الكهرباء كبديل عن خليوي رامي مخلوف للاستمرار في نهب السوريين


تكشف تصريحات وزير الكهرباء التابع للنظام غسان الزامل التي أدلى بها لصحيفة "الثورة"، عن كم كبير من المعلومات التي تشير إلى أن قطاع الكهرباء في سوريا يتجه لأن يصبح أحد أبرز أدوات الثروة والسيطرة بيد رئيس النظام السوري بشار الأسد، وعلى غرار ما فعل مع قطاع الخليوي عندما أعطاه لابن خاله رامي مخلوف، ليجني منه أموالاً طائلة صبت في النهاية في جيبه الخاص، أي جيب بشار الأسد.

لكن مع تراجع إيرادات الخليوي بفضل ثورة الإنترنت الهائلة التي ألغت استغلال المشغلين في احتساب الاتصالات بالدقيقة والثانية، راح بشار الأسد يبحث عن مطارح أخرى للثروة، وهو ما وجده على ما يبدو في قطاع الكهرباء، إذ يشير اهتمامه الخاص في متابعة الإنجازات في هذا القطاع والذهاب بنفسه لافتتاح وتدشين مراحل العمل في محطات التوليد التقليدية والمتجددة، بالإضافة إلى رصد مبالغ كبيرة لإصلاح الشبكة الكهربائية، وإرسال القوافل التي تحمل المعدات إلى عدد من المحافظات من أجل تحسين واقع الشبكة، تشير كلها إلى أن بشار الأسد قد وقع اختياره بالفعل على قطاع الكهرباء، ليكون في المرحلة القادمة هو البديل الذي سوف يستخدمه للاستمرار في نهب السوريين.

القارئ لتصريحات وزير الكهرباء لصحيفة "الثورة" سوف يلاحظ كيف أن النظام يخطط للسيطرة على هذا القطاع بالكامل وضبطه بشكل يفوق ما هو متصور في أذهاننا، من أن المال العام لطالما كان سائباً، لكن على ما يبدو أنه من الآن وصاعداً لن يكون كذلك، حيث تم بناء خطة كاملة، وفقاً للوزير ذاته، من أجل ضبط التعدي على الشبكة الكهربائية وملاحقة كل من يحاول الاستجرار بشكل غير مشروع، مع فرض عقوبات صارمة بحق جميع المخالفين.

وأكد الزامل أن الوزارة شددت على كافة شركاتها العامة بضرورة التحرك وعلى مدار الساعات "وارديات ـ نهارية /ليلية" باتجاه كل مستجري الطاقة الكهربائية بطريقة غير مشروعة "منزلي ـ تجاري ـ صناعي ـ زراعي"، الذين يقدرون سنوياً، ممن سبق وأن تم ضبطهم، بالآلاف كل عام، وبقيم كلية تتخطى المليارات من الليرات السورية، وبكمية تصل إلى ملايين الـ "كيلو واط ساعي"، كاشفاً أن هذه الحملة التي أطلقتها الوزارة والتي يشرف على تطبيقها وتنفيذها فرق عمل تضم معاوني الوزير والمديرين العامين والمركزيين والفرعيين، تمتد على كامل المساحة الجغرافية السورية، وستطال كل المشتركين وتحديداً كبار المستهلكين للطاقة الكهربائية منوهاً أن لا استثناء لأحد في هذا الموضوع أياً كان، وعليه فإن كل مستجر غير قانوني للطاقة الكهربائية سيعاقب ويغرم وفق القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة بهذا الشأن.

وقال الوزير الزامل إن العنوان العريض لهذه الحملة هو اجتثاث وبتر هذه الظاهرة السلبية وغير الحضارية التي تلقي بظلالها الثقيلة جداً على وثوقية المنظومة، وتأمين التغذية الكهربائية للمشتركين الحقيقيين الملتزمين بدفع مستحقاتهم المالية كاملة للخزينة العامة للدولة، مؤكداً أن الضابطات العدلية ستكون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الاعتداء على المنظومة الكهربائية التي ترصد لها الدولة شهرياً عشرات المليارات من الليرات لدعم القطاع الكهربائي وتوفير حوامل الطاقة، لزوم تشغيل محطات التوليد ونقل الطاقة المنتجة وتوزيعها بأسعار مدعومة أقل عن مثيلاتها في الدول المجاورة بكثير، حسب وصفه.

وأوضح الوزير أن المرسوم التشريعي رقم 35 الخاص بمكافحة الاستجرار غير المشروع منح الوزارة والجهات التابعة لها صلاحية إغلاق أي منشأة تقوم بالاستجرار غير المشروع سواء كانت تجارية أم صناعية أم سياحية لمدة أقصاها خمسة عشر يوماً.

طبعاً يمكن النظر باستغراب لكلام الوزير من خلال أن واقع الكهرباء في سوريا بالأساس يعاني من ساعات تقنين طويلة، حيث تصل التغذية في العديد من المحافظات لنحو الساعتين طوال اليوم وأحياناً أقل من هذه المدة، فما هو حجم التعديات على الشبكة العامة إذا كانت الكهرباء غير موجودة أصلاً..؟

نقرأ في تصريحات الوزير أيضاً أن النظام بصدد تهيئة قطاع الكهرباء خلال فترة قريبة، وذلك عندما أشار لجاهزية المحطات حالياً لتوليد أكثر من 4 آلاف ميغاواط في اليوم، أي ما يعادل نحو 70 بالمئة من الحاجة الفعلية للبلد، والمقدرة بنحو 6 آلاف ميغاواط، غير أن النظام وكما يبدو لا يريد تشغيل هذه الكمية ووضعها على الشبكة العامة، قبل أن يتخذ مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تقديم الكهرباء لمن يدفع قيمتها الحقيقية، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال أرقام الموازنة العامة للدولة لعام 2023، والتي خلت من بند دعم الكهرباء بالكامل، ما يعني أن النظام يتجه لخصخصة هذا القطاع.

ولم ينس الوزير بالطبع، الحديث عن النقص في حوامل الطاقة، والذي يمنع من تشغيل المحطات بطاقتها الحقيقية، بحسب زعمه، لكن من يتعمق أكثر في كلام الوزير سوف يكتشف بأن هناك استراتيجية قادمة لضبط قطاع الكهرباء، وهو ما صرح عنه بأن هذه الاستراتجية سوف تستمر حتى العام 2030، وتهدف إلى ترشيد استهلاك الكهرباء بما فيها كهرباء الشوارع والقطاع العام، ومنع الهدر على الشبكة، مع البدء بإنشاء فرق كبيرة، لمتابعة هذه المواضيع وملاحقتها لحظة بلحظة، ضماناً لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإيرادت لصالح من سيستفيد من مشاريع الطاقة الكهربائية مستقبلاً.

إذاً، السوريون على موعد مع رامي مخلوف جديد في المرحلة القادمة، سوف يمسك قطاعاً حيوياً، لا يقل أهمية عن الأكل والشرب والهواء.. وقد يترحمون على أيام من كان ينهبهم من خلال الاتصالات الخليوية فقط.

ترك تعليق

التعليق