الحكومة التركية تعيد العمل بقانون قديم يجيز لها وضع اليد على عقارات السوريين


أعادت الحكومة التركية تطبيق قانون صدر عام 1927 يتيح لها وضع اليد على أملاك السوريين وضمها لصالح الخزينة التركية العامة، وبموجب هذا القانون يُمنع السوريون من تملك العقارات ويجيز هذا القانون استيلاء الدولة على أملاكهم إن أسقطت الجنسية عنهم لأي سبب، ومن حق الدولة وضع اليد على أملاك من توفي  منهم إذا كانت أصولهم سورية، بالتالي لا يحق لورثتهم تملك هذه العقارات من بعدهم إلا للسكن أو التأجير، ولكن لا يمكنهم بيعها -استناداً إلى القانون رقم (1062 ) الذي وضعته تركيا حيز التنفيذ بتاريخ 28/ 5/1927.

ويعود سن هذا القانون إلى الخلاف الذي حصل بين الحكومة التركية آنذاك وحكومة الانتداب الفرنسي في سوريا، بعد استفتاء لواء إسكندرون وضمه إلى ولاية هاتاي التركية، الأمر الذي قابلته حكومة الانتداب بحجز أملاك الأتراك في سوريا، فقامت الحكومة التركية بحظر تملك السوريين في تركيا للعقارات.
 
وأفاد الناشط "علي الأحمد" لـ"اقتصاد" أن القانون  المذكور والصادر عن دائرة الطابو ينص على أن "كل شخص جنسيته تركية ويمتلك عقاراً في تركيا، وزوجته وأولاده لا يحملون الجنسية التركية، إذا مات لا ترثه عائلته وتذهب أملاكه للدولة التركية"، بمعنى أن الميراث المتروك يستحقه فقط من يحملون الجنسية التركية. وينص القانون –بحسب الأحمد –على أن "السوري الحاصل على الجنسية التركية في حال وفاته وله أقارب سوريين فقط وليسوا أتراكاً يحق للدولة بيع أملاكه وإعطاء قيمتها للورثة السوريين، وفي حال باع السوري الحاصل على الجنسية التركية عقاره لسوري آخر حاصل على الجنسية التركية يجب أن يحصل على موافقة şehircilik ve çevre müdürlüğü -إدارة العمران والبيئة من أنقرة-، أما في حال بيع العقار إلى مواطن تركي فلا يحتاج إلى تلك الموافقة.

 وكشف محدثنا أن موظفي  إدارة الطابو التركية الرسمية بدأوا بكتابة تعهدات من السوريين بتطبيق هذا القانون الذي ينص على أن يعيد السوري المجنس العقار الخاص به إلى خزينة الدولة في حالتين:

 1: حدوث وفاة للشخص المورث دون وجود ورثة يحملون الجنسية التركية. 
 2: تنازل الشخص عن الجنسية أو سحبها أو سقوطها لأي سبب من الأسباب.

  وفي حال تم التوقيع على التعهد أو لم يتم، يعتبر القانون 1062 نافذاً. مع التنويه إلى أن حصول السوري لاحقاً أو ورثته على الجنسية لا يؤثر على حادثة المصادرة.

مبدأ المعاملة بالمثل

وصدر في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2005 قرار من البرلمان التركي يمنح الأجانب حق تملك العقارات على الأراضي التركية وفقاً لمبدأ التعامل بالمثل، أي بمعنى منح حق تملك العقارات لمواطني الدول الأجنبية التي تمنح حق تملك العقارات للمواطنين الأتراك على أراضيها. ولكن تم إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل فيما بعد -بحسب شركة مرساة المتخصصة بالعقارات في تركيا- التي أشارت على موقعها الإلكتروني إلى أن هذا القرار الجديد جاء وفقاً للتعديل الحكومي على المادة 35 من القانون العقاري رقم 2644 والصادر بتاريخ 18 آذار/مارس 2012. ويتوجب على الأجنبي الذي تملك قطعة أرض بهدف إقامة بناء عليها، مراجعة البلدية ومديرية الزراعة في الولاية التي توجد فيها الأرض لتسوية المعاملة العقارية قانونياً.

تعدٍ على حقوق الملكية

وبدوره قال مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فضل عبد الغني، في حديث لـ"اقتصاد"، إن للدولة التركية الحق في وضع قوانين وقواعد لضبط عمليات شراء العقارات على أراضيها، ولكن هذا القانون-كما يقول- مخصص للسوريين وهذا يعني تمييزاً حسب الجنسية ومن هنا تأتي خطورة هذا القانون، إذ يفترض بالدولة أن تحقق المساواة في وضع القوانين وتطبيقها على الجميع مواطنين وأجانب، وأن لا تستثني جنسيات دون أخرى.

 وتابع أن مثل هذا التمييز يشكل انتهاكاً لمبدأ أساسي من حقوق الإنسان وهو عدم التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الطائفة ولو كان هذا القانون مطبقاً على الجميع لأمكن تفهمه.

 ولفت المصدر إلى أن القانون المذكور الذي يخص اللاجئين السوريين لم يكن موضحاً لقسم من السوريين ربما اشتروا عقارات، مضيفاً أن عدم تبيان بنود هذا القانون ونشرها بشكل واضح للتذكير بها، يشكل نوعاً من التعدي على حقوق الملكية، والكثير ممن اشتروا -حسب قوله- لم يخطر لهم الإطلاع على بنود التملك في القانون التركي.

 وعبّر "عبد الغني" عن اعتقاده بأن مثل هذا القانون طارد للاستثمار ورؤوس الأموال، فمئات السوريين اشتروا عقارات في مختلف أنحاء البلاد وبعد ظهور هذا القانون سيحجم الكثيرون عن الشراء وربما يؤدي هذا الأمر إلى هجرة  السوريين من تركيا.

ترك تعليق

التعليق