أسعار الغذاء ارتفعت 85%... السوري يحتاج إلى 18 ألف ليرة دخلاً شهرياً ليأكل

شهدت الأسواق السورية قفزاتٍ عالية لأسعار السلع، في ظل تراجع الإنتاج، والخلل بين العرض النقدي والسلعي، لتدخل البلاد في حالةٍ من الركود التضخمي استنزفت ما تبقى من جيوب المواطن.

الفجوة بين دخل المواطن ومتطلبات الحياة اليومية ليست بالجديدة، فهي راسخة في هيكلية الاقتصاد السوري منذ عقود، وهو ما لم تنكره حكومة النظام السوري في فترات الاستقرار، حيث اعترفت عبر المكتب المركزي للإحصاء أن الفجوة بين دخل المواطن وحاجاته الأساسية تصل إلى 30 ألف ليرة سورية، ليكون الحال أكثر سوءاً خلال العامين الفائتين، حيث المواطن فريسة دخلٍ متواضعٍ وارتفاعٍ في الأسعار.

وتعددت الأرقام والنسب التي قدرها الخبراء والمعنيون لتحديد رقم التضخم، لكن ومن خلال حساب ارتفاع أسعار عددٍ من المواد الأساسية، يمكننا تقدير نسبة التضخم، حيث قامت "اقتصاد" بتنفيذ هذه المهمة، ليصل إلى نسبة تضخمٍ في السلع الغذائية الضرورية إلى 85 %، ما يعني انخفاض القوة الشرائية بنسبة تصل إلى 46 %، وليستطيع المواطن السوري الإنفاق على سلعه الغذائية المتضمنة حوالي 30 سلعة غذائية ضرورية، مضافاً إليها الغاز والمازوت والبينزين بالسعر الرسمي وليس السوق السوداء، فإن الأمر يتطلب منه دخلاً يصل إلى 18155 ليرة، في حين أن متوسط الدخل في سوريا لا يتجاوز الـ 15 ألف ليرة.

وإذا كانت السلع الغذائية والتي تشكل حوالي 48 % من سلة استهلاك المواطن تحتاج إلى ما يزيد عن متوسط دخله فالفجوة أكثر اتساعاً إذا ما أضفنا لذلك حصة السكن والاتصالات والكهرباء والنقل، وباقي متطلبات المعيشة.

ولا يمكن مناقشة واقع الأسعار والتضخم دون الحديث عن مولودٍ جديد تمخض عن الفساد وهي الأسواق السوداء التي طالت جميع المنتجات والحاجات الرئيسية للمواطن بما في ذلك الخبز الذي وصل سعره إلى 100 ليرة للكيلو غرام في المناطق المستقرة في حين أن سعره الرسمي هو 15 ليرة، وفي المناطق الساخنة وصل سعر ربطة الخبز إن وجدت إلى 300 ليرة.

محاباة الاحتكار
والواقع أن ما تمر به البلاد لا بد وأثر سلباً على القدرة الشرائية لليرة السورية كما أثر على الواقع الإنتاجي إلا أن التضخم وفقاً للخبراء مقيم في الدورة الاقتصادية السورية مسبقاً، والسبب في ذلك يعود للاحتكارات، فالعديد من السلع كانت أسعارها تفوق السعر العالمي، وقال خبير اقتصادي -فضل عدم ذكر اسمه -لـ "اقتصاد"إن تهاون النظام في لقمة عيش المواطن بدا صريحاً وواضحاً خلال الفترة الماضية، ففي الحروب هناك قوانين طوارئ اقتصادية نتيجة ارتفاع الأسعار، لكن في سوريا "مافيات" الفساد لا تترك للمواطن شيئاً، حيث تركوا الأسعار على حالها، وتهاونوا في الرقابة أي أنهم حابوا المحتكرين، قبل تردي الوضع الأمني، ويضاف إلى ذلك مشاكل حقيقية لها علاقة بعامل المخاطرة وقلة الطرقات.

ركود تضخمي محقق
وفي الوقت الذي لعبت فيه الليرة السورية دوراً كبيراً في ارتفاع الأسعار نتيجة تراجعها أمام العملات الأجنبية، إلا أن الخبير الاقتصادي يتحدث عن دور للتجار كان أهم من وضع الليرة ففي الأوقات التي كانت فيها أسعار الليرة السورية ثابتة كانت الأسعار ترتفع، وهنا كان على الدولة مراقبة الأسعار والسماح بإدخال فكرة تثبيت ربح المستورد وتاجر الجملة وفقاً للكلف الحقيقية، ويطرح الخبير مثالاً على ذلك فالطحين ساهم برفع قيمة الكثير من المنتجات الغذائية مثل الكعك والمعكرونة وصل سعرها إلى 120 ليرة، في حين أنها سلعة محلية ولا تحتاج إلى عملة صعبة، والمفارقة أنها أصبحت تكلف أكثر من الرز (المستورد).

ولعل ضعف إقبال المواطن على الشراء وقلة الدخل كانت مساهمة إلى حدٍ بعيد في فرملة معدلات التضخم، حسب رأي الخبير الاقتصادي، كوننا نعيش في حالة الركود التضخمي.

ولا يمكن مناقشة التضخم بعيداً عن جانبه النقدي الذي يعتبر الخبير الاقتصادي أن الأثر النقدي ظهر في بعض الجوانب، لكننا حتى اليوم لم نلحظ أثر طباعة العملة بشكلٍ مباشر على السوق والسبب في ذلك وجود أموال مخبأة ومحجوبة عن الدورة التنفيذية، وما تم طباعته عوضاً عنها أي أنهما لم يدخلا في تنافسٍ ضمن السوق، وهو ما سنلمس نتائجه في الفترة القادمة، ليكون رقم التضخم مرشحاً للارتفاع بسبب طباعة العملة.

ويرجح الخبراء والمراقبون أن يكون لضخ العملة أثر كبير على نسب التضخم بسبب مضاعفة العرض النقدي في السوق لتغطية العجز واستمرار تراجع العرض السلعي، وكانت حكومة النظام أشارت أكثر من مرة إلى إمكانية توجهها لطباعة العملة كنوعٍ من سد العجز، وأكدت العديد من المصادر أن السلطة النقدية أدخلت معايير جديدة على الماكينات الخاصة بكشف التزوير الموجودة لدى البنوك وإدخال بيانات جديدة تتوافق مع مواصفات العملة المطبوعة، وآخر رقمٍ تمت الإشارة إليه من قبل بعض المصادر هو وصول ما يقارب 240 طناً عملة جديدة أي ما يعادل 3 مليار ليرة, وضعت في التداول.

جدول توضيحي لأسعار الاحتياجات الرئيسية للمواطن السوري 


ترك تعليق

التعليق