النظام يرفع أسعار المحروقات على وقع منتصف الليل.. وتشكيك بقصة شراء النفط الإيراني


حالة من التخبط منذ صباح اليوم تشهدها الأسواق السورية، بعد رفع أسعار المحروقات في ساعة متأخرة من مساء أمس، حيث كشفت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، توقف الكثير من وسائل النقل عن العمل بانتظار التسعيرة الجديدة، كما توقفت أغلب المحال التجارية عن حركة البيع والشراء، نظراً لارتباط المحروقات بشكل أساسي مع أسعار المنتجات.

ورفعت وزارة التجارة الداخلية، سعر البنزين أوكتان 90 غير المدعوم من 2500 ليرة إلى 3500 ليرة، والأوكتان 95 من 3000 ليرة إلى 4000 ليرة، ورفعت كذلك سعر المازوت الصناعي والتجاري إلى 2500 ليرة.

وبحسب العديد من السوريين الذين استطلع "اقتصاد" آراءهم في الداخل السوري، فإن الناس لم تعد تعبأ لقرارات رفع الأسعار، لأن الهوة بالأساس باتت واسعة بين مستوى الأجور والأسعار، مشيرين إلى أن أسعار المحروقات في السوق السوداء هي أعلى من سعرها بعد رفعها، ما يشير إلى أن النظام بدأ يتبع سياسة فقدان المادة من الأسواق في البداية، ومن ثم إيجاد سوق سوداء لها بسعر مرتفع، وفي المرحلة الأخيرة يقوم برفع الأسعار إلى ما يقارب سعرها في السوداء، بحيث أن الناس لا يكون لديها ردة فعل قوية.

وأشار "ب ـ مصطفى" وهو موظف حكومي بدمشق، أن المخيب للآمال ليس رفع الأسعار، وإنما استمرار فقدان هذه المواد من الأسواق، معبراً عن خشيته، أن يؤدي رفع سعر المحروقات بشكل رسمي إلى رفع أسعارها في السوق السوداء بشكل أكثر.

ولفت مصطفى، إلى أن سعر المازوت في السوق السوداء ومثله البنزين يبلغ نحو 5 آلاف ليرة سورية منذ عدة أشهر، وتقريباً أغلب وسائل النقل لم تعد تعتمد على المازوت المباع في محطات الوقود، وهو ما اعتبره مؤشراً خطيراً على فقدان الحكومة لسيطرتها على كل شيء، بحيث أن السوريين بدأوا يتأقلمون مع فكرة عدم وجودها، نظراً لغياب تأثيرها في حياتهم، بحسب قوله.

وفي السياق ذاته، رأى المحامي "عبد المنعم ـ ن"، وهو من سكان دمشق، أن الحكومة تحاول استنزاف السوريين في الخارج إلى أكبر قدر ممكن، وهم الذين يعيلون أهاليهم في الداخل، مشيراً من جهة ثانية، إلى أن غياب ردة الفعل من قبل الناس، سوف يدفع الحكومة في المرحلة القادمة لاتخاذ الكثير من قرارات رفع الأسعار، ودون أن تحرك ساكناً على مستوى تحسين الأجور والرواتب.

وسبق رفع أسعار المحروقات في السوق السورية، الكثير من التلميحات من قبل وسائل إعلام رئيسية في النظام، بناء على تصريحات مسؤولين في قطاع النفط السوري، والذين تحدثوا في اليومين الأخيرين، عن خسائر كبيرة تتكبدها الحكومة جراء اضطرارها لشراء أكثر من 90 بالمئة من حاجتها من الأسواق الخارجية، بالإضافة إلى الصعوبات التي تعانيها جراء العقوبات والحصار، ما يجعلها تدفع سعر برميل النفط بأكثر من أسعاره العالمية، وهو قول فنده أحد المحللين الاقتصاديين في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد" والذي رأى أن هذا الكلام عار عن الصحة، لأن إيران تبيع النفط للنظام بأسعار تفضيلية، تقل عن الأسعار العالمية بأكثر من النصف.

وأوضح المحلل الاقتصادي، أيمن حسنين، الذي يعمل استشاريا في أحد الشركات التابعة للقطاع الخاص بدمشق، أن المشكلة التي تواجهها حكومة النظام السوري، لا علاقة لها بالدرجة الأولى بالعقوبات والحصار وما إلى ذلك من حجج تتعلق بارتفاع الأسعار العالمية للمواد الخام، وإنما هناك مشكلة نقص في التمويل من العملات الصعبة، وتضخم نقدي كبير في الأسواق، جراء التمويل بالعجز، وطرح كميات كبيرة من العملة السورية، لتغطية نفقات الدولة، وهو ما انعكس حسب رأيه، على الثقة بقيمة العملة المحلية الفعلية.

وأضاف حسنين، أن إيران ومنذ مطلع الثمانينيات وهي تقدم يومياً للنظام السوري، 100 ألف برميل من النفط، بشكل مجاني أو بسعر بخس، واستمرت بهذه العملية حتى عندما وصل إنتاج سوريا إلى ما يقارب الـ 600 ألف برميل في التسعينيات من القرن الماضي، معبراً عن اعتقاده بأن الحديث عن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط وتأثير ذلك على مستوردات سوريا منه وزيادة التكلفة عليها، كلام غير منطقي، لأن إيران تبيع للعديد من الدول بأسعار تفضيلية بعيدة كثيراً عن الأسعار العالمية، بسبب العقوبات الأمريكية على نفطها، ومنها تركيا والصين والعديد من الدول.. متسائلاً: هل يعقل أنها تبيع نفطها لحليفها السوري بالسعر العالمي..؟!

وأكد حسنين، أنه إذا سلمنا بأن النظام السوري يشتري النفط من إيران ويدفع ثمنه بالدولار، فهذا يعني بأن النظام مدين بأكثر من 20 مليار دولار لإيران، نظراً لأنه يستورد منها النفط بشكل كامل منذ أكثر من سبع سنوات، فيما تقدر حاجته السنوية بنحو 40 مليون برميل نفط، وهذه تقدر قيمتها بنحو 3 مليارات دولار، عندما كان سعر البرميل دون 80 دولار، في السنوات السابقة، قبل أن يرتفع فوق الـ 100 دولار في الأشهر الأخيرة.

ترك تعليق

التعليق