رغم جمود سوق العقارات..الأسعار نار والخسائر 60 مليار دولار

لم تتأثر سوق العقارات السورية كثيراً في المرحلة الأولى للثورة، بل شهدت حركة نشطة وارتفاعاً في الأسعار بسبب اتجاه أصحاب المدخرات لشراء العقارات خوفاً من تدهور قيمة الليرة ، ولكن مع انسداد أفق الحل وتحول الصراع إلى مواجهات عسكرية عادت السوق للانكماش وتراجع تشييد الأبنية المرخصة والمخالفة خوفاً من المجهول، غير أن الشيء الوحيد الثابت هو استمرار الأسعار بالارتفاع.

المخالفات والخسائر
انتشرت المخالفات خاصة في المناطق الأقل توتراً بسرعة كبيرة ووصل عدد المنازل المخالفة خلال الأزمة " إلى 1.2 مليون منزل أي 3 % من مساحة المناطق المأهولة".وفقا لصحيفة رسمية  بينما أشار تقرير المركز السوري للسياسات الذي نشر مؤخراً إلى انتعاش قطاع البناء خاصة خلال الأشهر الأولى من الأزمة 2011 نتيجة ازدياد بناء السكن غير النظامي، غير أن تفاقم الحل العسكري الذي ينتهجه النظام في عام 2012 أدى إلى شبه توقف في البناء غير المرخص وأدى إلى تقليص في ناتج القطاع التشييد والبناء بـ 19%.

وقدّر خبير عقاري خسائر سوريا حتى الشهر الثامن من العام 2012 في القطاع العقاري حوالي 45 مليار دولار وهي قيمة ما خسره القطاع وما ستكلفه إعادة بناء ما تم تهديمه و بحسب الخبير نفسه فإن الخسائر وصلت الى 60 مليار دولارمع نهاية العام الماضي وهي مقسمة بين مناطق مهدمة كلياً ومناطق مهدمة بشكل جزئي ومناطق أخرى تضررت البنية التحتية فيها من ماء وكهرباء وصرف صحي ولابد لنا من إيجاد خطة كاملة لإعادة البناء في سوريا لمعالجة هذا الواقع المتردي".

ركود وتراجع
رغم أن الاتجاه العام يوصف بالركود والتراجع، والذي قدره صاحب مكتب عقاري في دمشق بنحو30% من حركة البيع والشراء، مع هذا يمكن تمييز مناطق تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار العقارات وإيجارات الشقق السكنية نتيجة كثرة الطلب وقلة العرض وهي عموماً مناطق هادئة كما محافظة طرطوس والسويداء وغيرهما.
ومناطق أخرى تشهد انخفاضاً بسبب كثرة العرض وقلة الطلب ولا سيما في المناطق "الساخنة" التي تشهد مواجهات عسكرية.
ويرى خبير عقاري- فضل عدم ذكراسمه- أن سبب تباطؤ حركة البيع والشراء تعود بالإضافة لظروف المواجهات العسكرية التي تشهدها البلاد، كثرة المعروض في السوق من أبنية سكنية وتجارية خالية، وتوقف البنوك المحلية الخاصة والحكومية عن إقراض الراغبين في شراء شقة سكنية، وأيضا امتناعها وتشددها في تمويل مشاريع التشييد والبناء للشركات العقارية، مترافقاً مع إحجام المستثمرين الكبار والشركات العقارية عن توظيف الأموال في التشييد والبناء بسبب تزايد المخاطر وحالة عدم الاستقرار العامة. 

أيضا لارتفاع أسعار مواد البناء أثر على سوق العقارات، فإرتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة ومخاطر النقل وكذلك ارتفاع قيمة القطع الأجنبي وازدياد تكلفة المستوردات ومدخلات الإنتاج عموماً يساهم في تغذية الاتجاه لرفع أسعار العقارات.

ويرتبط بالعقارات العديد من الصناعات الرديفة مثل الطلاء والسيراميك والرخام والصناعات الخشبية وغيرها من الصناعات التي تتأثر بما يصيب هذا القطاع بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

الأسعار.. نار
يالرجوع لأسعار التكلفة التي نشرها المكتب المركزي للإحصاء نجد أن سعر المتر في حلب هو الأعلى عام 2011 بتكفله لم تتجاوز 15209 ليرة للمتر مع إكساء جيد و12180 ليرة للإكساء العادي.
بينما تكلفة المتر مع إكساء جيد في دمشق 14103 ليرات، ما يشير إلى وجود فروق خيالية بين أسعار التكلفة وأسعار البيع والشراء في السوق.

وفي جولة على واقع العقارات المعروضة للبيع في دمشق التي تم تصنيفها كرابع أغلى مدينة في العالم نجد أن أسعار الشقق السكنية في المناطق "الراقية" مثل الروضة وأبو رمانة والشعلان والمهاجرين وشارع بغداد تتراوح بين 18 إلى 60 مليون ليرة، لمساحة شقق بين 125 و225مترا مربعا وفي مشروع دمر بين 30 إلى 50 مليون ليرة، بل تتخطى بعض العروض الخاصة هذه الأرقام الفلكية لشقق تتميز بموقعها ولا تزيد مساحتها عن 250مترا مربعا.

وفي مناطق مثل ركن الدين وبرزة تتراوح الأسعار بين 7 و20 مليون، وفي الضواحي مثل جديدة وجرمانا 
وصحنايا تتفاوت الأسعار بين "نظامي وعشوائي" وتتراوح بين 3 إلى 30 مليون ليرة. 

دمشق الأغلى دائماً
رغم كل الظروف التي تشهدها البلاد ما زالت دمشق التي تشكل مع ريفها نحو 44% من سكان سوريا تعتبر من أغلى مدن العالم في العقارات.

فحسب دراسة نشرت في لندن 2011 لمؤسسة "ويكفيلد" المتخصصة في متابعة أسعار العقارات حول العالم احتلت دمشق المرتبة الثامنة من بين أغلى عشر مدن في العالم في مؤشرات أسعار المكاتب والعقارات.

ترك تعليق

التعليق