ثروة عائلة الأسد التي تبحث عنها أمريكا


تناقلت وسائل الإعلام قبل عدة أيام، خبر موافقة الكونغرس الأمريكي على قانون للكشف عن ثروة بشار الأسد وكافة أفراد أسرته وأقاربه، في خطوة تهدف لملاحقة أموال عائلة الأسد الفاسدة، والتي يعتقد أنها تستخدم في تمويل أنشطة إرهابية، وفقاً لنص القانون الأمريكي.

وأموال عائلة الأسد الفاسدة تعني هنا، صناعة وتجارة حبوب الكبتاغون، التي كشف تحقيق أجرته مؤخراً صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن من يتولى الإشراف عليها في سوريا، هو ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، بالتعاون مع حزب الله اللبناني، مشيرة إلى أن الأرباح التي تحققها، تقدر بمليارات الدولارات.
 
إلا أن الكونغرس الأمريكي لم يوافق على استراتيجية تتعلق بمتابعة وملاحقة تجارة المخدرات في سوريا، وإنما طلب فقط تقريراً مفصلاً من وزارة الخارجية، يتم تقديمه في غضون 90 يوماً، عن حجم أموال كافة أفراد عائلة بشار الأسد، وأبناء عمومه وعماته.
  
إذاً، وكما هو واضح فإن الإدارة الأمريكية لا يعنيها مخاطر تجارة حبوب الكبتاغون على السوريين والدول المجاورة، بقدر ما يعنيها الأموال المتحصلة من هذه التجارة، والتي ترى بأنه يتم استخدامها لتمويل جماعات إرهابية، هدفها ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة.

من جهة ثانية، الكثير من المحللين والناشطين، شطحت بهم فكرة البحث عن ثروة آل الأسد من قبل أمريكا، إلى عملية تقديرها بالأرقام، حيث ذكر البعض بأنها تتجاوز المئة مليار دولار، بينما البعض الآخر ذهب إلى أعقل من ذلك، متسائلاً عن الأدوات التي ستستخدمها الإدارة الأمريكية لمعرفة حجم هذه الثروة، بالإضافة إلى الإجراءات التي ستتخذها بعد الكشف عنها.
 
هنا يذهب المحللون إلى خيارين، الأول: هو ضرب الآلة المنتجة لهذه الأموال، من خلال استهداف مصانع الكبتاغون، والتي يقدرها البعض بالعشرات، ومنتشرة على الأراضي السورية واللبنانية.

أما الخيار الثاني: فهو ملاحقة ثروات عائلة الأسد التي خرجت من الحدود، والضغط على الدول التي تستقبلها، للحجز عليها، مقابل التهديد بفرض عقوبات على تلك الدول إن لم تستجب للمطالب.

وفي كلا الحالتين، يرى هؤلاء أن ذلك سوف يزيد من الضغط على نظام الأسد، ويدفعه لتقديم تنازلات في الملف السياسي.
 
في الواقع، هذا أقصى ما قد تفعله الإدارة الأمريكية بعد الكشف عن ثروة عائلة الأسد. أما القول بأن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة الضغط عليه، وتقديم تنازلات في الملف السياسي، فهو أمر غير حقيقي، لأن النظام قادر بسرعة على إيجاد بدائل لمصادر أمواله، من خلال زيادة الضغط على السوريين، وتحويل إيرادات البلد كلها لصالحه.. وهو فعلياً بدأ بهذا الأمر عبر القرارات الأخيرة برفع الدعم عن العديد من المواد الأساسية، بالإضافة إلى الإعلان صراحة للسوريين بأن القادم لن يكون جميلاً، ولا يوجد مدى منظور أو بعيد لكي تتحسن الأوضاع.. وهو ما كشف عنه وزير المالية كنان ياغي في تصريحاته الأخيرة حول زيادة الرواتب القادمة، والتي إذ أكد بأنها لن تحل مشكلة التضخم في البلد، وأن الفارق بين الأسعار والدخل سوف يبقى كبيراً.

إذاً، يمكن تلخيص الواقع في سوريا، أنه كلما ضغطت أمريكا وغيرها من الدول على بشار الأسد، عمد هذا الأخير لزيادة الضغط على الشعب السوري.. وهو ما يدفعنا للقول، إن بورصة الحل في سوريا لا يمكن أن تمر عبر العقوبات والحصار الأمريكي أو الأوروبي.. لأنك كلما زدت في حصار القط، فإنك تحوله إلى نمر مفترس.. الحل هو بإزالة هذا النظام من "شروشه"، بأي طريقة كانت.

ترك تعليق

التعليق