أزمة تسعير في إدلب بسبب تقلبات الليرة التركية


يضع مقهى "اكسبريس بنش" بريف إدلب الشرقي، قائمة بأسعار القهوة والمشروبات في ساعات الصباح، ثم يزيلها ظهراً، ليتم تعديلها وإعادة لصقها مرة أخرى عصراً، لكنه سرعان ما يعيد تعديلها مع حلول المساء.  

وبالنسبة لمحمد الذي يدير المقهى، فهو في "حيرة ما بعدها حيرة بسبب تقلبات الليرة التركية". إذ لم تنجح جميع جهود التسعير التي يبذلها في تلافي الخسائر، التي غدت إجبارية.. "نحن لا نستطيع لحاق حالة الاضطراب الساعي لليرة.. كما يفعل غيرنا".

وهكذا، يشكو معظم من قابلناهم من التجار وأصحاب المقاهي والحرفيين، من الأزمة التي تتسبب بها تقلبات الليرة التركية، عملة التداول الرئيسة في إدلب، فيما يشير بعضهم إلى أن "الخسائر فادحة وكبيرة".

مهن لم تتأثر

مع تزايد الانهيار الذي يطال الليرة، ترتفع أسعار السلع بشكل يواكب التطورات الجدبدة، بسرعة فائقة. لكن بعض المتاجر ومحلات المهن الأخرى، خاصة الحرفيين، لا تتمكن من تغيير الأسعار بهذا الشكل.

 يقول أبو سلمو وهو ميكانيكي سيارات من إدلب: "تجار قطع السيارات يسعرون بالدولار ثم يضربون السلعة بسعر الصرف الحالي، أما نحن فلا نزال نتقاضى أجور التصليح بالليرة، وهو ما يفقدنا كثيراً من الأرباح". 

بالنسبة لأبو سلمو أو محمد: "لا يمكن تبديل السعر كل ساعة دون سماع انتقاد من الزبائن". بينما تلجأ كازيات المحروقات لاعتماد التسعيرة الرسمية التي تصدرها شركة وتد للبترول بالدولار، كما يسعر تجار الغذائيات والسوبرماركت سلعهم بالدولار أو اعتماداً على الدولار. يضيف الشابان بأن المهن التي منيت بخسائر فادحة من هذه التقلبات السعرية هي كافة المهن الحرفية ومتاجر الخضار ومحال الغذائيات الصغيرة ومقاهي الاكسبريس. 

خسائر غير محسوبة

بعض التجار لا يتعاملون بالدولار سواء في شراء البضائع أو بيعها مثل تجار الخضار المحلية، لذلك لا يعرف هؤلاء حجم الخسائر التي يتعرضون لها كنتيجة طبيعية لعدم اعتمادهم على تعديل أسعار السلع بشكل يتزامن مع سعر الصرف.

في متجره لبيع الخضار بمعرة مصرين، لا يبدي أبو سليم أدنى انتباه لسعر صرف الليرة التركية، لأنه وببساطة، ملتزم بتسعيرة الصباح، حيث يشتري بضاعته من سوق الهال كل يوم ثم يضيف عليها أرباحه ويبيعها بسعر محدد طوال اليوم. 

يقول أبو سليم إنه غير معني بقيمة الليرة أمام الدولار ما دام يشتري الخضار ويبيعها بالليرة التركية بشكل حصري. مضيفاً "الأهم عندي هو تصريف البضاعة.. لأن الخسارة الناجمة عن فسادها أكبر من هبوط قيمة العملة".

إغلاق مؤقت

مع استمرار انهيار العملة، يجد حرفيون طريق العمل والإنتاج -بأسعار كبيرة تتجاوز القدرة الشرائية لزبائنهم بأضعاف كثيرة- مسدوداً، وهو ما يقودهم إلى إغلاق ورشاتهم ومحالهم بشكل مؤقت.

امتنع أبو عبدو الذي يمتلك فرناً لخبز الصمون بريف إدلب عن العمل منذ هبوط الليرة التركية إلى 12 ليرة لكل دولار. ويقول بأنه وجد نفسه مضطراً لرفع أسعار الخبز إلى مستويات غير مرغوبة بالنسبة لزبائنه لذلك اختار إما خسارة معظم الزبائن أو التوقف مؤقتاً عن صنع الخبز.

نفس الإجراء اتخذه أبو تحسين صانع الحلويات بمدينة إدلب فقد ارتفعت المواد الأساسية لعمل الحلويات مثل الدقيق والسكر والغاز "بشكل غير معقول.. وجدت أن إغلاق المحل أفضل وأريح للراس".

ترك تعليق

التعليق