الحرفيون أيضاً.. يهاجرون من سوريا


بعد الصناعيين والتجار، بدأت نخب رسمية، تابعة للنظام، تحذّر بصورة مباشرة، من هجرة الحرفيين أيضاً.

ووفق تصريحات أدلى بها، رئيس الاتحاد العام للحرفيين، ناجي الحضوة، لصحيفة "الوطن" الموالية، فإنه لاحظ كثرة طلبات الحرفيين الذين يرغبون في استصدار وثائق إثبات حرفي أو شهادات حرفية، لغاية السفر.

وأرجع رئيس اتحاد الحرفيين ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة التقنين في حوامل الطاقة، وبالتالي أصبحت قيمة المنتج النهائي مرتفعة ولا تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن، فأصبح الحرفي أمام خيارين إما الهجرة للعمل في الخارج كي يسد رمق معيشته أو محاولته التعامل مع الوضع كما هو في الداخل.

لكن رئيس اتحاد الحرفيين، التابع للنظام، حاول في تصريحاته لـ "الوطن"، أن يعدد محاولات حكومة النظام للحد من ظاهرة هجرة الحرفيين، مشيراً إلى إتاحتها المجال لمنح القروض لهم، بفائدة مدعومة من جانبها، في محاولة منه، لعدم إلقاء المسؤولية على أداء نظام الأسد وسياساته الاقتصادية في دفع الصناعيين والحرفيين والمهارات السورية للهجرة. إذ أشار رئيس اتحاد الحرفيين إلى دور "الحصار" بوصفه السبب الرئيس في رفع تكاليف الإنتاج بسوريا.

فيما قدّم الخبير الاقتصادي، عمار يوسف، عبر "الوطن"، قراءة مختلفة، حول أسباب هجرة النخب الاقتصادية والحرفيين، من البلاد، إذ أرجع ذلك إلى تضييق حكومة النظام على الصناعيين عبر القرارات المالية المتعلقة بالضرائب، إلى جانب الروتين القاتل الذي يتسم به القطاع العام، بالتوازي مع عوامل الجذب من التسهيلات الكبيرة التي تقدمها بعض الدول للمستثمرين السوريين كمصر.

وقال يوسف إن المعادلة بسيطة: تضييق الحكومة عبر إجراءاتها وعدم توافر حوامل الطاقة التي ترتفع أسعارها كل فترة، مقابل المميزات المقدمة من دول أخرى، أي عامل جذب من الخارج وتنفير من الداخل.

وفي نفس التقرير لـ "الوطن"، تحدثت وزيرة الاقتصاد السابقة، لمياء عاصي، مؤكدةً وجود حالة هجرة للشباب السوري، يؤكدها الازدحام الشديد في فروع الهجرة والجوازات للحصول على جواز السفر، مشيرةً إلى أن موجة الهجرة الجديدة للسوريين لها أسباب اقتصادية.

وأضافت عاصي أن سوريا أصبحت الأقل دخلاً في العالم، وبالتأكيد هجرة المنتجين سواء الصناعيين أم الحرفيين ستفاقم الوضع الاقتصادي لسوريا وتستدعي سرعة في الإجراءات لمعالجة هذا الوضع الخطير.

وتحدثت عاصي عن تأثير الإعلانات عن بيع العقارات بداعي السفر في سوق العقارات مشيرةً إلى وجود عرض كبير لا يقابله طلب مماثل، إذ إن أغلبية المواطنين في جانب الطلب لا يمتلكون الملايين المطلوبة كأسعار لهذه العقارات، ولكون أول خطوة تفرضها الهجرة هي تسييل الأصول الثابتة وخصوصاً العقارات وبسرعة كبيرة، ما يسبب انخفاض السعر مقوّماً بالعملات الأجنبية، وبالتالي ارتفاع أسعار العقارات بالعملة السورية هو نتيجة التضخم الكبير الذي تشهده البلاد.

ورأت عاصي أن المطلوب من حكومة النظام في هذه الفترة، العمل على تفكيك الأسباب التي دعت الناس للهجرة ولو جزئياً، وليس الإجراءات الزجرية والقسرية، ولعل أولها، رفع المستوى المعيشي للناس والقدرة الشرائية للدخل، وتحسين الخدمات المقدمة للناس ولاسيما الكهرباء ووسائل النقل، ورعاية مشاريع صغيرة لامتصاص البطالة وتخفيف حدة الفقر لأن ارتفاع حجم الناتج محلياً هو المحرك الأساسي للعجلة الاقتصادية، والمعالجات جميعها يجب أن تكون وفق قوانين السوق، حسب وصفها.

ترك تعليق

التعليق