حصار "درعا البلد" يتواصل.. ويفاقم الأوضاع المعيشية للأهالي


تواصل قوات نظام الأسد، وللأسبوع الثاني على التوالي، فرض حصارها الخانق على مدينة درعا البلد، وذلك انتقاماً من أهلها لعدم مشاركتهم في مسرحية الانتخابات الرئاسية، التي أجراها النظام السوري مؤخراً، الأمر الذي تسبب في تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية لسكان المدينة التي تضم 11 ألف عائلة معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن حسب بعض المصادر، يتوزعون إضافة لدرعا البلد في حي طريق السد ومخيم اللاجئين الفلسطينيين.

وتقول مصادر محلية من داخل درعا المحاصرة، إن البلدة والأحياء المذكورة بدأت تشهد شحاً في المواد التموينية والاستهلاكية والأدوية والطحين والخبز، وتراجعاً كبيراً في تقديم الخدمات العلاجية، وذلك بعد أن أحكمت قوات النظام حصارها على البلدة القديمة، وأغلقت جميع الطرق التي تربطها مع المناطق الأخرى بشكل شبه كامل، كإجراء ضاغط يهدف إلى تركيع أهلها وإجبارهم على الإذعان لمطالب النظام و"الضامن الروسي"، في تسليم أسلحة فردية أتت حيازتها ضمن شروط تسوية سابقة.

ولفتت المصادر، إلى أنه تحت ضائقة الحصار، اضطرت عشرات العائلات إلى النزوح من مخيم اللاجئين الفلسطينيين باتجاه بعض المناطق، بعد أن اشترطت حواجز النظام عليها عدم حمل أي متاع، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان وفق مراقبين مشاهد الحصار السابقة التي كانت تفرض على مناطق شاسعة من المحافظة قبل سيطرة النظام عليها.
 
المصادر ذاتها، أكدت أن الحصار الخانق الذي يفرضه نظام الأسد على الأهالي، تسبب في الحد من الأنشطة الاقتصادية، وأعاق حركة التنقل بين درعا البلد وباقي المناطق، لا سّيما مع درعا المحطة، التي يمارس فيها معظم سكان درعا البلد أنشطتهم الاقتصادية والمهنية والتجارية والوظيفية، ما فاقم من سوء الأوضاع المعيشية، التي هي سيئة في الأصل، في ظل الارتفاع الكبير للأسعار، والشح في توفر المواد الأساسية، وغياب مصادر الدخل الثابتة. 

ويقول "محمد، م"، 30عاماً، وهو يعمل في محل تجاري، إنه فقد دخل مصدر رزقه الأساسي بسبب الحصار، لافتاً إلى أنه لم يعد قادراً على التوجه إلى عمله في درعا المحطة منذ إطباق الحصار على درعا البلد التي يسكن فيها.

ولفت إلى أن قوات النظام تمنع خروج سكان درعا البلد من المناطق المحاصرة، بما فيهم المرضى وكبار السن، كما شنت حملة تفتيش على الهويات في درعا المحطة، واعتقلت بعض الشباب التي تعود قيودهم إلى درعا البلد.
 
وأشارت المصادر إلى أن ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية، لوحظ بالتزامن مع تواصل أيام الحصار المفروضة على درعا البلد، والأحياء الأخرى، قدر مبدئياً بما بين 15 و20 بالمئة زيادة عن المناطق المجاورة، فيما تجاوز سعر لتر البنزين أكثر من 3500 ليرة سورية.

وطالب الأهالي وفق بعض النشطاء، المجتمع الدولي، بالتدخل العاجل لرفع الحصار الجائر المفروض على مناطقهم، بعد أن ازدادت الأوضاع الإنسانية سوءاً مع صعوبة الحصول على الخدمات الصحية الضرورية وغياب مصادر الدخل وتراجع الخدمات الأساسية في مجال المياه والكهرباء.
 
ولفت عدد من الأهالي في درعا إلى أنهم غير مستعدين لمثل هذا الحصار الذي فرض عليهم بشكل مفاجئ، في ظل الشح بالمؤن وعدم توفر مقومات العيش لفترات طويلة، وسط غياب كبير للمنشآت الصحية والخدمية، ولكنهم مع ذلك يصرون على البقاء صامدين، لافتين إلى أن السلاح الذي يطالب النظام و"الضامن الروسي"، بتسليمه، هو سلاح فردي، وهو مملوك للأهالي يستخدمونه للدفاع عن أنفسهم في ظل الفوضى الكبيرة التي أوجدها النظام منذ سيطرته على المحافظة في آب عام 2018. 

وأكدوا أن البقاء على السلاح الفردي لدى الأهالي، يأتي ضمن شروط التسوية التي تمت في تموز من العام 2018، بين المسلحين المعارضين وقوات النظام بضمانة روسية، والتي يحاول النظام و"الضامن الروسي" الانسحاب من جميع شروطها، وفق العديد من المصادر.

يشار إلى أن الحصار الجائر على درعا البلدة، والذي يقترب من الدخول في أسبوعه الثالث، يأتي على خلفية رفض أهالي درعا والوجهاء وأعضاء اللجنة المركزية الانصياع لمطالب "الضامن الروسي"، في تسليم السلاح الفردي المتواجد لدى الأهالي، والسماح لقوات النظام بتفتيش منازلهم دون وجود مبرر لذلك، في ظل تحول دور المحتل الروسي من ضامن لشروط التسوية، إلى وسيلة ابتزاز تمارس على الأهالي من خلال الحصار المفروض والتهديد بالسماح لميليشيات إيران الطائفية باستباحة المدينة وهذا الأمر هو ما يثير استغراب الأهالي حسب بعض المصادر. 

ترك تعليق

التعليق