الليرة التركية تواصل التأرجح.. أين تأثير الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة مع الإمارات وقطر؟


واصلت الليرة التركية مسيرة التأرجح، مسجلة قرابة 14 ليرة للدولار الواحد، في أسواق الجمعة، وذلك بعد فترة استقرار قصيرة، جاءت على خلفية الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها تركيا مع الإمارات وقطر.

ويحاول "اقتصاد" في هذا التقرير قراءة الأسباب التي أدت إلى استمرار التدهور المتسارع لليرة التركية، رغم تدخل البنك المركزي التركي، والاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة.

وفي هذا الإطار، يرجع الباحث الاقتصادي والمتابع للاقتصاد التركي الدكتور محمد أبو عليان، ذلك إلى زيادة الضغط على الليرة التركية، نتيجة الاتجاه نحو الدولرة.

وأوضح في حديثه لـ"اقتصاد"، أن معدل الدولرة في تركيا أي تحويل الودائع بالليرة التركية إلى عملات أجنبية وصل إلى أكثر من 60 في المئة، وهو رقم كبير.

وإلى جانب ذلك، أشار أبو عليان إلى التوقعات بتخفيض قيمة الفائدة في الأسبوع القادم، والليرة تتأثر حكماً بهذه التوقعات، وخصوصاً أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان قد أكد في وقت سابق اعتزامه الاستمرار بسياسة تخفيض الفائدة.

وتابع الباحث الاقتصادي، بالإشارة إلى زيادة كتلة السيولة النقدية من الليرة التركية في الأسواق، مقابل ارتفاع الطلب على الدولار والعملات الأجنبية.

وحول تأثير الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها تركيا مؤخراً مع أطراف عربية خليجية، قال أبو عليان: "حجم الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارات التي أُعلن عنها مؤخراً، يبقى متواضعاً مقارنة بالالتزامات قصيرة الأجل المترتبة على الاقتصاد التركي".

وأضاف أن الاستثمارات الأخيرة لن تدخل إلى السوق بشكل مباشر، ما يعني أن تأثيرها لن يكون لحظياً مقارنة مع العوامل السلبية.

وفي السياق ذاته، قال عضو حزب "العدالة والتنمية" والمحلل الاقتصادي التركي، الدكتور يوسف كاتب أوغلو، إن تأثير الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة التي وقعتها تركيا مع قطر والإمارات، لن يكون مباشراً وسريعاً، واستدرك في حديثه لـ"اقتصاد" بقوله: "نحن بحاجة إلى الوقت حتى نلحظ نتائج هذه الاتفاقيات".

ومن المهم الإشارة وفق كاتب أوغلو إلى ارتفاع قيمة الدولار عالمياً، حيث يشهد الدولار زيادة في قيمته أمام كل العملات الأجنبية، بما فيها الليرة التركية.

ومن الأسباب الأخرى التي تدفع الليرة إلى التأرجح، استمرار المضاربات المالية ضد العملة التركية، والحديث لكاتب أوغلو الذي أضاف: "ما زال لوبي الفوائد يراهن على إمكانية تراجع تركيا عن سياسة تخفيض الفائدة".
 
الليرة إلى أين؟

وفي ظل المعطيات السابقة، رجح محمد أبو عليان أن يستمر تدهور الليرة التركية في القريب، مرجعاً ذلك إلى زيادة الالتزامات قصيرة الأجل (نحو 125 مليار دولار دين مستحق الدفع خلال عام)، وزيادة معدل التضخم.

وإلى جانب ذلك، أشار الباحث إلى مضي الحكومة التركية في سياسة تخفيض الفائدة رغم زيادة التضخم.

وقال أبو عليان، إن مسيرة هبوط الليرة التركية بدأت بعد العام 2013 بشكل ملحوظ، بعد أن تلاشت الظروف التي كانت تساعدها في المحافظة على الاستقرار النسبي لقيمتها.

في المقابل، يرى يوسف كاتب أوغلو، أن حالة تأرجح قيمة الليرة هي مؤقتة، مؤكداً أن "قيمة الليرة ستشهد تحسناً في الربع الأول من العام القادم، أو في الربع الثاني في الحد الأقصى".

ومرد ذلك، وفق كاتب أوغلو، إلى الاستثمارات القطرية والإماراتية الأخيرة التي ستدعم قيمة الليرة التركية، إلى جانب ارتفاع الصادرات التركية إلى أرقام قياسية، متوقعاً أن تتجاوز قيمة الصادرات حاجز الـ220 مليار دولار في نهاية العام الحالي.

وتابع المحلل الاقتصادي التركي، بأن الرهان اليوم قائم على مدى مقاومة الإنتاج والاقتصاد التركي أمام الضغوط الخارجية، وقال: "لم تنته الحرب الاقتصادية على تركيا بعد، والأسابيع القادمة حبلى بالمفاجآت".

ومضى قائلاً: "نعلم أن فاتورة حوامل الطاقة تشكل الضغط الأكبر على الاقتصاد التركي، وفي المقابل بدأت مداخيل الطاقة البديلة تعوض الاستيراد، ومن المتوقع دخول الغاز المحلي في الأسواق، الذي سيسد نصف حاجة تركيا، وهو ما سينعكس إيجاباً على الميزان التجاري".

واختتم كاتب أوغلو حديثه لـ"اقتصاد" بقوله: "أمامنا بعض الأسابيع أو الشهور القاسية، لكن هناك تطورات إيجابية مرتقبة، من بينها زيارة قريبة لملك البحرين إلى تركيا، وكذلك فتح قنوات الحوار الاقتصادية والسياسية مع المملكة العربية السعودية".

ترك تعليق

التعليق