قصف حراقات النفط شمالي حلب.. الأهداف والبدائل


تُظهر عمليات القصف المتكررة التي تستهدف مواقع حراقات النفط البدائية في ريف حلب الشمالي الشرقي، مدى إصرار النظام وروسيا على إلحاق الضرر باقتصاد المناطق المحررة، حيث تُشكل المشتقات النفطية التي تدخل المنطقة من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية -"قسد" بديلاً رخيصاً عن تلك التي تدخل من المعابر التركية.

الهجوم الأخير الذي استهدف مجمع حراقات النفط، الجمعة، في ترحين، ومعبر الحمران، والذي خلف أضراراً بشرية ومادية كبيرة، يعد الثاني من نوعه في غضون شهر.

وحسب المتحدث الرسمي باسم "الجيش الوطني"، الرائد يوسف حمود، فإن الهجوم الأخير جرى تنفيذه بصاروخ روسي من طراز "إسكندر" تم إطلاقه من قاعدة حميميم الروسية غالباً، وصواريخ من طراز "توشكا" مصدرها معامل الدفاع المدني في السفيرة جنوب شرق حلب، وقاعدة كويرس الجوية شرقي حلب، ورادار شعالة، جنوبي الباب.

وعن غايات الهجوم الأخير والهجمات المشابهة السابقة، أشار حمود خلال حديثه لـ"اقتصاد"، إلى حسابات روسية متعلقة بالشأن السياسي والاقتصادي، موضحاً أن روسيا تريد تعطيل اقتصاد المناطق المحررة من خلال استهداف سوق بيع وتكرير النفط الذي يشكل عصب الاقتصاد.

وبشأن الحسابات السياسية، قال: "ملف النفط السوري هو محط نزاع بين الأطراف الفاعلة في الشأن السوري، إذ يشكل النفط واحداً من أهم أدوات الصراع الاقتصادي بين مناطق سيطرتها".

وأضاف حمود: "تريد روسيا رفع حصة النظام السوري من النفط الخاضع لسيطرة الولايات المتحدة، عبر التقليل من كميات النفط التي تذهب إلى المناطق المحررة".

وثمة حساب آخر متعلق بروسيا والتجارب التي تجريها على أسلحتها في سوريا، وفق حمود الذي أشار إلى فشل تجربة إطلاق صاروخ إسكندر من قاعدة حميميم الشهر الماضي، حيث سقط الصاروخ في إحدى القريبة من القاعدة.

وأنهى بقوله: "روسيا أعلنت أنها قامت بتجارب لأكثر من 3500 نوع من سلاحها في سوريا، ومعلوم أن روسيا لا تحتاج إلى تبرير أفعالها الوحشية".

ولم تختلف قراءة وزير المالية والاقتصاد في "الحكومة المؤقتة" الدكتور عبد الحكيم المصري عن قراءة حمود لأهداف روسيا من وراء الهجمات الأخيرة، قائلاً لـ"اقتصاد": "تصر روسيا على تخريب اقتصاد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حتى تُعمم الوضع الاقتصادي السيء الذي يسود مناطق النظام على بقية المناطق الأخرى".

وأضاف: "من الواضح أن روسيا تضغط كذلك على (قسد) لزيادة تدفق النفط إلى مناطق النظام، وعدم بيعه إلى المناطق المحررة، على أمل أن يحسن ذلك من الوضع الاقتصادي في مناطق النظام، وفي المقابل زيادة الأسعار في الشمال السوري، وزيادة الأعباء على تركيا التي تشرف على هذه المناطق".

وفي سياق متصل، دعا المصري إلى منع شراء النفط من مناطق سيطرة "قسد"، تجنباً للضربات المتكررة التي تستهدف أسواق بيع وتكرير النفط، وقال: "الخسائر البشرية والمادية التي تلحقها هذه الضربات، تدفعنا إلى الدعوة للاعتماد على المازوت التركي (5 ليرات تركية لليتر)، ولو كان سعره مرتفعاً عن المازوت المكرر محلياً (3 ليرات تركية لليتر)".

وأضاف الوزير، أن الهجوم الأخير خلف 5 شهداء و35 جريحاً، فضلاً عن الخسائر المادية الكبيرة، "وبالتالي نستطيع تفادي هذه الخسائر، بمنع دخول النفط نهائياً من (قسد)، والاعتماد على البديل التركي".

ولم يمنع هذا الحجم الكبير من الخسائر البشرية، عضو مركز المصالحة التابع لقاعدة حميميم، عمر رحمون، من إظهار فرحه، واصفاً الهجوم بـ"الموفق"، وقال في حسابه على "تويتر": "عصابة (قسد) تبيع النفط لشركة (وتد) التابعة للجولاني ولكافة فصائل المرتزقة، ويتمتع الجميع بالنفط السوري المسروق ويشمتون بالشعب السوري الذي لا يجد المحروقات".

وأضاف: "نرجو من الجهات المختصة متابعة الموضوع وقصف كل محطات سرقة النفط السوري من المنبع إلى المصب".

ترك تعليق

التعليق