عبد القادر صبرا يخرج من العقوبات الأوروبية على نظام الأسد


قبل أكثر من عامين اتصل بي صديق عزيز، يستأذنني بإعطاء رقمي لشخص قارئ لكتاباتي، ويريد التواصل معي والدردشة حولها.. وبالفعل ما هي إلا دقائق حتى اتصل بي هذا الشخص، وكنت للتو قد وصلت إلى أسطنبول، وفي طريقي إلى مدينة غازي عنتاب في الجنوب التركي، فأعلمني أنه حالياً في زيارة إلى عنتاب، وبالتالي نستطيع أن نلتقي ونتحدث وجهاً لوجه.

في اليوم التالي التقينا -وهو شخصية معروفة سوف أتحفظ على ذكر اسمها-، وفوجئت به يناقشني بأكثر من مقال كنت قد كتبته عن عبد القادر صبرا، رئيس غرفة التجارة البحرية، ورئيس مجلس رجال الأعمال السوري التركي، وأحد أبرز شركاء رامي مخلوف في شام القابضة، كنت قد اتهمته فيها بأنه داعم لنظام الأسد وأحد مموليه في حربه على الشعب السوري، وبالتالي يستحق العقوبة والملاحقة وأن يوضع على القوائم السوداء إيذاناً بمحاسبته بعد أن يسقط هذا النظام.

التقينا على مدى ثلاثة أيام متواصلة، أخبرني خلالها هذا الشخص أنني تجنيت كثيراً على عبد القادر صبرا، واتهمته بما ليس فيه ولا من طبائعه، بل على العكس هو من أبرز الداعمين للثورة في العمل الإنساني، وله أياد بيضاء فيها، لكن ظروفه لا تسمح له أن يفعل ذلك علانية، وإنما يقوم بها عبر أشخاص ووسطاء.. وعرفت في تلك الأثناء أن عبد القادر صبرا هو من طلب منه الاتصال بي والتفاوض معي على حذف هذه المقالات، لأنها أضرت بسمعته كثيراً.

كانت فكرة حذف هذه المقالات، التي تم نشرها على هذا الموقع، مرعبة كثيراً بالنسبة لي، وخصوصاً أن الأمر يتعلق برجل أعمال كبير ومهم، فلا بد أن يشك أصحاب الموقع أنه قد اشتراني.. لذلك شعرت بحرج شديد من هذا الطلب ورحت أتهرب منه بكافة الأشكال.. ولكن تحت الضغط والإلحاح، قلت لهذا الشخص، أن يتصل هو بنفسه بأصحاب هذا الموقع ويوضح لهم حقيقة موقف عبد القادر صبرا من النظام، وإذا اقتنعوا بأن مقالاتي مسيئة له وتجانب الحقيقة، فسوف يحذفونها..

وبالفعل هذا ما حدث.. جرى التواصل بعيداً عني.. وتم حذف هذه المقالات..

بالنسبة لي، لم ينتهِ الأمر عند هذه النقطة، بل رحت أتتبع قصة عبد القادر صبرا، الذي التقيته بشكل شخصي عدة مرات قبل العام 2011، وحاورته أكثر من مرة كذلك، وكان مثله مثل أي رجل أعمال، يعمل تحت مظلة رامي مخلوف، التي لم يكن هناك مظلة غيرها لكل من يريد أن يعمل في سوريا.. وقد كدنا في تلك الفترة أن نعمل جميعاً لدى رامي مخلوف، لولا أن قامت الثورة السورية، وتوقف هذا الهراء.

لا أستطيع القول إنني اقتنعت ببراءته بشكل كامل من موضوع التحالف مع النظام، لكن على الأقل توصلت إلى أنه بعد العام 2011، انتقل للإقامة في بيروت، على الرغم أنه في الأساس يقيم في اللاذقية، التي كانت مكاناً آمناً مقارنة بباقي المناطق السورية، وبالتالي لا بد أن ما أجبره على هذا الانتقال، هو موقف الحد الأدنى الذي لم يستطع الكثير من رجال الأعمال أخذه، وبعضهم اتخذه، فدفع ثمناً باهظاً وتم الحجز على جميع ممتلكاته ومصادرتها فيما بعد، بعد توجيه التهم لهم بدعم الإرهاب..

النقطة الثانية التي توصلت إليها، أن عبد القادر صبرا لم يخرج على وسائل الإعلام ويشبح للنظام كما فعل الكثيرون غيره، وكان هذا الأمر أحد الأساسيات التي فرضها النظام لإثبات الولاء له، وإلا سوف يتم التعامل معه على أنه من الضفة الأخرى..

وبخصوص عمله الإنساني في الثورة السورية، فقد علمت من أشخاص آخرين، أنه كان له مساهمة خفية، في تقديم تبرعات لمنظمات تعنى بالجانب الإغاثي للسوريين المهجرين واللاجئين، لكن لم أستطع معرفة حجمها وحدودها..

بكل الأحوال، قبل يومين، قام الاتحاد الأوروبي برفع اسم عبد القادر صبرا من قائمة العقوبات على نظام الأسد ورجالاته، وذلك في معرض تجديده لهذه العقوبة بشكل سنوي.. وجاء في حيثية القرار الأوروبي أنه لم يثبت لديهم أن صبرا لعب دوراً في دعم نظام الأسد ومساعدته على ارتكاب جرائم حرب بحق شعبه، وبالتالي لا داعي لاستمرار العقوبات عليه..

بصراحة، على مدى العامين الماضيين، كنت أشعر بعدم ارتياح كوني قبلت بحذف مقالات لي تتحدث عن صبرا ودوره في دعم النظام، كونه لم يستقر اليقين في داخلي بأنه غير ذلك.

ومع صدور القرار الأوروبي بتبرئة صبرا، شعرت بأن الأمر يخصني كذلك.. فهو بلا شك أراحني أكثر من السابق..

ترك تعليق

التعليق