"المركزي" يقع في الحفرة مرتين... مزادات سرية لبيع الدولار

أشارت بعض المصادر المصرفية إلى احتمال إعادة مصرف سوريا المركزي تجربة المزادات العلنية لبيع الدولار، التي سبق ونفّذها في أواخر العام 2011، ومازال يحصد نتائجها السلبية على سعر الصرف إلى الآن، لكن بشكلٍ سري هذه المرة، وفق المصدر.

وتأتي هذه النية في إطار الكثير محاولات الرامية إلى نشر الثقة بالعملة السورية، والتي غالباً ما كانت تبوء بالفشل، والنتيجة ازدياد المضاربات على الليرة السورية، وتآكل قيمتها وارتفاع سعر صرفها أمام العملات الأجنبية.

رائحة صفقات مشبوهة
وفي تذكيرٍ للتجربة التي سبق للمركزي السوري وخاض غمارها، يمكننا أن نشير إلى أنه باع ما يقارب 50 مليون دولار لعدد قليل من شركات الصرافة في شهر تشرين الثاني من عام 2011 من خلال ثلاثة مزادات علنية، ويعتبر خبير اقتصادي أن هذه الخطوة كانت بمثابة تفريط في احتياطي القطع الأجنبي دون حساب، ظناً من المركزي أن الثورة ستنتهي بفترةٍ قصيرة، وبالتالي اتخذ إجراءات قصيرة الأمد، ويضيف أن هذه المزادات لم تتم بمعزلٍ عن عملية فساد كبرى، حيث قام ببيع الدولارات لعدد محدود من شركات الصرافة، وافتتح المزادات بسعر 54.20 ليرة للدولار، في حين كان السعر الرسمي هو 49.78 ما يعني أنه ثبت سعر السوق السوداء في ذلك الوقت وحصد الأرباح.

وفي حين يعتبر المركزي أن استراتيجياته التي يحاول اتباعها هي عبارة عن تدخلٍ إيجابي يكبح جماح السوق السوداء، يرى المراقبون، أن تدخلات المركزي تزيد الطين بلةً وتهلك الليرة السورية، ولنبقى في المثال ذاته، فإن تجربة المزادات التي يريد المركزي تكرارها،اعترفت بفشلها الحكومة السورية التي كانت قائمة آنذاك، حيث تبرأ منها وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار، معتبراً أنها من الخطوات الفاشلة المتخذة من قبل المركزي. 

عنزة ولو طارت
الاعتراف بفشل تجربة المزادات العلنية، لم يمنع المركزي من الحديث عن إمكانية تكرارها، في هذا الوقت الذي وصل فيه سعر الصرف إلى 90 ليرة، وهنا يرى الخبير الاقتصادي أن الحديث عن مثل هذه الخطوات لا يتعدى إطار نشر الشائعات، لتهدئة سعر الصرف، وإيهام المواطنين بامتلاك مصرف سوريا المركزي للقطع الأجنبي، وأنه قادر على بيعه لشركات الصرافة في مزادات، ويعطي مثالاُ على قرار المركزي ببيع المواطنين 5000 دولار عبر المصرف التجاري السوري، الذي لم يدخل حيز التنفيذ إلا لأيامٍ معدودة، قبل أن يتم التراجع عنه سريعاً.

و يستشهد الخبير الاقتصادي للتدليل على أن كل التصريحات ليست إلا رسائل نفسية لا أساس لها من الصحة، بكلامٍ لحاكم مصرف سوريا المركزي عندما أعلن عن المزادات السابقة في نهاية العام 2011، حيث قال حينها، بأنه "يسيطر بشكل واضح وجلي على السوق"، ويومها كان سعر الصرف 54 ليرة، وبعد أشهرٍ قليلة ارتفع سعر الصرف وتحديداً في شهر آذار ليصل إلى 100 ليرة للدولار الواحد.

انقلاب السحر على المركزي
وعلى ما يبدو أن المركزي السوري يحاول المكابرة على المشكلة، عبر نشر بعض الشائعات، محاولاً امتصاص خوف السوريين وهروبهم من عملتهم، فسوريا اليوم لا تمتلك أساساً اقتصادياً قوياً لدعم الليرة مقابل الدولار، فمصادر ومنابع تأمين القطع الأجنبي جُففت بسبب العقوبات المفروضة على النظام السوري، وتراجع كبير في تحويلات المغتربين، إلى جانب توقف تصدير النفط، وكذلك غياب السياحة، وشلل شبه كامل للعجلة الإنتاجية.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن مثل هذه التجربة التي يرى فيها المركزي تدخلاً غير مباشر وغير علني، إن صدقت ستعني استخدام هذه الدولارات في مزيدٍ من المضاربات، ولن تفضي إلى تخفيض سعر الصرف إنما على العكس تماماً ستشهد أسعار الصرف ارتفاعاً جديداً.


ترك تعليق

التعليق