دول الخليج تقاوم الضغوط لزيادة إنتاج النفط: فهل ارتفاع الأسعار لصالحها؟


لم تلق الدعوات إلى زيادة إنتاج النفط، للحد من ارتفاع أسعاره جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، آذانا صاغية لدى حكام دول الخليج الذي يسعون لمقاومة الضغوط الغربية. وترغب هذه الدول في تحقيق أرباح كبيرة جراء ارتفاع الأسعار سيجنبها الوقوع في عجز في ميزانيتها في عام 2022، على الرغم من إدراكها مخاطر ذلك على المدى البعيد. كما يريد الخليج إيصال رسالة إلى واشنطن مفادها أن "هذه الحرب ليست حربنا"، ما يشبه إلى حد بعيد الرسالة التي يرسلها لهم الأمريكيون منذ سنوات عدة حول اليمن.

وتواصل دول الخليج، الغنية بموارد الطاقة، مقاومة الضغوط الغربية والدعوات للعمل على الحد من ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، سعيا لحماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، بحسب خبراء.

ووصل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 115 دولارا للبرميل الواحد الخميس، في رقم قياسي منذ 2008، مدفوعا بالحرب في أوكرانيا والشكوك بشأن عرض الذهب الأسود الروسي، بينما اقترب سعر خام برنت من 120 دولارا. تجدر الإشارة إلى أن روسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم بعد السعودية القريبة من الدول الغربية ومن موسكو في آن واحد.

ورفضت منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفاؤها في تحالف "أوبك بلاس" بقيادة السعوديين والروس، الأربعاء الدعوة إلى زيادة الإنتاج بوتيرة أسرع.

اختبار القدرة على الاستقلالية الاستراتيجية

ويشير الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حسن الحسن إلى أن "دول الخليج تختبر قدرتها على التمتع باستقلالية استراتيجية للدفاع عن مصالحها". ولا تظهر الدول الخليجية المنتجة التي عانت من انخفاض أسعار النفط منذ العام 2014، ميلا للتحرك الفوري، لأنها تستفيد من ارتفاع الأسعار على المدى القصير.

وفي هذا الإطار، لفتت الخبيرة في أسواق الطاقة كارين يونغ على موقع معهد دول الخليج العربي ومقره واشنطن إلى أنه في حال بقي سعر البرميل فوق مستوى 100 دولار، فلن تعاني أي من ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي الست عجزا في عام 2022.

من قادر على تعويض الانتاج الروسي؟

من جهتها، أوضحت نائبة رئيس مكتب مؤسسة "إنرجي إنتليجنس" المتخصصة بالطاقة أمينة بكر أنه "لا يوجد نقص في النفط الخام في السوق، بحسب أوبك"، مضيفة أنّ "تأثير العقوبات الغربية على صادرات النفط والغاز الروسية ما زال مجهولا".

وتلفت بكر إلى أن الدولتين الوحيدتين في "اوبك بلاس" القادرتين على زيادة الضخ، هما السعودية والإمارات، لكنهما تبقيان بعيدتين عن سد فجوة الصادرات الروسية، موضحة أن الإنتاج الإضافي يمكن أن يصل إلى 2,5 مليون برميل يوميا "بينما تقترب الصادرات الروسية من 4,8 ملايين برميل".

أرباح سريعة ولكن...

على الرغم من الأرباح السريعة، تدرك البلدان المنتجة للنفط أن الأسعار المرتفعة تخاطر بضرب الاقتصاد العالمي وتسريع عملية التحول "الخضراء" في الطاقة، خصوصا أن الارتفاع يأتي في خضم حملة التعافي من تبعات فيروس كورونا.

ويذكر الحسن أنه بالنسبة للسعودية "الأهم هو أن تكون قادرة على تثبيت الأسعار"، وهو أمر يعتمد على التعاون مع روسيا في إطار "أوبك بلاس"، مضيفا "في آخر مرة تواجه فيها العرب وروسيا حول حصص الإنتاج، أدى ذلك إلى حرب أسعار ثم إلى انهيار في الأسعار".

أما بكر فتعتبر أن "إبقاء روسيا ضمن أوبك بلاس أمر ضروري للدول الأعضاء. إنها الطريقة الوحيدة للحفاظ على دفة إدارة السوق في السنوات القادمة".

هل ستزيد واشنطن ضغوطها؟

إلى ذلك، أعلنت وكالة الطاقة الدولية الثلاثاء أن الدول الأعضاء فيها ستفرج عن 60 مليون برميل من احتياطاتها الطارئة من أجل استقرار السوق، نصفها من الولايات المتحدة.

ويرى الحسن أن الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة على شركائها الخليجيين المقربين كان "محدودا" حتى الآن، ويجب أن "ننتظر لنرى ما إذا كان سيزداد في الأيام المقبلة".

وأكد أن دول الخليج ترد بأن "هذه الحرب ليست حربنا"، وهي رسالة تشبه إلى حد بعيد الرسالة التي يرسلها لهم الأمريكيون منذ سنوات عدة حول اليمن".

ترك تعليق

التعليق