عمرو سالم.. وزير السكر


يعتقد من يتابع اهتمام وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام، بموضوع مادة السكر، والحرب "الدينكوشيتية" التي يخوضها في كل الاتجاهات من أجل توفيرها في صالات السورية للتجارة، بأنها المشكلة الأعقد التي يواجهها المواطن السوري، وهو ما يذكرنا بوزير التموين الأسبق عبد الله الغربي، الذي اختار الخبز، لكي يخوض نفس المعركة، لكن المطاف انتهى به متهماً بذمته المالية والأخلاقية.

اهتمام سالم بموضوع توفير مادة السكر على هذا النحو، يرى فيه العديد من المراقبين بأنه مبالغ فيه، ومن جهة ثانية، فإنه يحط من قدره وقيمته كوزير، لأنه يفترض به أن يتجه لرسم السياسات الاقتصادية لوزارته، لا أن يتحول إلى مضارب على مادة السكر والرز، ويصور الأمر على أنه في حال انتصر في هذه المعركة، فكأنما حقق إنجازاً عظيماً..!

هناك اليوم مشاكل اقتصادية ومعاشية يواجهها السوريون، أعقد بكثير من توفير مادة السكر، التي هي في النهاية، خاصة بشرب الشاي، وفي المقابل فإن ما يقلق السوريين اليوم، ليس ما يشربون، وإنما ما يأكلون.. 
وخصوصاً بعد أن وصلت أسعار الخضار إلى مستويات غير معقولة، كالبندورة التي تباع بألف ليرة للكيلو، والخيار الذي وصل سعره إلى أكثر من ألف ليرة، فضلاً عن انقطاع الزيت بشكل نهائي من الأسواق، فيما متوسط الدخل غير قادر على تلبية احتياجات الناس من الخبز فقط.

اهتمام وزير التموين بمادة السكر على هذا النحو الغريب، لا يوجد ما يفسره، سوى حالة الإحباط التي يشعر بها، بعد أن تبين له أن القضايا التي يستطيع التدخل فيها، بسيطة للغاية، وذلك بعد أن تم طي قراراته المتعلقة بتوزيع الخبز، وتوبيخه عليها، في أول أيام عمله في الوزارة، وتنبيهه بأن الولوج لمثل هذه القرارات ليس من صلاحياته، وإنما هو سياسة اقتصادية يتم رسمها وإقرارها من أعلى سلطة في البلد.. لذلك وسط هذا التضييق على حركة الوزير، لم يجد أمامه سوى السكر.. حيث أنه الموضوع الوحيد المتاح حالياً، لكي يبرز إمكانياته.. وفي حال فشل، فإن أول اتهام سيوجه إليه، بأنه إذا انهزم في هذه المعركة البسيطة، فكيف سينجح في غيرها الأصعب منها..؟!

لهذا، يستقتل الوزير عمرو سالم من أجل الانتصار في معركة السكر، حتى لو أدى به الأمر لاستيراد السكر على نفقة الدولة أو نفقته الشخصية.. فهي على ما يبدو معركة مصيرية بالنسبة له، وملف الفساد والفشل الذي يحمله منذ العام 2007، عندما كان وزيراً للاتصالات، لا يتحمل ملفاً آخر.  

ترك تعليق

التعليق