هل يستطيع سوريو لبنان الإضراب عن العمل؟


ما تزال الليرة اللبنانية تشهد انهياراً سريعاً ومتواصلاً، حيث سجل سعر صرف الدولار يوم الثلاثاء، (15000) ليرة لبنانية للشراء، (15100) ليرة لبنانية للمبيع، هذا الأمر كان له أثر كبير على اللبنانيين والسوريين على حد سواء. وهنا سنسلط الضوء على تأثير هذا التراجع الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية على أجور العمال في لبنان، وبالتالي تأثيره على أجور العمال السوريين هناك.

قبل الانحدار الكبير في قيمة الليرة اللبنانية منذ قرابة العام والنصف تقريباً كان سعر (1) دولار يساوي (1500) ليرة لبنانية، وكان متوسط يومية العامل 25 دولار أمريكي.

ولكن اليوم لا تتجاوز يومية العامل السوري - إذا توفر العمل- ما يعادل 4 دولار أو 5 دولار، حيث يتم منح الأجور بالليرة اللبنانية بقيمتها المنهارة وليس بالدولار.

وبذلك يبقى أصحاب العمل من أصحاب الشركات أو المتعهدين أو الإداريين، أكبر المستفيدين، بشكل فعلي، من العمال السوريين، حيث يتم دفع الأجور للعمال بناء على سعر الصرف القديم للدولار 1500 ليرة لبنانية.

وبهذا الصدد، بيّن لنا أحد العمال السوريين في لبنان أنه في الورش التي يعمل بها يتم حساب أجرة تركيب الحجر (50) ألف على المتر، والسيراميك (35) ألف على المتر، وبناء عليه فإن يومية المعلم يجب ألا تقل عن (200) ألف ليرة لبنانية ويومية العامل يجب ألا تقل عن (100) ألف ليرة لبنانية. كما أكد لنا الكثير من العمال السوريين في لبنان أنهم مجبرون على العمل بيوميات قليلة لتأمين لقمة العيش، فالعمل قليل وغير متوفر ونسبة كبيرة من الشباب السوريين اليوم بلا عمل.

في حين رجّح عدد من السوريين الذين تحدثوا إلينا، أن سبب انخفاض أجرة العامل السوري في لبنان يعود لبعض السوريين أنفسهم الذين يحصلون على المساعدات مثل "الغذائية والمالية" ومساعدة المدارس والمساعدة الشتوية أو إحداها من مفوضية شؤون اللاجئين وغيرها، فهم لا مانع لديهم من العمل بأجور منخفضة مما ينعكس سلباً على العامل السوري "الغير مخول" للحصول على مساعدات من منظمات الإغاثة الدولية.

تفاوت الأجور حسب المناطق في لبنان

تختلف أجور العمال السوريين من منطقة لأخرى في لبنان، فمثلاً:

- في بيروت أصبح معلمو الورش سواء أكانوا سوريين أو لبنانين يسعرون إيجار الورشة الجديدة التي يستلمونها بالليرة اللبنانية، وتسعّر يومية المعلم بين (100 - 125) ألف ليرة لبنانية، ويومية العامل بين (45 - 50) ألف ليرة لبنانية.

- أما في الجنوب اللبناني تسجل يومية المعلم (100) ألف ليرة لبنانية، والعامل بين (40 - 50) ألف ليرة لبنانية.

- وفي الجنوب منطقة "صور" - يومية المعلم (100) ألف ليرة لبنانية، ويومية العامل (50) ألف ليرة لبنانية.

- في الضاحية- يومية المعلم بين (45 - 50) ألف ليرة لبنانية، ويومية العامل (30) ألف ليرة لبنانية.

- في طرابلس - يومية المعلم بين (45 - 50) ألف ليرة لبنانية، ويومية العامل بين (25 - 30) ألف ليرة لبنانية.

- في البقاع - يومية المعلم بين (40 - 45) ألف ليرة لبنانية، ويومية العامل بين (20 - 30) ألف ليرة لبنانية.

- في مناطق شمال لبنان - يومية المعلم بين (40 - 45) ألف ليرة لبنانية ويومية العامل بين (25- 30) ألف ليرة لبنانية.

وفي المحصلة لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن 50 ألف ليرة لبنانية مع الارتفاع الجنوني للأسعار لا تكفي لإعداد غداء يومي للعائلة المتوسطة العدد في لبنان.

آراء متباينة للسورين في لبنان

عموماً، تختلف آراء العمال السوريين في لبنان حول انخفاض الأجور وعدم ملائمتها للارتفاع الكبير للأسعار، وعليه قمنا برصد بعض هذه الآراء:

- السوري "أمين. ع" المقيم في منطقة المنية، يقول: "صرت فاتل مطاعم لبنان كلها. أفخم مطعم بيدفع يومية 40 ألف ليرة لبنانية مع دوام 13 ساعة مع العلم سعر سندويشة وحدة من الشاورما أد راتبي".

- "أحمد.م" مقيم في منطقة حلبا، يصرّح: "اشتغلت فترة بمحل تصليح موتسيكلات مارضي المعلم يعطيني أكتر من 70 ألف بالأسبوع تركت الشغل ومن يومها لهلأ قاعد بلا شغل".

- "أبو محمد .س" المقيم في منطقة البيرة، يقول: "مو حتى يكون في شغل بالأساس لحتى نطالب بالزيادة نص العالم ما عم تشتغل واللي عم يشتغل عم يعاني من الاستغلال فعامل الحفارة يوميته 45 ألف ليرة لبنانية ويومية الحفارة لا تقل عن (10) مليون ليرة لبنانية".

- بينما قالت" سماح. م" المقيمة في العبدة: "عم اشتغل بمحل ألبسة ما عم يرضوا يعطونا يومية أكتر من (20 - 30) ألف ليرة لبنانية. المحلات بلا شغل ما حدا عم يشتري. العالم يا دوب عم تاكل".

- "أبو محمد .هـ" يتحدث حول زيادة أجرة العمل بقوله: "عم أطلب يومية (40) ألف ليرة لبنانية نكش وحفر وتنضيف. وحالياً ما في شغل. ما في حركة. وكتار عم يرضوا بأجار يومي 25 أو 30 ألف ليرة لبنانية وعم ينزعوا علينا الشغل".

- في حين يوضح "فراس.م" وهو عامل مطعم، بأنه لا يوجد خيار آخر: "عم اقبض بالشهر 400 ألف ليرة لبنانية بيقولولك هاد الموجود. العالم قاعدة. مو أحسن من قعدة البيت!".

وأخيراً

لعل ما يلخص المعاناة وحلّها، ما قاله "أبو إبراهيم .ح"، أحد السوريين المقيمين في لبنان، ممن تحدث إلينا قائلاً: "كل عمرنا منشتغل عالدولار وبنحسب الأجار ومنضربه بالعملة اللبنانية ليش تقاعسنا وتخاذلنا وصرنا نخاف من الجوع، إضراب شهر عن الشغل بيصير أجار الأسبوع بشهر".

فهل هذا ممكن في ظل هذه الأوضاع المعيشية المُرّة؟! يبقى الجواب محط خلاف بين السوريين في لبنان.

ترك تعليق

التعليق