بكداش يبرّئ النظام ويفتح النارعلى الدردري:"حاول أن يخربها ويقعد على تلتها"

الحزب الشيوعي السوري بقيادة عمار بكداش الذي ورث الأمانة العامة للجنة المركزية للحزب بعد والده خالد بكداش، أطلق امس الثلاثاء وعبرصحيفة محلية (تابعة لرامي مخلوف) جملة من التصريحات التاريخية، حمّل فيها مسؤولية ما يحدث في سورياللنائب الاقتصادي السابق عبدالله الدردري وسياساته الليبرالية منتقداً عدم العودة عنها.

وكعادة قادة الشيوعي "البكداشي" المتحالف مع النظام منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، يأتي تدخله عبر إطلالات إعلامية وقت الأزمات ليضع النقاط على الحروف، يقول بكداش "السياسة الليبرالية الاقتصادية التي قادها (الدردري) في سوريا كانت إحدى مقدمات وأسباب الأزمة... فالقوى المتآمرة على سوريا استطاعت إيجاد تربة اجتماعية خصبة لتآمرها من خلال السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي نفذتها تلك الحكومة بالذات..". 

وكأن الدردري ينفذ سياسات منفصلة عن إرادة النظام ويعمل في فضاء خاص به، ويقود الاقتصاد والبلاد إلى حيث يريد هو، ولا ينفذ مصالح تحالف طغمة عسكرية-اقتصادية حاكمة للبلاد.

ويبدو أن تصريحات الدردري منذ نحو شهر أثارت حفيظة بكداش الذي واصل هجومه العنيف متهماً إياه بأنه حاول "أن يخربها ويقعد على تلتها".

وكان الدردري أدلى مؤخراً في تصريحات قدر من خلالها حجم ما خسره الاقتصاد خلال سنتين 35% من إجمالي الناتج المحلي أي ما يصل إلى 20 مليار دولار وفي حال انتهت الأزمة اليوم... يمكن الترميم مع زيادة في الديون الخارجية تصل إلى 15% من إجمالي الناتج المحلي وزيادة 15% في عجز الميزانية، وهما رقمان مقبولان لبلد يخرج لتوّه من "صراع كارثي" بحسب وصفه.

أما السياسات الليبرالية التي أتى بها الدردري لتخريب البلد فهي بحسب بكداش "اقتصاد السوق الاجتماعي، وإعلان الاستعداد للانضمام للشراكة الأورومتوسطية ومنظمة التجارة العالمية وأعطاء الأولوية للقطاع الخاص على أنه محرك الاقتصاد الوطني على حساب دور الدولة".

ينطلق بكداش في تشخيصه من أن الشراكة الأوربية(والتي يفاوض النظام عليها منذ تسعينات القرن الماضي) ومنظمة التجارة العالمية هما شران مطلقان، ويكفي لهذا الحكم "البكداشي" كونهما قادمتين من المعسكر الرأسمالي..!

وينتقد تعاظم دور القطاع الخاص على حساب قطاع الدولة دون أي إشارة للفساد والنهب المنظّمين طيلة أربعين سنة، ومسؤولية النظام عن تحويل قطاع الدولة إلى عبء ثقيل خاسر، استنفد دوره كبقرة حلوب، ودون ربط هذا مع وجود طبقة جديدة من أبناء "النظام" وشبكة علاقاته، يمسكون بأهم مشاريع الخاص ويريدون تعاظم دورهم بما يخدم مصالحهم.

ولا يتوقف هجوم بكداش على الدردري بل أيضا شمل كل الذين كانوا في الصدارة و" هربوا كالجرذان من السفينة وهرّبوا رؤوس أموالهم إلى الخارج"، طبعا دون أن يسمى أي واحد من هؤلاء الذين تركوا الأسد وبكداش وحيدين في الحلبة.

وينتقد بكداش الحكومات التي تلت حكومة العطري-الدردري قائلاً "نسمع منها تصريحات كثيرة بلا خطوات عملية وجدية لإعادة دور الدولة ولنسف القاعدة الليبرالية الاقتصادية" وكأن الليبرالية تحققت في سوريا والآن المطلوب "نسفها" وبذلك يمكن "مكافحة الأزمة" على حد تعبيره. 

ولم يفت بكداش انتقاد السياسات المالية التي لم تكن صارمة برأيه وسمحت بهروب رؤوس الأموال، وعلى المصرف المركزي عدم التدخل لدعم الليرة واستنزاف الاحتياطي النقدي، بل يجب أن يترك السوق السوداء لشأنها ويثبت سعر الصرف الرسمي، ويضرب مثالاً بإيران التي فعلت ذلك وكانت النتائج إيجابية، طبعا دون أن يوضح كيف والعملة الإيرانية تعاني من تدهور قيمتها. 

الأمر الآخر الملفت الذي يقترحه بكداش لمعالجة ضعف الرقابة التموينية على الأسواق، هو تحويل عشرات الآلاف من فائض العمالة الموجود بمؤسسات الدولة، الذين يقبضون رواتب دون عمل، إلى مراقبين تموينيين"لقمع من يتلاعب بقوت الشعب". 

وبصرف النظر عن صواب أو خطأ الرؤية التاريخية لبكداش، كان حرياً به -فقط لسلامة "المنطق" الذي يتحدث به- وهو "شريك" النظام عبر ما يسمى الجبهة الوطنيةالتقدمية، أن يكسب شرف التصدي لمؤامرة الدردري لحظة حدوثها، ويجنب البلاد هذا الدمار والدماء، وان يكف عن لعب "دور" الذيل الهزاز".

ترك تعليق

التعليق