كيف علّق اقتصاديون موالون على الانهيار الأخير لليرة السورية؟


أخبار انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار إلى مستوى قياسي، تجاوز حاجز الـ 4400 ليرة، بدأ يثير قلقاً كبيراً في الأسواق، وذلك بعدما شهدت أسعار المواد الأساسية ارتفاعات كبيرة في اليومين الماضيين، انعكست بشكل كبير على حالة السوريين المعاشية، وبالذات الذين يعيشون في مناطق النظام، حيث تعالت الأصوات المطالبة بضرورة رفع الرواتب والأجور بسرعة وبنسبة كبيرة، وإلا فإن الناس مقبلة على مجاعة حقيقية، قد تتحول إلى فوضى عارمة في الشارع.

وقال عضو مجلس الشعب التابع للنظام، محمد خير العكام، إنه لا بد من زيادة سريعة وكبيرة على الرواتب، لأن قيمتها الحالية لم تعد تكفي تكاليف المواصلات لعائلة مكونة من خمسة أشخاص وخاصة بعد رفع أسعار البنزين.

وأضاف العكام لإذاعة "شام إف إم" الموالية للنظام: "أنا أستاذ جامعي وراتبي لم يعد يكفي مصروف أسبوع، ولم يعد مقبولاً أن يكون متوسط الرواتب 150 ألف ليرة"، مشيراً إلى أن زيادة الرواتب بنسبة 30 – 50% لم تعد مجدية ولكنها ضرورية، ولو أن أصحاب المنشآت ورؤوس الأموال ملتزمون بدفع الضرائب لكانت حققت زيادة للرواتب بنسبة 100% واستفاد المواطنون منها، حيث توجد نسبة تهرب كبيرة من الضرائب.

بدوره اعتبر الخبير الاقتصادي عابد فضلية أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية ما يزال ضمن الحدود المقبولة رغم الحفاظ خلال الفترة الماضية على حالة شبه استقرار في سعر الصرف في السوق الموازية لأشهر طويلة كان يتراوح فيها بين 3500-4000 ليرة متوقعاً أن يتراجع سعر الصرف لحدود 4000 ليرة، مرجحاً أن تكون حالة الارتفاع الأخيرة في سعر الصرف سببها عرضي جراء ارتفاع الطلب على القطع الأجنبي لغاية ما وبعدها يعود لما كان عليه.

وعن حالة المضاربة بالليرات السورية أوضح فضلية لصحيفة "الوطن" الموالية للنظام، أن معدلات المضاربة تراجعت كثيراً عما كانت عليه في السنوات السابقة لكن حجم السيولة الكبير المتاح خارج القنوات المصرفية والذي تشير بعض التقديرات إلى أنه يتجاوز 20 ألف مليار يجعل هذه الأموال عرضة للمضاربة عند كل حالة اضطراب وخلل في سعر الصرف لأي سبب كان، مشيراً إلى أن كل الخيارات والإجراءات التي تم العمل عليها خلال الفترة الماضية لامتصاص السيولة بواسطة المصارف وطرح أوراق مالية والأسهم كله غير كاف والأساس في ذلك هو خلق مناخ اقتصادي يسهم في توظيف هذه الأموال في الأنشطة الاقتصادية بخلاف ما هو حاصل حالياً حيث تتجه معظم الأموال (السيولة) إما للسوق العقارية وهو ما خلق حالة طلب غير مبررة على العقارات وأسهم في رفع الأسعار بما لا يقل عن 25 بالمئة أو التوجه لخيار الإدخار بالذهب، وفي كلتا الحالتين، رأى فضلية أن هذا النوع من الإدخار غير مفيد، ولا يمكن حل الموضوع بالإجراءات الإدارية والتي أسهم بعضها في هروب الأموال من المؤسسات المالية والمصرفية مثل تحديد سقوف السحب اليومي وسقف الأموال المسموح نقلها بين المحافظات.

واعتبر أن تحديد حمل مبالغ الكاش بـ5 ملايين ليرة فيه تضييق على الحياة الاجتماعية والمعاملات بين الناس وخاصة حالات البيع والشراء وممارسة النشاط الاقتصادي، وأنه مع حالة التضخم لم يعد مبلغ 5 ملايين ليرة له قيمة شرائية عالية ولابد من إعادة النظر في هذه القرار، مبيناً أن هناك جملة من الإجراءات حالياً يتم العمل عليها من الجهات المعنية للحفاظ على استقرار سعر الصرف ولجم حالة المضاربات التي تحدث في الظل والتي تؤثر في سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية وخاصة أن استقرار سعر الصرف يسهم في ثبات أسعار المواد والسلع في السوق وبالتالي إمكانية أوسع للتسعير وفق الكلف الفعلية مع هوامش ربح مقبولة وبناء عليه يتم المحاسبة في حالة المخالفة.

من جهتها، كتبت وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة النظام، لمياء عاصي، محمّلة مسؤولية التضخم في الأسواق وتراجع سعر صرف الليرة، إلى رفع سعر البنزين في الفترة الأخيرة، بشكل كبير.
 
وقالت عاصي في منشور كتبته على صفحتها الشخصية في "فيسبوك": "صحيح أن رفع سعر البنزين أدى إلى سد بعض العجز في المشتقات النفطية الناتج عن ارتفاع سعر التكلفة عن سعر المبيع، ولكن في الوقت نفسه، أدى إلى رفع معدلات التضخم وغلاء أسعار جميع السلع وتدني أكبر للقدرة الشرائية لليرة السورية".

ترك تعليق

التعليق