اقتصاديات.. في سقوط هيبة النظام


نجح النظام السوري على مدى العقود الماضية، بتوجيه سهام النقد للحكومة على أنها المتسبب الرئيسي في المشاكل التي يعانيها السوريون، بينما ماذا يفعل رأس النظام، إذا كان لا يوجد في البلد التي يحكمها من هو قادر على تنفيذ سياسته الحكيمة وخططه الفذة.. هل يستورد مسؤولين من الخارج..؟!

هذه الفكرة سوف تجدها في رؤوس الكثير من الموالين، وقد تم ترسيخها عبر عمل طويل في وسائل الإعلام، من خلال السماح بشتم الحكومة وانتقادها، وبما يوحي بأن الرئيس غير راضٍ عنها، ويطلب من الناس أن تحاسبها وتصوب عملها.. وفي المقابل، ومن المفارقات العجيبة، أن أبسط سوري، يدرك أن الحكومة لا تملك سلطة اتخاذ أي قرار إلا إذا كان صادراً عن الرئيس ذاته وبتوجيه منه.. بل أكثر من ذلك، فإن الحكومة تنتظر أسبوعياً قائمة التوجيهات والقرارات القادمة من القصر الجمهوري، لإقرارها في اجتماعها الأسبوعي، ومن دون مناقشة.

لذلك، غير صحيح أن وزارة التجارة الداخلية هي من قررت رفع أسعار البنزين، كما أنها لا تملك سلطة رفع سعر أي مادة دون أن يكون ذلك صادراً وموافقاً عليه من الرئيس ذاته.. ولا تستغربوا أن يكون وزير التجارة مثل أي سوري، يشعر بالصدمة عندما يأتيه توجيه برفع سعر مادة معنية.. وعدا عن ذلك، مطلوب منه الدفاع عن القرار وتبريره، وهو ما يجعل المسؤولين لدى النظام يظهرون باستمرار في أسوأ صورهم، كذابين ومنافقين ودجالين، عكس الصورة التي يظهر عليها الرئيس، بأنه يفعل ما بوسعه لإسعاد مواطنيه..

مؤخراً، هذه الصورة لم تعد صالحة للاستخدام عند السوريين.. ومن يتابع تعليقات المؤيدين للنظام على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، سوف يلاحظ أن الناس بدأت تكتب صراحة بأن "الثلم الأعوج من الثور الكبير".. ومن جهة ثانية فإن القانون الذي أصدره النظام بمعاقبة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على انتقاداتهم للمسؤولين، لم يكن من باب الحرص على سمعة ومكانة هؤلاء المسؤولين وهيبة الدولة، بحسب ما ادعى القانون، وإنما لأن هذه الانتقادات والسخرية بدأت تطال رأس النظام ذاته.. لهذا أراد التعميم من أجل الحصول على التخصيص.. وهو برأينا ما لن يستطيع الحصول عليه، مع وجود ملايين السوريين خارج البلاد وخارج قبضته.. هؤلاء السوريين اليوم، هم بيضة القبان في فضح هذا النظام وممارساته، وعلى صفحاته الرسمية..

ترك تعليق

التعليق