قهر السوريين الموالين


أن يظهر بشار الأسد ثلاث مرات في غضون شهر، ويتحدث ثلاث مرات دون أن يتطرق إلى الوضع الداخلي المثقل بالأزمات المعاشية، فهذا يعني أحد أمرين، إما أن هذا الرجل لم يعد يسيطر على أمور الحكم في بلده، أو أن ذلك خطة مدروسة منه، لقهر السوريين وإغاظتهم، بعد أن استقرت أمور الحكم له، وبالتالي تأكيد الرسالة التي قالتها مستشارته الإعلامية لونا الشبل قبل أكثر من عام، مخاطبةً الموالين الذين بدأوا يرفعون الصوت مطالبين بتحسين أوضاعهم المعاشية، مكافأة لهم على ما بذلوه من تضحيات دفاعاً عن النظام، حيث قالت في ذلك اللقاء: "أنتم دافعتم عن أنفسكم ولم تدافعوا عن النظام.. النظام هو من دافع عن نفسه"، في إشارة إلى الاستعانة بحلفائه من الروس والإيرانيين وميليشياتهم.

هذه الرسالة التي قالتها لونا الشبل في حينها، وعلى ما يبدو أن بشار الأسد هو من لقنها إياها بهذه الصيغة الحرفية، لم يقرأها جيداً الكثير من الموالين، باستثناء نخبة صغيرة، ومنهم الكاتب الموالي قمر الزمان علوش، الذي مات الأسبوع الماضي، والذي كان قد علّق على كلام الشبل في حينه، بالقول: "إن ما تحاول الشبل قوله على لسان الأسد: لا خيار أمامك إلا أن تكون أحد رجالي. لم أطلب منك الصمود أنت دافعت عن نفسك". وتابع: "لن أعطيك وعوداً لحل مشاكلك لأنني لا أملك عصا سحرية.. ولكن تأكد دائما أنني أستطيع أن أُنقص خبزك اليومي متى شئت".

وتساءل علوش في ذلك المنشور المهم، وقتها: "أوليس من الغريب.. أن يأتي من يقول لي إذا لم تكن عضواً في القطيع فعليك ألا تخاف من الذئاب بل من الراعي..؟".

بعد ذلك التاريخ الذي جرت فيه هذه المساجلة، بين الشبل وعلوش، وكان ذلك بعد منتصف العام 2021، حدثت الكثير من التغيرات على صعيد سلوك وتصرفات بشار الأسد، إذ بدأ يظهر وهو وزوجته وأولاده، وكأنهم أسرة مالكة، على غرار الأسر الملكية الدستورية، الذين لا يخوضون في الأوضاع الداخلية، وإنما يتركز اهتمامهم على النشاطات الاجتماعية والإنسانية بالدرجة الأولى، ثم يقدمون خطابات زائفة عن ما يجب أن يكون عليه المواطن "الصالح" من الآن وصاعداً.. وهو مواطن أحسن قمر الزمان علوش كثيراً في تقديم مواصفاته، خلال رده على لونا الشبل.

نستطيع مما سبق أن نستنتج مستقبل الأوضاع في سوريا، على المستوى المعيشي على الأقل، وهو أن النظام ماض في سياسة إذلال الشعب السوري، وبالذات الموالي ، ليس بسبب نقص الموارد المالية الكافية، كما تدعي الحكومة، ولكن لأن النظام وصل إلى قناعة تامة بأنه ثبّت حكمه بالقوة الخارجية التي ساندته، وهو مستمر بفضل هذه القوة، وليس بفضل حاضنته الشعبية والطائفية.. لأنه لو لم يتم التلاعب بعقلها وعواطفها في بداية الثورة، لكانت مع المنقلبين عليه في ذلك الوقت..

لذلك ما يجري اليوم من سياسة رفع الأسعار ورفع الدعم وسياسة إفقار الشعب السوري، هو خطة مدروسة أكثر منه واقعاً مفروضاً، والهدف منه هو قهر السوريين والانتقام منهم، وبالذات الموالين، لأنهم فكروا للحظة بأن يكونوا مع الواقفين مع الثورة قبل أكثر من 11 عاماً.

لقد اعتاد النظام أن يعاقب أبناء طائفته، بضعف العقوبة التي يعاقب بها باقي أبناء الشعب السوري.. ومن يتابع الأوضاع في المنطقة الساحلية اليوم، سوف يجد أنها أسوأ بمرتين عما هي عليه في باقي المناطق السورية.. فهل وصلت الرسالة..؟!

ترك تعليق

التعليق