ماذا وراء حديث النظام عن إعادة تقييم أسعار الإيجارات لممتلكات الدولة؟


يكرر النظام السوري من وقت لآخر الحديث عن عدم عدالة أسعار إيجار العقارات والأراضي المملوكة للدولة المؤجرة للقطاع الخاص.

وجاء آخر التصريحات على لسان وزير مالية النظام كنان ياغي، عندما قال إن عشرات الآلاف من الأصول الخاصة المملوكة للدولة تؤجر أو تستثمر حالياً بأبخس الأثمان، مثل المحلات أو العقارات بوسط دمشق، التي تؤجر بـ1000-5000 ليرة سنوياً، بينما القيمة الحقيقية لإيجاراتها مئات الملايين.

وكشف ياغي عن اعتزام وزارته معالجة ملف إعادة إدارة واستثمار الأصول الخاصة المملوكة للدولة، بما يؤمن موارد كبيرة ومهمة للخزينة والموازنة العامة.

حديث ياغي عن العمل على معالجة هذا الملف، ليس الأول من نوعه، ففي العام 2016 أعلنت حكومة عماد خميس السابقة، عن نيتها فتح هذا الملف، لكن الملف بقي حبيس الأدراج، باستثناء إعادة تقييم إيجارات مول قاسيون والمالكي.

وأرجع عضو "هيئة القانونيين السوريين" المحامي عبد الناصر حوشان، عدم التقدم في هذا الملف إلى تعارض هذا التوجه مع مصالح عدد كبير من المتنفذين.

وقال لـ"اقتصاد"، إن النظام من وقت لآخر يحاول تحريك هذا الملف، وذلك تأثراً بحجم الضائقة الاقتصادية عليه، ملمحاً كذلك إلى وجود أصابع إيرانية، وراء تحريك هذا الملف، حيث تخطط إيران لإقصاء طبقة التجار من الأسواق التجارية في قلب المدن الرئيسية، والتي غالبية المحال فيها مملوكة للدولة (أملاك دولة، أوقاف).

وأوضح حوشان، أن إيران تخطط للاستيلاء على هذه المحال، مشيراً في هذا الصدد إلى استياء إيران من قلة حجم استفادتها الاقتصادية في سوريا، مقارنة بروسيا.

وحسب المحامي، فإن بدء النظام بإعادة تقييم أسعار الإيجارات وفق السعر الرائج، يعني خروج شريحة واسعة من التجار من السوق السورية، لأن غالبيتهم يعانون أساساً من ضعف الحركة التجارية، وعدم استقرار الأسعار، مما قد يدفعهم إلى ترك محالهم، وهو ما تسعى إليه إيران.

ويتفق مع حوشان، نائب نقيب الاقتصاديين في الشمال السوري، الاقتصادي خيرو العبود، الذي حذر من وجود مخططات إيرانية تهدف إلى السيطرة على القلب التجاري للمدن السورية الرئيسية (دمشق، حلب).

وتتقاطع مصالح إيران مع النظام السوري في هذا التوجه، وفق تأكيد العبود لـ"اقتصاد"، الذي أوضح أن "النظام السوري يبحث عن موارد اقتصادية، ويأتي إعادة تقييم أسعار الإيجارات في هذا الإطار".

لكن وحسب الاقتصادي، فإن عدم توفر أي مقوم للاستثمار في سوريا، وغياب الاستقرار، يجعل من كل حركة يقوم بها النظام في غير صالحه، مرجحاً أن تسهم الخطوة في تطفيش المزيد من التجار السوريين.

وحسب وكالة إعلام النظام "سانا"، ارتفعت أسعار العقارات خلال العقد الأخير 10 أضعاف، إلا أن هناك عقارات للدولة مؤجرة للقطاع الخاص بأسعار زهيدة، كتلك التي تقع قرب مبنى محافظة دمشق منها ما هو مؤجر بمبلغ 100 ليرة سورية للدونم الواحد.     
 
يذكر أن وزيرة الاقتصاد السابقة التابعة للنظام، لمياء عاصي، اقترحت بأن تتولى إدارة الملكيات العامة، هيئة مستقلة ومتخصصة بإدارة العقارات والأراضي والمؤسسات.

ترك تعليق

التعليق