رفع الدعم يمكن أن يكبد النظام السوري خسائر كبيرة ناجمة عن تدهور المستوى المعيشي


على الرغم من أن رفع النظام السوري الدعم عن آلاف الأسر السورية لم يكن مفاجئاً، لكن مراقبين يرجحون حدوث تأثيرات كارثية على المواطن بالدرجة الأولى. وفي المقابل، لن تنجح خطط الحكومة التقشفية المتعلقة بتقليص كلفة الدعم، لأنها ستتكبد أضعافها نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وتدهور العملة.

 ارتفاع أسعار السلع بنسب عالية، أتى كأبرز النتائج السريعة عن رفع الدعم، ما مهد الطريق أمام سوق موازية متنامية، تباع فيها السلعة بأسعار مضاعفة عن الأسعار المدعومة أو أسعار التكلفة التي أعلن عنها النظام.
 
يقول محمد العبد الله الباحث في مركز عمران للدراسات خلال حديث لـ "اقتصاد" إن رفع الدعم سيخلف آثاراً اقتصادية كبيرة على الشرائح المستضعفة من المواطنين، كونه يأتي متزامناً مع وجود مستويات مرتفعة من التضخم ومعدلات بطالة مرتفعة، إلى جانب تفشي معدلات الفقر بشكل كبير تجاوزت نسبته حاجز 90%. 

وفي ظل مفاعيل العقوبات الاقتصادية التي باتت آثارها واضحة على الاقتصاد السوري، وعجز حكومي واضح عن الاستمرار في تقديم الدعم لعموم المواطنين ومحاولات حكومة النظام الحثيثة لتقليص عجز الموازنة ما أمكنها ذلك وبشتى السبل، يمكن النظر إلى أن قرار رفع الدعم لم يكن مفاجئاً لمتابِعي الشأن الاقتصادي السوري مع توالي الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها مناطق النظام السوري ومحاولة حكومته استنباط أي حلول تحقق استمرار الحياة الاقتصادية، حتى ولو كانت على حساب الفئات الفقيرة والمهمشة من المجتمع.
 
في السياق، يرى العبد الله أن قرار رفع الدعم سيؤدي إلى حدوث خلخلة كبيرة في أسعار السلع ومدى قدرة الحكومة على ضبطها في ضوء قلة المعروض في السوق من السلع والاحتكار الذي تمارسه بعض الجهات على أسعارها. 

وبالتالي: من المتوقع حدوث ارتفاعات مضطردة في الأسعار وعدم قدرات شرائح من المجتمع ممن هم خارج نطاق الدعم على تلبيتها. في النهاية، سيخلق هذا أزمة معيشية لنسبة كبيرة من أفراد المجتمع، الذين قد يضطرون للتضحية بأصولهم المادية للاستمرار وتلبية احتياجاتهم.
 
يضيف العبد الله، أن ما سبق سيلقي بظلاله على تدهور قيمة الليرة السورية بسبب ارتفاع التضخم وانخفاض القدرة الشرائية لمجموعة كبيرة من السكان وتعطل الحركة الإنتاجية والزراعية بسبب ارتفاع أسعار حوامل الطاقة بمختلف أشكالها. وبالتالي فإن الكلفة التي تبغي الحكومة تقليصها من وراء قرار رفع الدعم ستتكبد أضعافها مع تدهور قيمة الليرة وارتفاع التضخم والأسعار.
 
من جهة أخرى، وفيما يتعلق بافتراض لجوء البعض لبيع أصولهم لعدم تفويت الفرصة للاستفادة من الدعم، يعتقد الباحث أن "الكتلة النقدية لبيع هذه الأصول لن تكون بتلك القيمة المؤثرة على الواقع الاقتصادي في ظل انخفاض الطلب على مثل هذه السلع. خاصة اذا ما علمنا مثلاً أن عدد الأسر المستبعدة من الدعم بسبب امتلاكها سيارة صناعة عام 2008 لا تتجاوز 66 ألف أسرة وما مجموعه تقريباً 58 ألف سيارة".

 لكن من المتوقع حدوث طلب كبير على السلع الاستهلاكية من قبل المواطنين مع قلة المعروض منها نتيجة التخوف الكبير من ارتفاع أسعارها مستقبلاً، في ظل عجز حكومي واضح على منع الاحتكار والتحكم في المعروض في الأسواق، وفقاً للباحث محمد العبد الله.

ترك تعليق

التعليق