النظام يقصم ظهر الاقتصاد السوري بـ"التوجه شرقاً"
- بواسطة بلقيس أبو راشد - دمشق - اقتصاد --
- 13 شباط 2013 --
- 0 تعليقات
حاول النظام منذ بداية الثورة الإطاحة بشركائه الاقتصاديين التقليديين، حيث قام رئيس الدبلوماسية السورية وزير خارجية النظام وليد المعلم بحذف أوروبا من الخارطة، وأكد على التوجه شرقاً، ليقصم بذلك ظهر الاقتصاد.
ومنذ عامين بدأت الصناعة والتجارة وهما أبرز مكونات الاقتصاد السوري بالتآكل، حيث لا يمكن الاستغناء عن السوق الأوروبية كمنفذٍ أساسي للمنتج السوري، واستبداله بدول شرق آسيا، كما لا يمكن اعتبار إيران شريكاً تجارياً مثلما هو شريك سياسي، وكذلك هو الحال بالنسبة لروسيا الاتحادية.
الشرق يصدّر لا يستورد
وبعيداً عن الكلام الإنشائي وقريباً من لغة الأرقام يمكننا مراجعة واقع التبادل التجاري بين بعض الدول العربية والأوروبية ودول آسيا الشرقية وفقاً لآخر الإحصائيات التي نفذها مصرف سوريا المركزي في العام 2009 ولم ينشر غيرها: في ذيل قائمة الدول التي تستقبل المنتج السوري تأتي الصين بقيمة لا تتجاوز 654 مليون ليرة، في حين تصدر لنا ما قيمته 60621 مليون ليرة، بينما نجد الصين تورد لسوريا ما يزيد عن عشرة أضعاف ما تستورده منها، نجد ألمانيا تستقبل ما قيمته 44409 مليون ليرة من المنتجات السورية، وتورد لنا ما قيمته 21055، أي حجم استيرادها من سوريا يفوق ضعفي ما تصدره.
و بلغة الأرقام نفسها يمكننا أن نرى حجم التبادل التجاري بين الحليف السياسي الإيراني حيث استوردت سوريا من إيران ما يقارب 6919 مليون ليرة، بينما صدرت لها فقط 442 مليون ليرة، في حين أن إيطاليا استوردت من سوريا ما قيمته 27537 مليون ليرة وصدرت لها 25786 مليون ليرة.
لا قيم مضافة للمنتج السوري
وذات المفارقات يمكن ملاحظتها إذا ما أردنا الاستمرار بالمقارنة، فروسيا الاتحادية هي الأخرى تصدر لسوريا أضعاف ما تستورده من منتجات "586 مليون استيرادها من سوريا مقابل 42879 تصديرها"، وكذلك هو الحال بالنسبة للبرازيل "139 مليون ليرة استيراد مقابل 23016 تصدير" والهند"2386 مليون استيراد مقابل 15317 مليون تصدير"، والعكس صحيح بالنسبة للدول العربية والأوروبية التي لطالما كانت المنفذ الأهم للمنتج السوري الذي كان يطمح أن يحقق قيماً مضافةً جديدة وغزو السوق الأوروبية بقوةٍ أكبر، لا سيما وأن معظم ما يتم تصديره كان من المنتجات الخام أو نصف المصنعة، لكن حذف أوروبا من خارطة "المعلم" صنع نعش الحركة الصناعية والتجارية، وفق ما يقول أحد الصناعيين السوريين.
صناعة .. لاحول لها ولاقوة
وفي الوقت الذي يعمل به الفريق الاقتصادي كاملاً في حكومة النظام برؤوسه وتفرعاته على ترسيخ عبارة "المعلم"بالتوجه شرقاً، نجد أن نتيجة السياسة الاقتصادية الجديدة، كانت حتمية وهي تراجع خسارة الاقتصاد السوري أولاً وإفلاس الفعاليات الاقتصادية ثانياً، حيث يقول أحد الصناعيين الذي فضل عدم ذكر اسمه ربما ينفع في السياسة الابتعاد عن دول معينة، لكن هذا الأمر من غير الممكن اقتصادياً، فالفجوة كبيرة بين تبادلنا التجاري مع شركائنا من أوروبا أو من الدول العربية وبين دول شرق آسيا، وذلك يعود لأسباب موضوعية، فإذا أردنا المقارنة، إيطاليا مثلاً تعتبر رابع شريك تجاري لسوريا، تستقبل زيت الزيتون السوري والمنتجات النسيجية، بينما الصين مثلاً لا تستورد من سوريا إلا بنسب ضئيلة جداً في حين أنها تعتبر من السوق السورية أساساً لاستهلاك منتجاتها.
نستورد مما نصنع..
ولعل ما يقوله الصناعي السوري نقطة لقاء بين معظم الفعاليات الاقتصادية السورية حيث يقول أحد التجار: العام الماضي وهذا العام سيكون حجم المأساة الاقتصادية أكبر، كوننا في العام 2011 تابعنا تنفيذ العقود المبرمة سابقاً، وبعض الشركات والمستوردين الأوروبيين كان لديهم ثقة بالتجار السوريين، واستمروا بعملية الاستيراد، لكن حالياً هذا الأمر غير متاح، وهذا ما دفع العديد من الصناعيين إلى الانتقال نحو الأردن والجزائر ومصر وكذلك تركيا، والمفارقة أننا بدأنا نستورد المنتج السوري من المصنعين في الخارج، ويضيف أن التاجر أو الصناعي عمل على بناء علاقاته مع الشركات طيلة سنين من غير الممكن أن يبدأ من جديد من دولٍ تريد التصدير ولا ترغب بالاستيراد بسبب اكتفائها وعدم حاجتها للمنتج السوري.
اقتصاد مدمر..
وفي حين يتحسر الصناعيون والتجار على خسارتهم التي تتفاقم يوماً بعد يوم، نجد خبراء الاقتصاد يرسمون صورةً سوداوية لواقع الحال الصناعي والتجاري السوري، حيث يقول خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه: المنتج السوري لا يجد سوقاً في دول شرق آسيا كونها لا تحتاجه، فالشريك السياسي الذي يحاول دعم النظام لا ينظر إلى سوريا إلا بكونها منفذاً لمنتجاته، فالصين على سبيل المثال أنهكت المنتج المحلي وأغرقت الأسواق السورية منذ سنوات، والوضع اليوم أكثر سوءاً، ففي السابق كان امتصاص السوق الأوروبية للمنتج السوري يحقق شيئاً من التوازن.
كما يعتبر الخبير الاقتصادي أن عبارة التوجه شرقاً لا تتعدى كونها فقاعة إعلامية، فالمعادلة غير صحيحة لأن الغرب نقطة التقاء أساسية، حيث دول شرق آسيا لا يمكنها الاستغناء عن أوروبا وكذلك سوريا، كيف يمكن الحديث عن التوجه شرقاً، إذا كان هذا الشرق متجه أصلاً نحو أوروبا؟، ويضيف الخبير الاقتصادي: هذا كله كلام إنشائي لا يمكن أن يحقق إلا مزيداً من الدمار للاقتصاد السوري.
التعليق