دمشق: معيشة معظم السكان منخفضة على الرغم من تنويع مصادر الدخل


يعمل عبد الرزاق، الموظف الحكومي بدمشق، في متجر لبيع المواد الغذائية بعد انتهاء دوامه الرسمي. وفي غضون ذلك يبحث عن عمل إضافي آخر، فـ "الغلاء يلتهم كل المدخول" و"أسعار السوق لا تتناسب إطلاقاً مع حجم الدخل". 

يمثّل عبد الرزاق واقع مئات الموظفين الحكوميين الذين لا تكفي رواتبهم الضئيلة للحصول على لوازم المعيشية الأساسية من خبز ومواد غذائية أخرى كالسكر والرز والزيت والسمن. ويمارس الموظفون أعمالاً إصافية إلى جانب عملهم الوظيفي ما يجعل معدل ساعات العمل في دمشق هي الأعلى على مستوى العالم.

لا ينحصر اللجوء إلى أكثر من عمل بموظفي الحكومة، بل يشمل نسبة كبيرة من الذكور على اعتبار أن نسبة التشغيل الأعلى هي من نصيبهم ما يجعل الأسر التي لا يوجد فيها ذكور تعيش مستويات معيشية متدنية.
 
يقول مروان أحد العاملين في مجال الخياطة بدمشق إن راتبه الشهري من العمل ضمن ورشة لخياطة الملابس الداخلية لا يتجاوز 125 ألف ليرة، وهو "مبلغ لا يكاد يسد الرمق". ما قاده إلى العمل ضمن مجال تجارة التجزئة على بسطة مسائية لبيع المواد الغذائية.

منظمات إنسانية

مع نسبة التشغيل المتدنية في دمشق، يلجأ قسم كبير من السكان إلى مصادر أخرى تتجاوز سوق العمل أو التوظيف الحكومي وتتمثل في مصدرين أساسيين، الحوالات الخارجية، والمساعدات الأممية.

تمكنت سعاد وهي زوجة معتقل لدى النظام السوري من الحصول على فرصة تشغيل اعتماداً على برنامج دعم تقدمه إحدى المنظمات الإنسانية. وتوضح سعاد بأن منحة الدعم كانت عبارة عن 3 ماكينات خياطة ومبلغ مالي خولها افتتاح ورشة خياطة في منزلها.
 
بالتوازي، تقدم المنظمات الإغاثية سلات إغاثية بشكل دوري وتتكون السلة الإغاثية من المواد الضرورية التي تعد باهظة الثمن في السوق الموازية.

حوالات المغتربين

مع قيام النظام السوري برفع سعر دولار الحوالات إلى 2500 ليرة سورية، كوسيلة لجذب شبكات التحويل الخارجي إلى قنواته الرسمية وشبه الرسمية بات اعتماد سكان كثيرين على شركات الصرافة المرخصة أكثر من السابق، على اعتبار أن الآلية السابقة كانت تعتمد على السوق السوداء التي تشكل مخاطر أمنية على المتعاملين معها نتيجة قرارات النظام بتجريم التعامل بالدولار الأمريكي.

يشير أبو عبدو أحد سكان العاصمة إلى أنه يعتمد على مبلغ مالي شهري يصله من ابنه اللاجئ في ألمانيا ويقوم باستلامه من شركات الصرافة المرخصة "على الرغم من الفارق الكبير بين التسعيرة الرسمية وتسعيرة السوق السوداء، لكن الأولى أكثر أمناً".

مع ذلك، لا يزال كثيرون يفضلون التعامل مع السوق السوداء لأنهم يفضلون استلام حوالاتهم بسعرها الحقيقي كما يؤكدون، فيما يمكن لهم أيضاً استلامها بالعملة الصعبة لكن ذلك يزيد خطورة هذه العملية.

أرقام

يصل معدل ساعات العمل، في دمشق، بحسب دراسة صادرة في العام 2020 عن مركز السياسات وبحوث العمليات OPC، إلى 52.5 ساعة أسبوعيّاً، وهو أعلى من المُعدَّل العام في المنطقة، كما أنه يُعَدُّ أعلى من المُعدَّل المسموح به في قانون العمل.

لكن على الرغم منِ ارتفاع مُعدَّل ساعات العمل الذي يُعَدُّ الأعلى في العالم، فإنَّ 43.7 بالمئة من السكان قالوا بأنهم يعتبرون مستوى معيشتهم مُنخفضاً.

وتحتفظ الفئة العمرية بين 26 إلى 35 عاماً بالنسبة الأعلى للعمالة، إذ يعمل في هذه الفئة 77.7%، تليها مباشرةً الفئة العمرية بين 36 إلى 45 عاماً، حيث يعمل ضمن هذه الفئة 76.5% من إجمالي المستجيبين في هذا العمر.

كما تظهر الدراسة أن 35 بالمئة من العاملين في مدينة دمشق يشغلون مناصبَ في مؤسساتٍ حكومية وخاصَّةً كموظفين، و30.3% من فئة العمال.

وتشير إلى أن 25.8 بالمئة من السكان يعتمدون على حوالات الأصدقاء والأقارب من خارج سوريا كمصدر رئيسي للدخل. فيما يعتمد 41.8 بالمئة  على المساعدات العيـنية والنقدية التي تُقدِّمها المنظمات الإغاثية كأحد مصادر الدخل الرئيسية لعائلاتهم.

ترك تعليق

التعليق