في الأسبوعين الماضيين في العاصمة الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد.

جرى تداول الدولار الأمريكي بأكثر من 350 جنيهاً للدولار في السوق السوداء، بينما كان سعره الرسمي 55 جنيهاً للدولار.

أما بعد التعويم، فقد أفادت وسائل إعلام محلية أن البنوك باعت الدولار بمتوسط 375 جنيهاً، بينما بلغ سعر شراء العملة الأمريكية متوسط 390 جنيها، وذلك في محاولة لجذب المتداولين في سوق العملات غير الرسمية.

ذكر بيان صادر عن البنك المركزي أن عملة السودان ستتذبذب الآن بحسب العرض والطلب. وذكر أن التعويم هو جزء من إجراءات شرعت فيها الحكومة الانتقالية للمساعدة في استقرار اقتصاد البلاد.

قال البنك المركزي إن التعويم سيساعد في "تطبيع العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية والإقليمية والدول الصديقة لضمان تدفق المنح والقروض" إلى الاقتصاد السوداني.

من جانبه قال وزير المالية جبريل إبراهيم في مؤتمر صحفي بالخرطوم إن اقتصاد السودان في وضع لا يمكن التعامل معه "دون اتخاذ مثل هذا القرار".

وأضاف "هذا في مصلحتنا، ومصلحة الوطن، ومصلحة المواطن".

وذكر أنهم اتخذوا إجراءات لمواجهة الزيادات المحتملة في أسعار السلع الأساسية.

لم يخض إبراهيم في التفاصيل.

السفارة الأمريكية في الخرطوم رحبت بالخطوة التي وصفتها بالـ "شجاعة"، قائلة إنها تمهد الطريق لتخفيف الديون وتزيد بشكل كبير من تأثير المساعدة الدولية.

وأضافت أن "هذا القرار سيساعد أيضا الشركات السودانية ويجذب الاستثمار الدولي حيث لن تواجه الشركات المحلية والأجنبية بعد الآن صعوبات في ممارسة الأعمال التجارية في السودان بسبب سعر الصرف المزدوج".

كانت هذه الخطوة مطلبا رئيسيا من قبل صندوق النقد الدولي، الذي حدد سبتمبر / أيلول الماضي موعدا نهائيا للحكومة للانتقال إلى "سعر صرف موحد وفق آليات السوق".

ومن المتوقع أن يطلع صندوق النقد الدولي مجلس إدارته على إجراءات السودان في مارس/ آذار.

جاء تحرك الأحد بعد أن أعلن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وهو اقتصادي سابق مرموق بالأمم المتحدة، عن تعديل وزاري لإضافة وزراء من المتمردين. وجاء التعديل في إطار صفقة أبرمتها الحكومة الانتقالية العام الماضي مع تحالف من المتمردين.

يعاني السودان منذ سنوات من مجموعة من المشاكل الاقتصادية، بما في ذلك عجز كبير في الميزانية ونقص واسع النطاق في السلع الأساسية وارتفاع أسعار الخبز والسلع الأساسية الأخرى.

تبلغ ديون البلاد 70 مليار دولار وارتفع معدل التضخم السنوي فيها إلى ما يزيد عن 300٪ الشهر الماضي.

غرقت البلاد في أزمة اقتصادية عندما انفصل الجنوب الغني بالنفط في عام 2011 بعد عقود من الحرب، آخذا معه أكثر من نصف الإيرادات العامة و95٪ من الصادرات.

تعمل الحكومة الانتقالية - منذ الإطاحة بالبشير - على تغيير النظام الاقتصادي في السودان، والانضمام إلى المجتمع الدولي بعد أكثر من عقدين من العزلة.

كما كان السودان منبوذا على الصعيد الدولي بعد إدراجه على قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

أدى هذا إلى استبعاد البلاد من الاقتصاد العالمي، ومنعها من الحصول على قروض من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي.

أزال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اسم السودان من القائمة السوداء بعد أن وافقت الحكومة الانتقالية على دفع 335 مليون دولار كتعويض لضحايا الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن أثناء وجوده في السودان.

كما اتخذ هذا القرار كحافز للسودان من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ترك تعليق

التعليق