حازم قرفول.. "البقرة" التي سقطت


إلى ما قبل ظهر أمس، كان حازم قرفول، حاكم المصرف المركزي، يوصف في وسائل إعلام النظام بالذكاء والحكمة والمقدرة على إدارة أزمة الليرة السورية في الآونة الأخيرة، لكن بعد الظهر اختلف كل شيء، مع إصدار بشار الأسد مرسوماً بعزله من منصبه، حيث سارعت تلك الوسائل لتغيير لغتها، وأخذت تحز السكين على رقبة قرفول، محملة إياه كل الأزمات والمشاكل الاقتصادية والمعاشية التي مرت على البلد، منذ توليه منصبه بعد منتصف العام 2018 وحتى اليوم.

لقد خرجت فجأة المقالات والآراء التي تتحدث عن مساوئ حازم قرفول، والقرارات الكارثية التي اتخذها، وأدت إلى انهيار سعر الصرف، بينما أبسط العارفين بشؤون سوريا، يعلم أن حاكم المصرف المركزي، ليس أكثر من رجل كرسي، وواجهة لأجهزة المخابرات التي تلقي عليه القرارات التي يجب أن يتخذها، بما في ذلك طريقته في التنفس والكلام.
 
ومن مساوئ تولي المناصب في سوريا، أن المنقلبين عليك بعد تركك للمنصب، هم أقرب الناس إليك، أو الذين كانوا إلى فترة قريبة يشيدون بجهودك وأداءك الرائع في إدارة المؤسسة التي تتولاها.. وهو أسلوب يبرع فيه نظام الأسد، عندما يقرر أن يتخلص من شخص بشكل نهائي، بحيث لا يعود له وجود على الساحة بعد اليوم.. وعلى ما يبدو أن حظ حازم قرفول العائر، قاده لأن يكون أحد هؤلاء الأشخاص، في مرتبة لا تقل إهانة، عما تعرض لها نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، أو غيرهم من الشخصيات الرسمية التي انشقت عن النظام بعد العام 2011.

فعلى سبيل المثال، أفرد موقع "الاقتصاد اليوم" مقالاً يتحدث عن أبرز القرارات التي اتخذها حازم قرفول منذ العام 2019، وتسببت في انهيار سعر الصرف، بدءاً من رفضه ضخ الدولار في الأسواق، كما كان يفعل سلفه أديب ميالة، ووصولاً إلى اعتماده على الحل الأمني في معالجة المشاكل المرتبطة بالمتعاملين بالدولار، ومنها التضييق على شركات الصرافة والحوالات.. ومن يقرأ المقال وبهذا التفصيل في القرارات التي اتخذها قرفول، لا يخاله الشكل بأن جهة أمنية ما، كانت تحضر للإيقاع به قبل فترة ليست بالقصيرة، ثم أعدت هذا الملف من أجل أن يكون أداة إدانة له.

أما موقع "أثر برس" الموالي، فقد استعان بمحلل كان لفترة قريبة يشيد بحنكة المركزي في معالجة أزمة انهيار سعر صرف الليرة، ونقصد به "الزبدية الصيني" عمار يوسف، الذي يتم الاستعانة بآرائه عبر عدة ألقاب، فهو تارة خبير اقتصادي، وتارة أخرى خبير عقاري، وثالثة محلل مالي.
 
يقول يوسف، إنه "منذ بداية تعيين الحاكم السابق للمصرف المركزي حازم قرفول شهدنا تدهوراً وانهياراً لليرة السورية"، لافتاً إلى أن نتيجة سياسات المركزي السابقة الفاشلة فإن جميع شرائح المجتمع باتت تمتلك الدولار، مما تسبب بحدوث فوارق كبيرة وعدم استقرار بسعر الصرف.

ولا ننسى بالطبع موقع "سيرياسيتبس" الذي كتب مقالاً بعد إقالة قرفول بساعة واحدة، تحدث فيه عن الأسباب التي دفعت بشار الأسد لعزله، وذلك بسبب الكوارث التي ارتكبها في إدارة المركزي، بحسب قوله.. غير أنه للمفارقة، كان هناك في ذات الصفحة الرئيسية مقال آخر، يشيد بحازم قرفول وإنجازاته في إدارة المركزي، وكيف أنه استطاع أن يهبط بالليرة مقابل الدولار إلى نحو 3 آلاف، بعد أن كادت أن تصل إلى 5 آلاف ليرة للدولار.
 
هذا باختصار حال سكاكين إعلام النظام، بعد أن سقط "البقرة"، حازم قرفول.


(الصورة المرفقة أرشيفية لحاكم المصرف المركزي السابق، حازم قرفول، خلال لقاء مع قناة الميادين الداعمة للنظام)

ترك تعليق

التعليق