"اقتصاد"تكشف مفارقات فاقعة من مؤتمر مانحي الكويت

ذاب "ثلج" مؤتمر المانحين في الكويت وبان "مرج" تبرعاتهم، ولولا غيث المثلث العربي الذهبي (السعودية، الكويت، الإمارات) لربما كان هذا المرج أشبه بأرض يباب، لاسيما عندما يأتي وقت جرد الحساب، ومقارنة حجم التبرع بـ"وزن" المتبرع وقدراته الاقتصادية.

ولعل اختيار عينة عشوائية من المتبرعين تكشف عن مفارقات صارخة، بين دول غنية، بل جبارة اقتصاديا، ظهرت وهي تتبرع لدعم سوريا في حجم أصغر من رجل أعمال متوسط الثراء في دول العالم الثالث!

دولة بـ48 دولة
النمسا التي تعد ضمن اقتصادات دول أوروبا المتطورة إلى حد بعيد، تبرعت بـ800 ألف دولار –دفعة واحدة- لدعم الشعب السوري، علما أن الناتج الإجمالي السنوي للنمسا يفوق 355 مليار دولار، حسب تقديرات 2012، علما أن رجل الأعمال الكويتي محمد ناصر الساير تكفل عشية مؤتمر المانحين بتقديم تبرع يناهزثلاثةملايين و500 ألف دولار.

النمسا تشغل المرتبة 38 في حجم الناتج القومي على مستوى دول العالم، وبينها وبين موريتانيا 118 درجة (موريتانيا في المرتبة 156 عالميا)، ومع ذلك تبرعت موريتانيا بمليون دولار، وهي التي لم تخرج يوما من إطار الدول الفقيرة، وكانت حتى وقت قريب من أكثر دول العالم المثقلة بالديون، فضلا عن أن إنتاجها المحلي لا يكاد يتخطى سبعة مليار ات و500 ألف دولار، أي إن النمسا تعادل بوزن ناتجها 48 دولة مثل موريتانيا!
موريتانيا دولة عربية، وقد يكون الشعور العربي والإسلامي هو الذي دفعها للتبرع بهذا المبلغ "الكبير" قياسا لإمكاناتها وإلى تبرعات صغيرة لمن هم "أكبر" منها، لذلك فإن الكلام عن مقارنة مجحفة بعض الشيء قد يكون محقا، وقد لا يتوازن إلا بمقارنة أخرى، طرفاها الهند وألمانيا.

ثراء خادع
برلين اكتفت بتقديم 10 ملايين يورو ( حوالي 13 مليون دولار)، وهي عاصمة الدولة التي تقود قاطرة التصدير وتتربع على عرشه العالمي، وهي ممثلة الاقتصاد الذي يتمتع بناتج محلي فائق الضخامة بوأ البلاد المرتبة السادسة دوليا بكل جدارة، بمبلغ يعادل 3.1 تريليون دولار، أي بعبارة أخرى: ثلاثة آلاف ومئة مليار دولار.

أما الهند فقدمت مليونين و500ألف دولار، وهو أقل من ربع ما قدمته ألمانيا، رغم أن الهند تحتل المرتبة الرابعة عالميا في حجم الناتج القومي (4.7 تريليون دولار)، لكن الهند تبقى في مصاف الدول الناشئة، الواقعة بين الدول النامية والمتقدمة، ومع تفوقها على ألمانيا في حجم الناتج فإن نصيب الألماني من دخل بلاده يقارب 39 ألف دولار سنويا، فيما يقل نصيب الهندي من دخل بلاده عن أربعة آلاف دولار سنويا؛ عطفا على التفاوت الكبير في عدد السكان بين البلدين.

وهكذا يظهر مقدار "الثراء" الهندي الخادع للوهلة الأولى، مقابل "الغنى" الحقيقي لألمانيا، ويظهر أن 2.5 مليون دولار أمريكي من الهند ربما تتقدم على 13 مليون دولار تمنحها ألمانيا، بمقدار 138 درجة، وهي الفارق بين مرتبتي البلدين في مجال نصيب الفرد من الدخل القومي!

وعقد المؤتمر الدولي للمانحين من أجل دعم سوريا أواخر يناير/كانون ثاني الفائت، بحضور 60 دولة، قدمت مساهمات متباينة، كان أضخمها مساعدة ثلاثية خليجية، غطت 60% من حجم الأموال المستهدفة، بعد تكفل السعودية والإمارات والكويت بـ900 مليون دولار، تقاسمت عبئها الدول الثلاث بالتساوي.

ترك تعليق

التعليق