شح المياه الشديد يؤثر على محصول القمح في العراق


 يقوم صلاح شيلاب بفصل القمح عن سنابله التي انتزعها من أرضه الزراعية المترامية الأطراف جنوبي بغداد ويفحص بذورها في راحة يده. لقد كانت أخف بعدة غرامات مما كان يأمل.

يقول شيلاب، بينما كان صوت آلة الحصاد يهدر خلفه وهي تحصد وتجمع محصول العام من القمح، إن سبب ذلك هو "نقص المياه".

يمتلك شيلاب 40 دونما من الأراضي الزراعية، لكنه لم يتمكن من ري ربعها بعد أن فرضت وزارة الزراعة حصصا محددة خلال موسم الزراعة، حسبما يقول. ويخشى شيلاب من بوار باقي الأرض بسبب عدم الري.

في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار القمح في جميع أنحاء العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، يقول المزارعون العراقيون إنهم يدفعون ثمن قرار الحكومة بقطع الري عن المناطق الزراعية بنسبة 50 بالمائة بسبب الشح الشديد في المياه الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وتغير المناخ وسحب المياه المستمر من قبل البلدان المجاورة من نهري دجلة والفرات، وكلها عوامل أدت إلى ضعف شديد لإنتاج القمح.

كما يعني ذلك أن الحكومة العراقية غير قادرة على معالجة القضايا الأخرى التي تم إهمالها منذ فترة طويلة.

تم إلقاء اللوم على التصحر كعامل وراء موجة العواصف الرملية التي لا هوادة فيها التي ضربت العراق هذا العام.

ضرب البلاد ما لا يقل عن 10 عواصف رملية في الأشهر القليلة الماضية، غطت المدن بغطاء كثيف من الغبار البرتقالي، وأوقفت الرحلات الجوية وأدت إلى دخول آلاف الأشخاص إلى المستشفيات.

يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات في تلبية جميع احتياجاته المائية تقريبا. وينبغ كلاهما من تركيا وإيران اللتين قامتا ببناء سدود أدت إما إلى سد أو تحويل المياه، ما تسبب في نقص كبير في العراق.

وفي السياق، قال وزير الموارد المائية مهدي رشيد، للأسوشيتدبرس، إن منسوب النهرين أقل بنسبة 60 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.

وبالنسبة لشيلاب، تعني قلة المياه حجما أصغر لحبة القمح وغلة محصول أقل.

في عام 2021، أنتج شيلاب 30 ألف طن من القمح، وفي العام الذي سبق ذلك أنتج 32 ألف طن، كما تظهر إيصالات صوامع وزارة التجارة. هذا العام، لا يتوقع أكثر من 10 آلاف طن.

تروى محاصيله بمياه الأمطار، كما تروى عبر قناة تم تحويلها من نهر الفرات.

وقال إنه بسبب انخفاض مستويات هطول الأمطار، فقد اضطر إلى الاعتماد على مياه النهر خلال موسم النمو. لكن المسؤولين الحكوميين قالوا إن التغيير ضروري.

كان النظام الحالي غير فعال وغير مستدام لعقود.

ولا تترك ندرة المياه لهم أي خيار سوى الضغط لتحديث تقنيات الزراعة القديمة والمهدرة.

وإلى ذلك، قال حميد النايف، المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية "لدينا خطة إستراتيجية لمواجهة الجفاف نظرا لقلة الأمطار والاحتباس الحراري وقلة مياه الري القادمة من الدول المجاورة حيث لم نحصل على نصيبنا من استحقاقات المياه".

اتخذت الوزارة إجراءات لابتكار أنواع جديدة من القمح المقاوم للجفاف وإدخال طرق لزيادة إنتاجية المحاصيل لكل دونم لتعويض المزارعين.

وقال النايف "ما زلنا نتعامل مع أنظمة الري التي كان معمولا بها في الخمسينيات. وهي لا تمثل شيئا للمزارعين. يجب على الدولة أن تجعل هذه الأنظمة فعالة، ويجب أن نجبر المزارع على قبولها".

لطالما اعتمد المزارعون العراقيون تاريخيا على الدولة في إنتاج الغذاء، وهو اعتماد قال صناع القرار والخبراء إنه يستنزف الأموال الحكومية.

وتدعم وزارة الزراعة المزارعين من خلال توفير كل شيء من أدوات الحصاد والبذور والأسمدة والمبيدات بسعر مدعوم أو مجانا.

يتم توفير المياه المحولة من الأنهار للري دون أي تكلفة. وتقوم وزارة التجارة بعد ذلك بتخزين أو شراء المنتجات من المزارعين وتوزيعها على الأسواق.

والقمح محصول إستراتيجي رئيسي، حيث يمثل 70 بالمائة من إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد.

تبدأ الزراعة في أكتوبر / تشرين أول ويبدأ الحصاد عادة في أبريل / نيسان ويمتد حتى يونيو / حزيران في بعض المناطق.

وخفضت وزارة الزراعة العام الماضي دعمها للأسمدة والبذور والمبيدات، وهي خطوة أثارت غضب المزارعين.

يتراوح الطلب المحلي على القمح ما بين 5 إلى 6 ملايين طن سنويا. وتظهر غلة الحصاد أن الإنتاج المحلي آخذ في الانكماش مع مرور كل عام.

في عام 2021 أنتج العراق 4.2 مليون طن من القمح، بحسب وزارة الزراعة. وفي عام 2020، كان الإنتاج 6.2 مليون طن.

وفي هذا الصدد، قال النايف "قد نحصل اليوم على 2.5 مليون طن في أحسن الأحوال"، الأمر الذي يتطلب من العراق زيادة الواردات.

كما أوضح النايف أنه يوجد حاليا 373 ألف طن قمح فقط في مخازن وزارة التجارة.

لتلبية المطالب وسط الأزمة العالمية الأخيرة في سوق الحبوب، غيرت الحكومة مؤخرا سياستها للسماح لجميع المزارعين العراقيين ببيع منتجاتهم إلى صوامع وزارة التجارة.

في السابق كان هذا يقتصر على المزارعين الذين يعملون ضمن خطة الحكومة.

ترك تعليق

التعليق