"المخلوفية".. ديانة جديدة أم المهدي المنتظر؟


في آخر مقطع مصور ظهر فيه رامي مخلوف، وكان يوم 7 كانون الثاني الماضي، توقع أن تكون سنة 2021 هي الفيصل في ظهور المهدي، وذلك بناء على ما حدث في عام 2020، من أزمات عالمية، جراء تفشي وباء كورونا، بحسب قوله.

ورأى مخلوف أنه إذا ما حصل في العام الحالي، "زلازل مدمرة، وبراكين محرقة، ونيازك نارية ملتهبة، وفيضانات مغرقة، إضافة إلى انهيارات مالية متسلسلة، ووفيات بأعداد كبيرة متفرقة"، "فاعلموا أننا في عصر الظهور"، معتبراً أن هذه علامات كبرى تحتاج إلى وقفة مختلفة من قبل السوريين على وجه الخصوص، الذين تعرضوا لشتى أنواع الظلم على مدى السنوات العشر السابقة، دون أن يحدد هوية الظالم بالطبع.

وفي ذات التسجيل، يطلب مخلوف من السوريين أن يقفوا وقفة رجل واحد في يوم واحد في ساعة واحدة، حددها في الخامسة مساء، من يوم 15 كانون الثاني، لأداء دعاء لمدة 40 يوماً، عسى أن يعجل ذلك، كما يقول، في ظهور المهدي، الذي سيخلص السوريين من كل شيء ويعيد لهم حقوقهم المنهوبة.. ويقصد هنا أمواله التي استولى عليها بشار الأسد، لأنه في منشور لاحق، وهو الأخير، سأل متابعيه إن كانت أمواله المنهوبة التي وهبها للمحتاجين من أبناء طائفته، كما يدعي، ستعود له أم لا..؟

في مطلع آذار الحالي، تكون قد انتهت فترة الـ 40 يوماً التي حددها رامي مخلوف، لدفع البلاء الناتج عن قرب ظهور المهدي، والفكرة ليست هنا، وإنما بالأسلوب الذي يتبعه في مخاطبة أبناء طائفته، والذي يذكرنا بـ "سلمان المرشد"، في ثلاثينيات القرن الماضي، الذي انتهى به المطاف، لإعلان نفسه نبياً أو إلهاً على الطائفة العلوية، ومن ثم تأسيس طائفة جديدة خاصة به، لاتزال موجودة حتى اليوم، وتسمى "المرشدية".. وكأن رامي مخلوف يطرح نفسه بنفس المستوى، أو يأمل أن يكون له نفس الدور الذي كان لسلمان المرشد بين أبناء طائفته، لعلمه أن المذهب والدين، لايزال هو من يوحد أبناء الطائفة العلوية خلف بشار الأسد، وقبله والده حافظ الأسد.
 
الكثيرون، انتقدوا المسحة الدينية في منشورات وظهورات رامي مخلوف، واعتبروا أنها تعبر عن شخص بائس ومسكين، ولا توحي بأنه هو ذات الشخص الذي كان يتحكم بأكثر من 70 بالمئة من الاقتصاد السوري.. إلا أن مخلوف لم يكن يرمي من جميع ظهوراته ومنشوراته، مخاطبة الشعب السوري على الإطلاق، وإنما كان يهدف لمخاطبة أبناء المنطقة الساحلية على وجه التحديد، ويمكن إدراك ذلك ببساطة، من خلال تركيزه دائماً على أن الخاسر الأكبر من الاستيلاء على أمواله، هم أبناء الطائفة، لأن مساعداته كانت تصل إلى 100 ألف أسرة، أي نحو مليون شخص، بحسب قوله.

ولا بد من لفت الانتباه إلى أن رامي مخلوف، في جميع منشوراته وظهوراته، دائماً ما يوجه الاتهام لأثرياء الحرب من غير أبناء الطائفة، بأنهم يقفون وراء الاستيلاء على أمواله، ولا يتعرض لبشار الأسد بأي شيء، بل غالباً ما يوحي، بأن هذا الأخير ليس على إطلاع أو معرفة بما يجري له، ثم يطلب منه أن يتدخل لوقف ما يصفها بالتجاوزات القانونية، بحقه.
 
السبب في ذلك، أن بشار الأسد، لايزال في نظر الطائفة العلوية، هو الرئيس، أو بصورة أدق، هو ابن حافظ الأسد، الذي كاد أن يتحول في نظرهم إلى نبي أو إله، لذلك هم اليوم يطالبون بخروجه من القبر، لمساعدتهم في مواجهة الظروف الصعبة التي يعيشونها.
 
وأنا هنا أقلل من فكرة وجود نزاع داخل الطائفة العلوية، أو انقسام على أسس التبعية لبشار الأسد أو رامي مخلوف.. وكل ما في الأمر أن بشار أدرك مؤخراً، بأن حكم سوريا بناء على أسس طائفية بحتة، أمر غير ممكن على الإطلاق، وخصوصاً أنه بالغ خلال سنوات حكمه العشرين، في إعطاء الامتيازات لأبناء الطائفة، وبشكل يفوق ما فعله والده، الذي كان يركز على الجيش والأمن فقط، بينما يدع الاقتصاد لباقي الطوائف.

لذلك ما نشهده، هو محاولة بائسة ومتأخرة، من بشار الأسد، للتقرب من الطائفة السنية، عبر إعطاء وزارة الأوقاف امتيازات غير عادية، بل إن الوزير محمد عبد الستار السيد، يكاد يكون اليوم هو الشخصية الأبرز في الحكومة، ولعله الوحيد الذي سمح له بكسر صمت الحكومة بالأمس، عندما تطرق إلى الظروف المعاشية الصعبة التي يعيشها السوريون، في وقت بدأت تشكو فيه وسائل الإعلام من أن المسؤولين الاقتصاديين في الحكومة، يرفضون الظهور والتحدث عن الأزمة الحالية.

أما ما يفعله رامي مخلوف، فهو أيضاً أسلوب بائس، لحث بشار الأسد على الاستمرار بالنهج الطائفي الذي اتبعه منذ بداية حكمه، عبر الاستمرار بتمكينه من رقاب أبناء الشعب السوري، مستخدماً في ذلك العزف على الوتر الطائفي والديني، في محاولة منه لتأليب أبناء الطائفة عليه، ودفعهم للاصطفاف خلفه، أي خلف رامي.
 
وفي العموم، المتمكن قليلاً من القصص الدينية، يعلم جيداً مقاصد رامي مخلوف، لأنه يعتمد على روايات قديمة وأحاديث منسوبة للأئمة وبعضها للرسول "ص"، والتي تقول بأن الفتنة سوف تبدأ من الشام، إيذاناً بظهور المهدي.
 
لكن على ما يبدو أن بشار الأسد لا يريد للمهدي أن يظهر، وفقاً لرؤية رامي مخلوف، الذي تشير التوقعات، إلى أنه سينتهي به المطاف، إذا ما استمر على هذا الحال، لإعلان نفسه، بأنه هو المهدي.

ترك تعليق

التعليق