وفق مؤشر الأسعار.. هل الدولار يعادل نحو 5 آلاف ليرة؟


يثير ارتفاع الأسعار المستمر في الأسواق السورية، العديد من التساؤلات حول أسبابه: فهل هو مرتبط بارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً بسبب الأزمة الأوكرانية، أم أن الليرة السورية هي التي تهبط، لكن السلطة تضغط بحيث يتم تصريفها دون سعرها الحقيقي، وبالذات في السوق السوداء؟

تشير الأرقام، ومنذ منتصف شهر شباط الماضي وحتى اليوم، إلى أن هناك ارتفاع كبير في مؤشر أسعار المنتجين، انعكس على مؤشر أسعار سوق الاستهلاك، وهو ما أدى إلى انكشاف الدول ذات الاقتصادات الضعيفة، التي لا تملك القدرة على سد هذه الفجوة، من خلال زيادة دخل المستهلكين، أو من خلال التدخل في الأسواق ودعم المواد المرتفعة.. وسوريا من أبرز هذه الدول بكل تأكيد.

إذاً، ارتفاع الأسعار هو عالمي وفق الكلام السابق، مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة وسوق الشحن الدولي، بالإضافة إلى توقف توريد المواد القادمة من روسيا وأوكرانيا، والتي تشكل نسبة لا يستهان بها من اقتصاد المواد الغذائية العالمي، وفق ما كشفت العديد من الدراسات في الآونة الأخيرة.

غير أن المنطق السابق لا ينطبق بحذافيره على الحالة السورية، التي شهدت فيها الأسعار ارتفاعاً يفوق ما شهدته الدول الأخرى.. ارتفاع يعزوه المسؤولون السوريون لظروف الحصار التي يعاني منها البلد، والتي تجعلها لا تتشابه مع باقي الدول، وبالتالي لا يمكن القياس على مؤشر الأسعار الموجود لديها مع الحالة السورية.

هذا الكلام، كان بالنسبة للعديد من المراقبين غير مقنع، لأن العقوبات والحصار على النظام السوري لم تطل المواد الغذائية والأدوية، وبالنسبة للنفط فهو يأتي من إيران، وبأسعار أقل بكثير من الأسعار العالمية، وهو ما جعلهم ينظرون للعامل الآخر في تبرير أسباب هذا الارتفاع في سوريا زيادة عن باقي الدول، ألا وهو النقد، أي الليرة السورية.

يرى الكثير من هؤلاء المراقبين أن قيمة أي عملة تتحدد بما تشتريه من سلع وخدمات، وبالتالي فإن قيمة الليرة السورية هي أقل بكثير مما يتم تداوله في السوق السوداء والمقدر بنحو 3920 ليرة مقابل الدولار، وذلك عند مقارنة ما تشتريه في السوق المحلية مع أسواق الدول المجاورة أو أسواق الدول الأخرى، بما فيها الأوروبية.

بصيغة أخرى، لو أخذنا مؤشر أسعار الخضار والعديد من السلع المنتجة محلياً، فسوف نجد أن أسعارها محلياً أعلى من أسعارها في باقي الدول التي تنتجها محلياً كذلك، وكذلك السلع المستوردة، يفوق سعرها في سوريا عن تلك الدول، بنسبة تصل أحياناً إلى أكثر من 10 بالمئة.

هذه المقارنة دفعتهم للتفكير بأن سعر صرف الليرة السورية غير حقيقي، وأن سعرها يقارب الـ 5 آلاف ليرة مقابل الدولار، غير أن الحكومة تحاول أن تتحكم بقيمتها عند مستوى معين، حتى في السوق السوداء، عبر العديد من الإجراءات، والتي يأتي على رأسها الإجراءات الأمنية المشددة بحق من يتداولون الدولار وغيرها من العملات الصعبة، بالإضافة إلى بعض الإجراءات الاقتصادية، كمحاولة سحب السيولة من السوق ومن أيدي الناس، وتخزينها في البنوك خوفاً من تصريفها إلى عملات أخرى، فيزيد العرض على الطلب، وبالتالي تنخفض العملة بفعل هذه العملية.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة، هو إلى أي مدى تستطيع الحكومة الإمساك بسعر الصرف عند مستوى معين، وما هي احتمالات أن تفلت هذه العملية من يدها وتنهار الليرة بشكل متسارع..؟

في الإجابة، يمكن القول إن الأمر متوقف كله على تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا، والارتدادات التي قد تخلفها في المرحلة القادمة على مستوى الأسواق العالمية..

هناك توقعات بانهيار اقتصادات دول كبرى إذا ما طالت هذه الحرب.. فما بالك بالاقتصاد السوري الذي يزحف على بطنه منذ عدة سنوات..؟!

ترك تعليق

التعليق