الليرة التركية تتسبب بغلاء فاحش في إدلب عشية انهياراتها المتتالية


أدى التدني غير المسبوق في قيمة الليرة التركية التي تعد عملة التداول الأساسية في محافظة إدلب إلى حالة ركود تجاري بسبب انعكاس سعر الصرف المنخفض لليرة سلباً على الأسعار. وتعيش المنطقة حالة غلاء فاحش يطال معظم القطاعات بما فيها: المعيشي والخدمي والصحي.

ويشكو تجار ومستهلكون، على حد سواء، من أن تقلبات العملة الجديدة نسبياً في التداول، تسببت في رفع أسعار المحروقات والخضار واللحوم والأدوية والسلع الغذائية ما جعل التجار يعانون من جمود يطال السوق، فيما يحاول المستهلكون تفعيل سلاح مقاطعة المنتجات وبالأخص لحوم الدجاج والضأن والبيض ومعظم سلع السوبرماركت.

من متجره بمدينة إدلب يؤكد تاجر الغذائيات أبو محمد أن السوق يعاني من جمود في حركة البيع فـ "الزبائن يعدون على الأصابع بسبب ارتفاع أسعار السلع". ويضيف لـ "اقتصاد" أن هناك حالة من القلق تعتمر قلوب الناس من استمرار الليرة التركية في الانخفاض ويتابع "الدولار اليوم بـ 9 ليرات. كل المنتجات تقريباً ترتفع بالتوازي مع حالة الانخفاض هذه، باستثناء الرواتب والأجور".

بورصة الأسعار

من بين الجميع، كانت شركة وتد للبترول سباقة في رفع أسعار المحروقات فقد وصل سعر أسطوانة الغاز إلى 114 ليرة. وليتر الديزل نوع أول 7.61 ليرة. بينما بلغ سعر ليتر البنزين 7.71 ليرة تركية.

ورفع القصابون سعر كيلو لحم الضأن إلى 65 ليرة، وتجاوز سعر كيلو الفروج المذبوح 16 ليرة، أما المنتجات والسلع الغذائية الأساسية مثل السكر والرز والشاي وسواها من السلع التي تباع في السوبرماركت فتشهد ارتفاعاً مستمراً لأن التجار يسعّرون هذه السلع بالدولار ثم يبيعون السلع بالليرة بعد حساب القيمة استناداً إلى سعر الصرف الحالي.

ارتفاع الأسعار طال أيضاً قطاع الأدوية التي تشهد غلاء فاحشاً ما يجعل معظم الأدوية خارجة عن متناول الشريحة الأوسع من السكان. إذ تقول سمية وهي صيدلانية من ريف إدلب لـ "اقتصاد" إن جميع الأدوية التي تباع في المنطقة مستوردة سواء من تركيا أو مناطق النظام السوري و"كل الصيدليات تشتري الأدوية من المندوبين بالدولار وهذا يجعلها ترتفع أوتوماتيكياً مع تدني قيمة الليرة التركية".

انفتاح وتقلبات

منذ بدء ضخ العملة التركية كبديل عن الليرة السورية شهدت أسواق إدلب نوعاً من الانفتاح على أسواق تركيا لأن التعامل بالليرة التركية مرغوب أكثر بالنسبة للتجار الأتراك الذين يستفيدون من تدفق البضائع نحو إدلب.

ودفع هذا الانفتاح مع السوق التركية أسعار السلع نحو الارتفاع، بالتوازي مع انخفاض كمي طال السلع المستوردة من مناطق النظام والتي تسبب بها إغلاق المنافذ التجارية بين المنطقتين.

 لكن تدفق السلع التركية مع الارتفاع الذي يشوبها لا تتناسب مع القدرة الشرائية لنسبة واسعة جداً من السكان. لاسيما مع التقلبات السعرية التي تعصف بالليرة التركية والتي أدت لخسارة قرابة 30 بالمئة من قيمتها منذ بدء التداول بها في إدلب منتصف العام 2020.

ثقة مفقودة

كنتيجة ناجمة عن الغلاء المرافق للانفتاح على السوق التركية وتقلبات الليرة التركية يمكن ملاحظة حالة من فقدان الثقة بالعملة التركية من قبل عدد كبير من السكان الذين يحملونها المسؤولية الأكبر عن الغلاء لاسيما وأن انخفاض الليرة يتسبب بنتائج كارثية من طرفين: "الغلاء من جهة، وتدني قيمة الأجور المدفوعة بالليرة التركية من جهة أخرى"، وفقاً لما يورده أحد العاملين بالمياومة خلال حديث مع "اقتصاد".

وفيما يؤكد هذا العامل أن دخله اليومي الذي يبلغ 20 ليرة "لم يعد فيه بركة" وفقاً للتعبير المحلي، يشير سكان آخرون إلى أن قرار تداول العملة التركية كان بمثابة "نقمة لا نعمة"، لأن "الأسعار منذ إدخالها إلى المحرر امتلكت أجنحة وشرعت بالتحليق".

ترك تعليق

التعليق