إدلب: بعد عام ونصف على تتريك العملة.. لا يزال العامل مظلوماً


عندما شرعت السلطة في إدلب بأولى خطوات تتريك العملة بعد الانهيارات الكبرى التي منيت بها الليرة السورية ساد شعور لدى عمال كثيرين بأنه قد آن الأوان لحفظ حقوقهم المسلوبة فقد جرى خلال بضعة أشهر تتريك كل شيء بما فيه أجور العمال اليومية والأسبوعية والشهرية لكن الرياح لا تسير كما تشتهي السفن بحسب المثل المعروف.

ويقول تسعة عمال من إدلب يعملون ضمن مجالات متعددة منها قطاف الزيتون وتجارة المواد الغذائية ومحلات بيع الدجاج وأكشاك القهوة إن الإجراء الذي مر عليه قرابة عامين والمتمثل باستبدال العملة المحلية بكميات ضخمة جداً من الليرة التركية لم يسهم في تعافي الأجور، على الرغم من لجوء أرباب العمل إلى تحديدها بالليرة التركية.

قيمة الأجرة تتهاوى

يعزو العمال التسعة الذين التقاهم "اقتصاد" في مناطق متفرقة من إدلب حصولهم على أجور زهيدة -حتى الآن وعلى الرغم من التخلص من العملة المحلية المتهالكة- إلى تقلبات العملة الجديدة من جهة، بينما لم يؤخذ بعين الاعتبار أثناء تحديد الأجور وفقاً لهذه العملة ما يشهده السوق المحلي المنفتح على السوق التركية من غلاء فاحش من جهة أخرى.

ويقول أحد العاملين في قطاف الزيتون إنه يتقاضى 2 ليرة تركية عن كل ساعة عمل. وفقاً لتسعيرة الصرف الحالية لا تتجاوز هذه الأجرة 21 سنتاً، أي أكثر من 5/1 الدولار بقليل. ويشير إلى أن سوق العمل يشهد طلباً واسعاً يقابله جمود في العرض حيث يؤكد قائلاً "الفرص قليلة مقارنة بعدد الراغبين بالعمل.. وصاحب الأرض يتحكم بالتسعيرة كما يشاء. لا أحد يستطيع مجادلته وإلا فمصيره الطرد".

في نفس السياق، يتحدث عامل في متجر لبيع الدجاج عن الأجور القليلة للعاملين في هذا القطاع النشط في المنطقة. ويضيف بأنه يتقاضى 15 ليرة تركية يومياً وهي تعادل دولاراً ونصف تقريباً، ولا تكاد تكفي سوى لشراء الخبز والأصناف الرخيصة من الخضار فقط. أما عن مستوى الأجور والمعيشة قبل القيام بخطة تتريك العملة فيوضح أنها كانت "أفضل بكثير وإن كانت حقوقنا كعمال -حينها- شبه غائبة لكن المعيشة كانت أرخص مقارنة بما يحصل اليوم".

السلطات لا تتحرك

يتفق جميع من قابلناهم من العمال على أن الأجور تتراجع -من حيث القيمة الشرائية- يوماً بعد آخر، والسبب يعود إلى حالة الغلاء وتهاوي قيمة الليرة التركية. فيما يبدي هؤلاء الأشخاص رغبتهم في سن قانون يرسم الحد الأدنى للأجور استناداً إلى الدولار وليس الليرة التركية أو أي عملة أخرى.

وهذا الطرح يقودنا إلى تصريحات سابقة أدلى بها، باسل عبد العزيز، وزير الاقتصاد والموارد المحلية في حكومة الإنقاذ لـ "اقتصاد" ومفادها أن حكومته اجتمعت مع الاتحاد العام للنقابات وعدد من النقابات الأخرى لمناقشة واقع العمال بشكل عام. موضحاً أن "الحكومة طلبت من النقابات دراسة تثبيت الحد الأدنى من الأجور بالدولار أو الليرة التركية ليتم اعتمادها من الوزارات المختصة بكل نقابة".

ولمتابعة هذا الطرح تواصلنا مع حكومة الإنقاذ فتبين أنه جرى تجميده لأسباب غير معروفة حيث نفى ملهم الأحمد المسؤول في مديرية الإعلام إنشاء أي نقابة للعمال، حتى اللحظة، أو العمل على إصدار قانون يثبت الحد الأدنى للأجور في المنطقة.

ترك تعليق

التعليق