حكومة النظام تبيع المازوت لتأمين رواتب العاملين

تشهد المحافظات السورية نقصاً حاداً في مادة المازوت، حيث تم تقليص حصصها، بما لا يقل عن 60 %، في الوقت الذي لازالت حصص المنشآت الصناعية العامة المتوقفة عن العمل تقطع بشكلٍ مستمر.

وبينما يصرح النائب الاقتصادي في حكومة النظام أن الأزمة على طريق الانفراج يزداد الخناق على المواطن أكثر فأكثر، والملفت أنه حين يسأل عضو في المكتب التنفيذي في محافظة دمشق عن سبب الاستمرار في توزيع المازوت على المنشآت الصناعية المتوقفة عن العمل يجيب، بأنها تباع في السوق ويتم تأمين رواتب العمال من هذه الأموال.

ولهذا التخبط الذي يشوبه الكثير من الفساد في الأداء الحكومي العديد من الجوانب فمن ناحية أزمة المازوت وتشعباتها التي تستنزف السوريين يومياً، ومن جانبٍ آخر تصريح عضو المكتب التنفيذي في المحافظة، يفتح الأبواب على السؤال الأهم، والذي يتعلق بعجز الحكومة عن تأمين رواتب العاملين في المنشآت الصناعية.

في الشق الأول كان ملفتاً في الشهر الفائت حدثان يتعلقان باستيراد المازوت، الأول يتمثل في السماح للصناعيين والتجار باستيراد المشتقات النفطية لا سيما المازوت والفيول لتشغيل منشآتهم، والذي أثار العديد من التساؤلات المتعلقة عن آلية حصول الفعاليات الاقتصادية على المازوت، في ظل العقوبات من جهة وصعوبة تأمين القطع الأجنبي من جهةٍ ثانية، والثاني تمثل في وصول شحناتٍ من المازوت إلى سوريا عن طريق روسيا روّج لها الإعلام على أنها خطوة مهمة في طريق حل أزمة المازوت في حين أن الكمية التي وصلت لا تكفي حاجة سوريا لنصف يومٍ فقط، وكلا الحدثين لا يمكن النظر إليهما بعيداً عن الكميات التي تباع في السوق السوداء التي ترعاها أيادي الفساد.

وكلما ازداد الحديث عن المازوت تتذرع الحكومة بحجة الدعم فسعر طن المازوت عالمياً يصل إلى 935 دولاراً من أرضه، وبعد إضافة النفقات الإضافية من نقل المادة فإن السعر يرتفع بنسبة من 8 إلى 10% حتى يصل سعر الطن إلى 1025 دولاراً، وإذا كان سعر صرف الدولار حالياً يصل إلى 95 ليرة فإن سعر الطن بالليرة السورية يصل إلى أكثر من 97 ألف ليرة، وإذا كان كل طن هو 1200 ليتر فيكون سعر ليتر المازوت الحقيقي هو 80 ليرة، في الوقت الذي تبيعه الحكومة بسعر 25 ليرة لليتر، وتغفل حكومة النظام في سردها لهذه الأرقام عن حقيقة أن النفط ينتج محلياً ولا يجوز محاسبة المواطن بالأسعار العالمية كون أن دخله الشهري لا يتجاوز 150 دولاراً.

أما الشق الثاني والمتعلق بأن المازوت يتم بيعه وتأمين رواتب العمال من خلاله، فهو أخطر ما في الأمر، فلا يمكن قراءة هذا التصريح إلا بمعنى أن حكومة النظام تعجز حالياً عن دفع رواتب العاملين وتتاجر في المازوت المخصص لحاجات الصناعة والاستثمار والتدفئة، لتتخلص من أعباء تأمين الرواتب، في الوقت الذي تستنزف الآليات العسكرية مادة المازوت بشكلٍ كبير، ويشير الخبراء والمراقبون إلى أن هذه المسألة ستضاعف من حجم المأسة الإنسانية يوماً بعد يوم.

ترك تعليق

التعليق