"الدولار الآجل".. يسحب الليرة من "تجار النظام"، والقطع الأجنبي من جيوب "مضاربي الشمال"


يسعى النظام السوري لتقليص الفارق بين سعري السوق السوداء للدولار أمام الليرة السورية والتسعيرة الرسمية. وتعرض شركات صرافة مرخصة من قبل النظام سعراً مغرياً للدولار الآجل يتجاوز التسعيرة الرسمية ببضعة مئات من الليرات.
 
وفيما يرجح خبراء حدوث تصحيح سعري قريب في الليرة السورية كنتيجة مباشرة لهذه الخطوة، يشير نفس الخبراء إلى وجود غاية أكبر مسرحها السوق العائمة التي يعد الشمال السوري رأس حربتها. وفقاً لهذه الفرضية، يكون استجرار كميات ضخمة من القطع الأجنبي، من هذه المناطق، هو أحد الأهداف القريبة، وذلك عبر تحفيز الإقبال على العملة المحلية بدءاً من رمي سنارة البيع الآجل للدولار وما تتضمنه من مغريات للمضاربين.

البداية بتجفيف الليرة

يقول الباحث الاقتصادي يونس الكريم لـ "اقتصاد" إن الهدف الحالي من عرض الدولار الآجل بأسعار تبدأ من 2790 ليرة هو سحب الليرة السورية من السوق بغرض التلاعب بالعرض والطلب، للوصول إلى غاية أساسية تتكون من شقين: داخلي وخارجي. الأول يتمثل في تخفيض سعر الدولار في محافظات سوريا الداخلية، في حين يسعى الثاني لتحفيز المناطق الأخرى خارج سيطرة النظام على اتباع ذات الأسعار.

ويتابع: "عند سحب الليرة لن يتمكن التجار والصناعيون على حد سواء من شراء السلع والبضائع من الأسواق الداخلية وهي دمشق حلب درعا"، ويضيف بأن "هذا سيلغي الطلب والعرض وتقود سياسة القطيع صغار المضاربين إلى الإقبال على شراء الدولار وبيعه بناء على الأسعار المنخفضة في سوق دمشق".

ويرجح الكريم أن النظام سيحصل، إضافة لتصحيح سعر الليرة، على كميات كبيرة من القطع الأجنبي من السوق الشمالية العائمة وذلك بعد إغراء المضاربين فيها على شراء الليرة وطرح ما يملكونه من القطع الأجنبي في السوق. ويقول إنه يتوقع أن يكون حجم التدفق اليومي نحو مناطق النظام أكثر من مليون دولار.

رأسمال كبير

تتحرك شركات الصرافة التي يحدد النظام عن طريقها سعر الدولار وفق طرق محددة تقوم على جمع الليرة السورية من السوق، وهذا ما يظهر من خلال الإعلان الجديد حول البيع الآجل للقطع الأجنبي. هذه الخطوة من شأنها تقليص حجم الليرة في السوق وبالتالي يقل العرض وسعر الليرة يتحرك نحو الارتفاع.

يقول الباحث الاقتصادي خالد التركاوي لـ "اقتصاد" إن النظام يستفيد، كما شركات الصرافة المرخصة، من الإجراء الحالي، على حد سواء: "النظام يكسب من خلال تصحيح سعر الليرة، بينما تحصل شركات الصرافة عبر استدراج كميات كبيرة من الليرة على رأسمال كبير في خزائنها، وبإمكانها استعمال هذه الأموال في أي من الاستثمارات العاجلة".

مصيدة للسوق السوداء

يرجح التركاوي أن السعر المطروح للدولار الآجل في السوق يتفاوت بحسب المدة، كما أنه يعرض على شكل شرائح زمنية تتكون من 10 أيام،  و20 يوماً، وحتى 30 يوماً، تلتزم الشركات من خلالها بتسليم الدولار بأسعار متفاوتة تقدر حسب المدة، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمال وجود فترات زمنية وأسعار غير معلنة. الهدف هو جمع أكبر قدر من الليرة من الأسواق، خاصة وأن رمضان يشكل فترة تنشيط للسوق.

يتفق التركاوي مع يونس الكريم في أن لخطة البيع الآجل بعداً آخر يتجاوز مناطق سيطرة النظام. ويقول إنها ستكون مصيدة للمضاربين في سوق الشمال العائمة على افتراض أن هناك شركات عديدة ستلجأ لتطبيق نفس الفكرة بهدف جني الأرباح والحصول على رأسمال كبير، إضافة لتعزيز الثقة بالليرة السورية والدفع نحو عقد صفقات لشرائها على أمل أنها قادمة على تصحيح سعري كبير يزيل الفجوة بين سعري السوق السوداء والمصرف المركزي.

ترك تعليق

التعليق