مسؤول في "مركزي النظام" يستعرض التحديات التي تواجه الليرة السورية


قدّم مدير العمليات المصرفية في مصرف سورية المركزي التابع للنظام، فؤاد علي، ما يمكن اعتباره شرحاً تفصيلياً لأسباب انهيار الليرة السورية في السنوات الثلاث الأخيرة، على وجه الخصوص، إذ فقدت نحو 90 بالمئة من قيمتها منذ نهاية العام 2019 وحتى اليوم، لكنه قدم تفسيرات تتوافق ومنطق الموقف السياسي للنظام، الذي يحمّل كامل المسؤولية للمعارضة، التي دمرت المعامل والمصانع، وجلبت التدخل الأجنبي للسيطرة على حقول النفط ومواقع إنتاج القمح، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية، حسب زعمه.

وبلغ سعر صرف الليرة السورية نهاية العام 2019 أقل من 1000 ليرة للدولار الواحد، بينما يتراوح سعر صرف الدولار في الوقت الحالي بين 5300 إلى 5600 ليرة، بحسب مناطق السيطرة بين النظام والمعارضة.

وبيّن علي في حديث مع صحيفة "تشرين" التابعة للنظام، أن سعر الليرة واجه هزات قوية ابتداء من نهاية 2019 مع نشوب الأزمة اللبنانية، وعدم قدرة السوريين على سحب ودائعهم بالقطع الأجنبي، إضافة إلى أزمة كورونا التي أثرت في نمو الاقتصادات العالمية ومنها سوريا، وصولاً إلى فرض عقوبات أمريكية جديدة متمثلة في "قانون قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران 2020، والتداعيات الأخرى التي أثرت في الاستقرار الاقتصادي في دول الجوار التي شهدت تراجعاً جوهرياً في قيمة عملاتها المحلية، فضلاً عن الحرب الروسية -الأوكرانية، التي سببت حالة تضخم عالمية وانقطاعاً في سلاسل التوريدات انعكست سلباً على أقوى العملات العالمية مثل اليورو والجنيه الإسترليني.

وعلى المستوى الداخلي، أضاف علي، أن من أهم الأسباب التي أثرت على وضع الليرة السورية، هي "تراجع الموارد والإنتاج واستمرار سيطرة القوات الأجنبية على آبار النفط، الأمر الذي يستوجب الاستمرار في استيراد النفط، وعدم كفاية محصول القمح المحلي لكون المحصول يتم بيعه إلى خارج الحدود، والحاجة إلى استيراد القمح والترميم المستمر للاحتياطي الغذائي".

وشرح علي الخسائر الكبيرة التي تركتها الحرب والتي انعكست مباشرةً على سعر الصرف، مشيراً إلى أن السياحة قبل الحرب كانت على سبيل المثال تدعم الخزينة سنوياً بحدود 6 مليارات دولار، حسب أرقام العام 2010، مع وصول ما يقارب 5 ملايين سائح إلى سوريا.

وبالنسبة للقطاع النفطي، أشار إلى أن إنتاج سوريا كان يصل إلى 385 ألف برميل يومياً، وكان يغطي معظم واردات الخزينة مع تلبية الحاجة المحلية التي كانت تبلغ 150 ألف برميل، والبقية كانت تذهب إلى التصدير، والقمح أيضاً كان يغطي الحاجة المحلية والفائض يذهب إلى التصدير، مضيفاً، "أما اليوم فإن فاتورة النفط والقمح وحدها كافية للتأثير بشكل قوي في الاقتصاد".

وشن مدير العمليات في مصرف سورية المركزي، هجوماً على المواقع الالكترونية التي تنقل أخبار سعر صرف الليرة السورية، واصفا إياها بالعامل النفسي الذي أثر على وضع الليرة، كما اتهم تلك المواقع بأنها مرتبطة بغرف عمليات بالخارج، لا تقل خطورة عن غرف العمليات العسكرية التي كانت موجودة في بعض الدول المجاورة، وذلك لتحطيم الاقتصاد السوري، على حد قوله.

وأوضح أن هذه المواقع تواظب على بث أخبار وهمية عن سعر الصرف وترويج لأسعار أعلى أو أقل من السعر الحقيقي، وتحرض ما يسمّى اقتصادياً بـ "سياسة القطيع" وبث الشائعات في عملية تلاعب هدفها تحقيق الأرباح لهذه المواقع ولمشغليها، والتي هي في بعض جوانبها شبكاتُ مضاربة، زاعماً أن "أغلب هذه المواقع مغرضة، وهي موجّهة ومسيّسة، وليست بعيدة عن غرف العمليات الموجودة في دول الجوار التي تكنّ العداء لسورية".

ولم يغفل علي الحديث عن العوامل الاقتصادية التي ساهمت في تدهور الليرة السورية، والتي لخّصها، بتراجع الإنتاج والتصدير وانخفاض المعروض من القطع الأجنبي، مشيراً إلى أن سعر الصرف هو تراكمي، وهو توازن في العرض والطلب، وعندما يتوازن العرض مع الطلب يتوازن سعر الصرف، أما حالياً "ومع تراجع عامل الإنتاج فقد تحولنا إلى الاستيراد ما أحدث خللاً في الميزان التجاري، وتوسع العجز".

وكشف علي أن الصادرات السورية قبل العام 2011 كانت تتراوح ما بين 17 و18 مليار دولار والمستوردات 19 مليار دولار، أي أن العجز في الميزان النقدي بحدود 2 مليار دولار، وكان يغطى من الحوالات، وأحياناً يحدث فائض بمليارات الدولارات، لافتاً إلى أن هذا انعكس وقتها على استقرار سعر الصرف، الذي كان يبلغ نحو 46 إلى 48 ليرة مقابل الدولار، وأحياناً كان أعلى من السوق السوداء.

ووصف علي سعر الصرف بأنه ميزان الحرارة للجسم الاقتصادي، فعندما يكون هناك خللٌ في الجسم الاقتصادي يكون هناك ارتفاعٌ في سعر الصرف، مستبعداً أن يقوم المصرف بضخّ الأموال لتغطية العجز، لأن السياسة النقدية بحسب قوله، هي دائماً سياسة قصيرة الأجل، إذ يتدخل المركزي في سعر الصرف في السوق مدة أشهر أو سنة كحد أقصى، بينما الاقتصاد الحقيقي تتدخل فيه وزارات متعددة معنية كالاقتصاد والزراعة.

ترك تعليق

التعليق