هاشتاغ "قاطعوا الخبز السوري" يتفاعل في قونية التركية


تشهد مدينة قونية في تركيا دعوات لمقاطعة الخبز السوري من قبل السوريين وأغلب البقاليات السورية باستثناء بعض المحلات القليلة. وقامت بعض المحلات بطرد بسطات الخبز في مناطقها.

 وتنتشر في كل وسائل التواصل الاجتماعي المهتمة بالشأن السوري في المدينة حملة بهذا الخصوص، تستخدم هاشتاغ "قاطعوا الخبز السوري"، مع مطالبات ودعوات لتكون حملة شاملة لكل السوريين اللاجئين في باقي الولايات التركية.

فما هو سبب هذه الحملة؟

بعد متابعة صفحات "فيسبوك" المعنية بهذه القضية، بهدف تقصي ما يجري، تأكدنا من وجود ما يشبه الحملة رفعت شعار "الشعب يريد المقاطعة بسبب الوزن والنوعية السيئة والسعر المرتفع". 

وفي مقابل ذلك يبرز إدعاء الطرف الآخر في هذه الأزمة، وهم أصحاب أفران الخبز السوري في قونية، بأن كل شيء ارتفع سعره.


ولكن هل هي المرة الأولى؟

خلال السنوات القليلة الماضية تمت زيادة أسعار الخبز وإنقاص وزن الربطة من قبل أصحاب الأفران نفسها أكثر من 3 مرات، وفي كل مرة كانت تظهر دعوات للمقاطعة ويعم الاستياء الكبير لعدة أيام ولكن لا يشهد الأمر إجماعاً أو إقبالاً، كما هو الحال هذه المرة، حيث قام "اقتصاد" في السنوات السابقة بإعداد أكثر من تقرير صحفي ومتابعة لمشاكل الخبز السوري في تلك المدينة التركية بشكل خاص.

ومنذ يومين تظهر حملة كبيرة لمقاطعة "الخبز السوري"، والمفارقة الجديدة أن الحملة يقودها هذه المرة عدد من البقاليات السورية في مدينة قونية، والسبب رفع أسعار "الخبز السوري" من 3 ليرات إلى 4 ليرات وبوزن وُصف بـ "الريشة" -350 غرام-، ويرى بعض المستهلكين السوريين أن الخبز بات بجودة دون المتوسط.

 وبلغ عدد المقاطعين ممن أعلنوا تضامنهم مع الحملة، وتوقيع قائمة للمقاطعة من أصحاب البقاليات، ما يقارب 182 بقالية في مناطق مختلفة يسكنها السوريون في هذه المدينة حتى ساعة إعداد هذا التقرير. 

في حين يشير البعض أنه تم الاتفاق مع 250 بقالية سورية، وما يزال العدد في ازدياد ضمن "حملة مقاطعة الخبز السوري" في ولاية قونية، والهدف، عودة السعر والجودة والوزن كما كان سابقاً، وعدم إنقاص الوزن وزيادة السعر لاحقاً.

كيف قاطع بعض السوريين الخبز السوري؟

لجأ بعض السوريين إلى إنتاج الخبز المنزلي "الصاج"، فهو أقل تكلفة وأوفر بكثير.

كما لجأ بعض السوريين إلى شراء الخبز التركي كبديل عن الخبز السوري، وقامت بعض المحلات باستبدال الخبز السوري بالخبز التركي.

ويعمل البعض على جلب خبز سوري من مدن تركية أخرى بسعر أقل ووزن أفضل، فهو أيضاً رغم تكاليف النقل يبقى بسعر أرخص ووزن أكبر من الخبز المنتج في قونية، وفق مناصِري حملة المقاطعة.
 
هل ارتفعت تكلفة إنتاج الخبز السوري؟

كعادتهم، يفسر أصحاب الأفران سبب الزيادة في الأسعار بـ "ارتفاع أسعار الطحين والغاز وأكياس الخبز الشفاف وزيادة أجرة العامل والوقود".

أحد السوريين الذين سبق أن عمل في هذه الأفران، يعلّق على حجج أصحابها بالقول: "من ٣ سنين لليوم ماعدا العجان، الكل وأكبر راس بياخد ٢٠٠٠ ليرة تركية والباقي١٧٠٠ ليرة تركية، شقد زودوا للعامل ٣٠٠ ليرة تركية، والطحين بـالبيم الكيلو بـ 4 ليرات ونص، ولا تنسى كياسهن بهدله والوزن نقص".

  وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الأجور أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور في تركيا، وأغلب العاملين بلا تأمين عمل. 

وفق من تحدثنا إليهم، من السوريين في قونية، فإن أغلب الآراء تسير مع من يقول: "اللي بدوا يشتري ما حدا بيمنعوا بس والله الخبز لا بيتاكل ولا نظافة وبعدين خمس أرغفة والله حرام ايمتا بدنا نصير ايد واحدة".

الوضع الحالي للاجئين السوريين في قونية وتركيا بشكل عام لا يسمح بهذه الزيادة حسبما يؤكد أغلب من تحدثنا إليهم، وهذا ما نلمسه خلال جولاتنا على أرض الواقع وعند شراء الخبز والمواد الأساسية من البقاليات السورية كوننا من سكان المدينة وأيضاً نعيش ما يعيشه السوريون من معاناة وظروف معيشية.

لنجري المقارنات التالية ونرى:

- يوجد خبز سوري في مدن تركية أخرى بسعر للربطة 3 ليرات تركية وبوزن 400 غرام. فإذا بقيت  أسعار الخبز ووزنه على حالها في تلك المدن، فكيف ارتفعت الأسعار ونقص الوزن فقط في قونية؟!

- أيضاً يوجد خبز سوري في ماركت "البيم=BIM" التركية الشهيرة، بسعر أقل ووزن أكبر، مع العلم أن مصدر الخبز هو المخبز السوري نفسه الذي قام برفع الأسعار وتخفيض الوزن على السوريين خارج "البيم". إذاً كيف ارتفعت التكلفة فقط خارج "البيم" وبقيت الأسعار والوزن "للبيم" على حالها؟!

- أيضاً يوجد خبز سوري في ماركت "اليوز بير=101" التركية الشهيرة، بسعر٣ ليرات وربع ليرة تركية ويوجد داخل ربطة الخبز ٦ أرغفة وهذا السعر أقل، وبوزن أكبر يبلغ 450 غرام، أي أن السعر أقل والوزن أكبر مما يطرح في أسواق المدينة من قبل الأفران السورية، إذاً كيف لم ترتفع التكلفة هنا أيضاً؟!

والمفارقة العجيبة في إنتاج الخبز السوري ورفع الأسعار لدى أصحاب الأفران أنه لا يتم رفع السعر فقط بل يتم إنقاص الوزن أيضاً.

أخيراً هل من حلول؟

على الرغم من أنه لا تزال حملة المقاطعة مستمرة لكن تبرز أيضاً الدعوات والمطالبات لكل من يعمل في وسائل الإعلام المختلفة للمشاركة في هذه الحملة لتصل إلى انتشار شبيه بانتشار حملة "الموز"، مع الفارق الأهم هنا، وهي أن القضية تمس مادة أساسية تشكل جزءً من الغذاء اليومي لكل السوريين وخاصة ذوي الدخل المنخفض والعائلات الكبيرة، وليست مادة للسخرية وجمع اللايكات.
 
كما يطالب بعض السوريين الذين تحدثنا إليهم، بضرورة محاسبة أصحاب الأفران قانونياً وبشكل خاص في قونية وفي كل مدينة أخرى فيها نفس المشكلة، عبر القنوات القانونية المتبعة في تركيا وكذلك مثلهم بائعي الجملة للمواد الغذائية الأخرى من السوريين بشكل عام في تركيا.

ومن المهم أيضاً التوجه إلى البلديات التركية والطلب إليها لإنتاج الخبز السوري عبر الأفران التابعة لها (خبز الشعب Halk Ekmek) لضمان الجودة والسعر المناسب ومنعاً للاحتكار والتلاعب بالأسعار من قبل بعض أصحاب الأفران السوريين.

وتعلو بعض الأصوات أيضاً، والتي تطالب الجهات التي تدعي تمثيل السوريين من المعارضة مثل "الحكومة المؤقتة والائتلاف" باتخاذ موقف مما يصفونه بـ "الاستغلال" و"التغول" من قبل أصحاب الأفران وتجار الجملة السوريين فيما يتعلق بالمواد الغذائية.

ولسان حال الكثير من السورين يمثله صراخ أم لأيتام تحدثنا إليها: "في ناس فقيرة كتير لا تستطيع الاستغناء عن الخبز لازم يكون موفر بأقل الاسعار للشعب بشكل خاص، الخبز مجبورين ناخدوا بشكل يومي بس الفراريج بالشهر مرة".

ترك تعليق

التعليق