تسريبات "كريدي سويس" تكشف عن ثروات طائلة لـ خدام وخال الأسد الراحل


نشر موقع "تلفزيون سوريا" تفاصيل تتعلق بأموال طائلة لكل من عبد الحليم خدام، النائب السابق لرأس النظام السوري، ومحمد مخلوف، خال بشار الأسد.

إذ كشفت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية اليومية، يوم الأحد، أن تسريباً من بنك "كريدي سويس" (Credit Suisse)، ثاني أكبر بنوك سويسرا، كشف تفاصيل حسابات أكثر من ثلاثين ألف عميل، ويشير إلى أوجه قصور محتملة في الاهتمام بالقيام بالمراجعات اللازمة للكثير من العملاء.

ووصلت البيانات إلى الصحيفة التي قالت إنها تلقت البيانات من مصدر مجهول على صندوق بريد رقمي آمن منذ أكثر من عام، مشيرة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان المصدر فرداً أو جماعة.

وأكّدت الصحيفة الألمانية أنها لم تدفع أي مبالغ مالية ولم تعد بأي شيء مقابل الحصول على تلك التسريبات.

ووفق ترجمة موقع "تلفزيون سوريا"، قالت الصحيفة إنه على مدى السنوات التي كان فيها حساب، عبد الحليم خدام، في Credit Suisse مفتوحاً، تمكن نائب رئيس النظام السابق من جمع عشرات الملايين من الدولارات من النقد وأسهم الشركات والقصور الفخمة، مؤكدة أنها، ثروة مذهلة لموظف عمومي مدى الحياة.

وأكّدت تفاصيل حساب "كريدي سويس" الخاص بخدّام، والذي كان يملكه بالاشتراك مع زوجته وأبنائه الثلاثة، أن العائلة راكمت بالفعل ثروة كبيرة عندما كان خدام في منصبه. حيث تم فتح الحساب في عام 1994، ووصل إلى أعلى رصيد له بما يقرب من 90 مليون فرنك سويسري (102 مليون دولار) في أيلول 2003.

وتوفي خدام في عام 2020، في حين لم يستجب أبناؤه للمكالمات الهاتفية أو الطلبات المتكررة للتعليق المرسلة عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية، ولم يعلق بنك كريدي سويس على الحساب لكنه قال إنه "يلتزم بالسياسات واللوائح ذات الصلة".

وشغل خدام مناصب حكومية رفيعة المستوى منذ عام 1970 إلى 2005، حيث عمل أولاً كوزير للخارجية ثم نائب الرئيس في عهد حافظ الأسد. 

وقد برز في الثمانينيات من القرن الماضي أثناء المساعدة في إدارة تورط النظام السوري في الحرب الأهلية اللبنانية المجاورة، وما تلاها من احتلال البلاد، سعياً إلى رعاية سياسيين لبنانيين موالين لنظام الأسد، بحسب الصحيفة.

كما أشارت إلى أن خدام أقام صداقة مع رجل الأعمال الثري رفيق الحريري، لدعم ترشحه الناجح لرئاسة وزراء لبنان في عام 1992، وكان الحريري معروفاً بتوطيد علاقاته بالمال، ولم تكن صداقته مع خدام؛ استثناءً.

ونقلت "مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد" (OCCRP) عن مسؤول سوري سابق رفيع المستوى، قوله: إن "خدام سيطر على لبنان من خلال الحريري والذي بدوره قدم له حسنات، واستذكر لقاءه بخدام في دمشق، حيث كان نائب الرئيس (يعيش حياة أسطورية)". 

وقال المسؤول السابق إن خدام اشتهر بمستوى من الفساد كان واضحاً للغاية لدرجة أنه "لا يحتاج إلى وثائق" ليتم إثباته.

ولفتت الصحيفة الألمانية إلى ظهور اتهامات أخرى ضد خدام بعد اغتيال الحريري خلال رئاسته الثانية للوزراء في عام 2005، وهي جريمة قتل نُسبت على نطاق واسع إلى نظام الأسد.

وفي العام التالي، انشق خدام عن نظام بشار الأسد وهرب إلى باريس، ورداً على ذلك، بدأ المسؤولون في نظام الأسد في تسريب تفاصيل تعاملاته السابقة.

في إيجاز مع الصحفيين، قال مسؤولون في النظام السوري إن خدام أخذ نحو 500 مليون دولار من الحريري على مدى عقدين، بعضها على شكل منازل ويخوت وأموال في حسابات مصرفية فرنسية ولبنانية وسويسرية. 

كما ذكرت وسائل إعلام في نظام الأسد أن خدام تلقى رشاوى في الثمانينيات للسماح لفرنسا وألمانيا بدفن النفايات المشعة في الصحراء.

وكان من بين العملاء الذين سربت حساباتهم محمد مخلوف، شقيق زوجة الرئيس السابق حافظ الأسد، الذي عمل كواجهة لصهره لسنوات بينما استفاد من علاقاته السياسية في إمبراطورية تجارية تشمل التبغ والعقارات والمصارف والنفط.

وتوفي محمد مخلوف في عام 2020، وأرسلت منظمة "OCCRP" رسائل إلى نجل محمد مخلوف، رامي، عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لم تتلق أي رد.

ووفق ترجمة موقع "تلفزيون سوريا"، لم تشر الصحيفة إلى حجم الأموال المودعة في حساب خال بشار الأسد، محمد مخلوف، خصوصاً أنه كان لديه نفوذ واسع في سوريا يتجاوز إلى حد كبير نفوذ عبد الحليم خدام، باعتبار أن الأول من الدائرة العائلية لأسرة الأسد الأب والابن.

وكان خدام ومخلوف من بين العديد من المسؤولين العرب أو النافذين الذين اعتمدوا على بنوك سويسرا في تخزين ثرواتهم على مدى سنوات، حيث كانت السرية المالية للبلاد والاستقرار النسبي منها وجهة شهيرة للأموال المشروعة وغير المشروعة.

وقال جاكسون أولدفيلد ، الباحث في المنتدى المدني لمجموعة الدعوة لاسترداد الأصول، لـ OCCRP: إن "التصور القائل بأنها كانت ملاذاً آمناً لإخفاء الثروة بطريقة توفر مستويات عالية من السرية جعلها وجهة جذابة للعديد من الأفراد".

وأضاف أن سويسرا ودولا أوروبية أخرى كان يُنظر إليها أيضاً على أنها "مستقرة بمعنى أن هذه الأموال لن تختفي بسبب تقلبات العملة، بسبب الحكومات غير المستقرة في المستقبل".

ومن المهم الإشارة إلى أن "تسريبات سويسرا السرية" كشفت أن خمسة رؤساء دول وحكومات سابقين أو حاليين من العالم العربي يمتلكون حسابات في "بنك سويس كريدي". 

كما تضمنت رؤساء تجسس وآخرين مرتبطين بوكالات المخابرات (العمود الفقري للعديد من الدول العربية) من اليمن والأردن والعراق ومصر وسوريا، وقد كانت بعض الحسابات مرتبطة بشخصيات أعمال بارزة متهمة بالعمل كواجهة للأنظمة العربية.

ترك تعليق

التعليق