وزارة المالية لا تحترم السرية المصرفية.. وتتسبب في خسائر للبنوك الخاصة

خرجت المصارف الخاصة العاملة في سوريا عن صمتها، لتوجه اتهامها للسلطة النقدية، بالتفريط في حقوقها، وذلك من خلال تقريرٍ صدر مؤخراً، تحدث عن أولويات الإصلاح الاقتصادي ومعاناة قطاع المصارف والتأمين.

عدم احترام السرية المصرفية، ومحاباة السلطة النقدية لبعض التجار في مكاتب الصرافة على حساب عمل المصارف الخاصة، وتناقض القرارات أبرز النقاط التي تحدث عنها التقرير حيث أشار إلى ضعف ممارسة المصرف المركزي ومجلس النقد، والتسليف لمهامهما، إضافةً إلى عدم استقلالية القرار المتخذ مع وجود فجوة بين التشريعات والقرارات.

وفي هذه النقطة رأى خبير مصرفي، فضل عدم ذكر اسمه، أنها حالة طبيعية لأن القرار سواء كان نقدياً أو اقتصادياً لا يصدر عن الجهات المعنية، إنما هو عبارة عن أوامر توجهها السلطات الأمنية، وتدخل فيه اعتبارات عديدة، ويأتي من منظور سياسي وليس من منطلق مصالح البلد اقتصادياً ونقدياً.

تمهيداً للإفلاس
وتعاني المصارف العاملة في سوريا حالياً من ديونٍ مشكوك بها وصلت إلى عشرات المليارات، وهو ما رأى فيه الخبراء تمهيداً لإعلان حالات إفلاسٍ ربما يشهدها العام القادم، كون أن القطاع العام هو الابن المدلل للدولة، ودائماً ما يكون ذلك على حساب القطاع الخاص، ليكون موضوع تحصيل الديون ثاني النقاط التي عرّج عليها التقرير، حيث أشار إلى وجود خللٍ في التعامل بين المصارف الخاصة والعامة الأمر الذي ينعكس سلباً، لاسيما أن هناك تمييزاً حتى بالقانون الذي يعطي الأولوية لتحصيل ديون المصارف العامة، باعتبارها ديوناً ممتازة ذات أولوية على ديون المصارف الخاصة عند التنفيذ إضافة إلى أن تعامل جهات القطاع كافة مرهون بموافقة رئاسة مجلس الوزراء، هذا إضافة إلى عدم خضوع هيئة الرقابة الشرعية لسلطة القوانين والتعليمات المصرفية النافذة.

وفي تعليقه على ذلك يشير الخبير المصرفي إلى أن النظام الاقتصادي السوري حاول التمهيد لبناء منظومةٍ مصرفية، والتوجه نحو الاقتصاد الليبرالي الحر، لكن عقلية القطاع العام بقيت هي المسيطرة، فخزينة الدولة لها الأولوية، على حساب أي مستثمر، وهذا ما بدأ يلمسه القطاع المصرفي في الظروف الحالية، خاصةً مع استمرار العمليات العسكرية التي تدفع بالحكومة السورية إلى تسخير كامل مواردها لخدمة هذا الهدف، وبالتالي التوجه أكثر لتحصيل الديون التي تعود على خزينة الدولة، دون الاكتراث للقطاع الخاص.

ووجه التقرير أيضاً انتقاداته لوزارة المالية، ما اعتبره المراقبون جرأةً في حد ذاته، حيث اتهم وزارة المالية أنها لا تمتلك أي رؤية واضحة في تطوير القطاع المالي والمصرفي، مع غياب واضح للمرونة في التعامل مع القطاع الخاص، إضافةً إلى أن تداخل المسوؤليات بين المصرف المركزي ووزارة المالية والحكومة أدى إلى وضوح العلاقة فيما بينها، كما انتقد التقرير محدودية إصدارات أذونات الخزينة مؤكداً عدم فعالية مزادات بيعها، وعدم اعتماد أسس اقتصادية سليمة في تسعيرها.

صمود لاستثمار سوق المستقبل
أما فيما يخص التشريعات والقوانين أظهر التقرير أن هناك سوءاً في استخدام قانون السرية المصرفية من خلال الإفراط بطلب المعلومات عن عدد كبير من العملاء بشكلٍ مستمر دون الرجوع للمصارف بنتائج التحقيق بالمعلومات المقدمة، هذا إضافةً إلى القيود الموجودة على تداول وتسعير القطع والتي تحابي مكاتب وشركات الصرافة على حساب المصارف وتقييد مراكز القطع الأجنبي للمصارف وتخفيضها إلى 2% فقط مقابل 10% قبل الأزمة، ما يتسبب بإرباكات وخسائر للمصارف وخاصة في ظل عدم استقرار أسعار الصرف هذا إضافةً إلى ضعف البنية التحتية الضرورية لتطوير الصيرفة الإلكترونية الأمر الذي يتطلب ضرورة إعادة النظر إلى الحد الأدنى المطلوب لرأسمال المصارف التقليدية والإسلامية وربطه بحجم أعمال المصرف.

التقرير الذي رأى فيه الخبير المصرفي جرأةً وخروجاً عن المألوف، أتى في توقيتٍ أثار بعض التساؤلات، تتعلق في إمكانية أن يكون ذلك خطوةً استباقية، لتبرير أي خروجٍ لاحقٍ من السوق، وهو الأمر الذي ينفيه الخبير المصرفي مؤقتاً، فالمنظومة المصرفية تعاني الكثير من الخسائر والمشكلات في الفترة الحالية، لكن خروجها من السوق مرتبط بأفق استمرار النظام أو بقائه، لأن سقوط النظام سيفتح أبواب استثمارٍ كبيرة، لا يمكن أن تخسرها المصارف، فصمودها كل هذه الأشهر، سيجعلها تستمر لأشهرٍ قادمة، لأنها تنظر للأمر على المدى البعيد.

ترك تعليق

التعليق