الحسابات الاقتصادية حاضرة.. ماذا وراء التصعيد الروسي في إدلب؟


عاد شبح المواجهة العسكرية ليخيّم على إدلب ومحيطها، مع توجيه روسيا والنظام ضربات جوية على أهداف قرب الشريط الحدودي مع تركيا.

وحسب مصادر محلية، تركزت الضربات الجوية والصاروخية على طريق معبر باب الهوى ومعمل الغاز بأطراف مدينة سرمدا شمال إدلب، والجبال الواقعة بين بلدتي سرمدا وبابسقا، المكتظة بتجمعات النازحين.

وقبل الضربات بساعات، تم استهداف المشفى الجراحي بمدينة الأتارب غربي حلب، بقذائف مدفعية، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص، وخروج المشفى عن الخدمة.

ومن الواضح أن الضربات الأخيرة تركزت على البنى التحتية والاقتصادية، ما يُوحي بأن لروسيا أهدافاً اقتصادية من هذا التصعيد، إلى جانب الأهداف العسكرية الواضحة، المتمثلة باستهداف مناطق على مقربة من الشريط الحدودي التركي.

استنزاف المناطق المحررة

ويمكن إدراج الضربات الأخيرة في إطار المساعي الروسية الهادفة إلى استنزاف المناطق الخارجة عن سيطرة حليفها الأسد، كما هو حال الضربات الأخيرة التي استهدفت مناطق تكرير وبيع النفط في ريف حلب الشمالي الشرقي قبل أيام.

وحسب نائب المسؤول السياسي في "لواء السلام"، هشام سكيف، فإن روسيا التي تعيش مأزقاً بسبب عجزها عن تسويق النظام السوري عربياً ودولياً وحل أزماته الاقتصادية، لديها أهداف تتمثل في استنزاف مناطق المعارضة اقتصادياً.

وقال لـ"اقتصاد"، إن مأزق روسيا دفعها إلى التحرك لتكثيف الضغط العسكري "المحدود"، وضرب عصب اقتصاد المناطق المحررة (أسواق النفط، معامل الغاز، مستشفيات، مناطق التجارة).

ومع الفشل الروسي في إنعاش النظام، يواجه الأخير معالم ثورة جياع في مناطق سيطرته، حسب وصف "سكيف"، الذي يضيف موضحاً أن روسيا تحاول خلق توازن اقتصادي بين مناطق النظام والمعارضة، بضرب عصب اقتصاد الأخيرة.

بدوره، يرى الناشط السياسي عاطف زريق، من إدلب، أن التصعيد الأخير يبعث رسائل عدة، في الشقين العسكري والاقتصادي، موضحاً لـ "اقتصاد" أن "روسيا تريد أن لا تبقى كفة المناطق المحررة، الاقتصادية، راجحة على كفة النظام".

وقال زريق: "ركزت روسيا في ضرباتها الأخيرة على معمل الغاز، والكازيات القريبة من معبر باب الهوى، وقبلها ضربت تجمعات بيع وتكرير النفط في شمال شرق حلب، لتزيد من الأوضاع الاقتصادية صعوبة في مناطق المعارضة، بحيث تجعل الكفة متساوية مع مناطق سيطرة النظام".

أما القيادي في "فرقة المعتصم"، الفاروق أبو بكر، فقد ميّز خلال حديثه لـ"اقتصاد"، بين التصعيد في إدلب، والضربات السابقة التي طالت مناطق تكرير وبيع النفط شمال شرق حلب.

وقال: "الهدف من الضربات شمال حلب، التأكيد بأن روسيا لن تسمح بحرمان النظام من النفط، أما في إدلب فإن الواضح أن المقصود بالضربات تركيا وأوروبا".

وأوضح أبو بكر، أن الموقف الأوروبي الأخير الرافض للانتخابات الرئاسية، وكذلك تمويل إعادة الإعمار، دفع روسيا إلى تهديد تركيا وأوروبا بورقة اللاجئين مجدداً.

في المقابل، ربطت مصادر مطلعة التصعيد الروسي بعدم توصل كل من أنقرة وموسكو إلى تفاهمات نهائية على الوضع في شمال غرب سوريا، وتحديداً حيال افتتاح الطريق الدولي "إم 4" أمام حركة المرور.

في السياق، طالبت وزارة الدفاع التركية النظام السوري بالتوقف عن استهداف منطقة خفض التصعيد بإدلب، وأضافت في بيان أنها طالبت كذلك الجانب الروسي بوقف الهجمات فوراً.


ترك تعليق

التعليق