مع استمرار تآكل الليرة... تجار وصناعيون يطالبون بـ "دولرة" الاقتصاد السوري

عجزت الليرة السورية ومن خلفها السياسات النقدية عن أن تبقى حافظة للقيمة، لتتراجع قدرتها الشرائية وتتحول إلى عبء على الاقتصاد والمواطن، ما دفع البعض بالمطالبة إلى التوجه نحو اعتماد الدولار كبديلٍ عن الليرة، أي "دولرة" الاقتصاد السوري.

مبررات هذه النداءات تتمثل في كونها الحل الوحيد لتخفيف حدة تراجع الليرة السورية التي من المتوقع أن تواجه انخفاضاً جديداً بسبب طول أمد الصراع، في الوقت الذي يمارس التجار والصناعيون الدولرة لكن "من تحت الطاولة" كما يقال، ويشرح خبير اقتصادي سوري فضل عدم ذكر اسمه أن الصناعيين والتجار ومع تفاقم الأزمة باتوا يحسبون السلع المنتجة أو المستوردة بسعر الدولار، وبهوامش ربح مرتفعة تقلل المخاطر المتوقعة نتيجة أي ارتفاعٍ مفاجئ لسعر الصرف، لتكون الأسعار متضخمة لحد إمكانية إدخال البلاد في دورة 
اقتصادية معيبة، تتراجع معها القوة الشرائية أكثر.

كلفة مرتفعة للنقد
وإلى جانب انخفاض قيمة الليرة، فهي أيضاً تعاني من ارتفاع في التكاليف نتيجة رفع الفوائد، ومعاملات القروض، حيث تتجاوز كلفة الليرة 7 %، وهذا الأمر لا نجده في الدولار، حسب ما يضيف خبيرٌ آخر معتبراً التوجه نحو دولرة الاقتصاد ولو بشكلٍ جزئي بات جزءاً من إدارة المخاطر المطلوبة في البلاد.

وفي حين يتوجس بعض الخبراء من تأييد فكرة "الدولرة"من منطق أنها تخلٍّ عن العملة المحلية وفي ذلك مساس في سيادة البلاد، إلا أنها قائمة فعلياً حتى دون إقرارها أو الاعتراف بها، فتجار الجملة أزالوا عامل المخاطرة عن الليرة بدولرة تعاملاتهم، وهذا السبب الأساسي الذي يعيق عملية تجميد الأسعار المطلوبة لتحسين قيمة الليرة الشرائية ودعمها حسب وجهة نظر خبير مالي تحفظ على ذكر اسمه، مضيفاً أنه في الوقت الذي كان منتظراً أن تستفيد الليرة من انخفاض قيمتها لزيادة حجم الصادرات، نجدها عجزت عن ذلك، والسبب هو أيضاً احتساب التكلفة من قبل التجار على سعر الدولار في السوق السوداء، ما يعني أن الاقتصاد السوري لن يستفيد من الإيجابية الوحيدة المتأتية عن انخفاض سعر الصرف، والمتمثلة بزيادة التصدير، بسبب الدولرة المخفية التي تمارس من قبل التجار والصناعيين.

ليست نسخة لبنانية
وعند الحديث عن دولرة الاقتصاد بيدو أكثر الأمثلة حضوراً هو الحالة اللبنانية، حيث أصبحت الليرة اللبنانية في المقام الثاني بعد الدولار، لكن الخبير الاقتصادي يستبعد أن تكون الدولرة المطلوب تطبيقها في سوريا مشابهة للحالة اللبنانية، حيث اعتماد الدولرة الجزئية بين بعض حلقات الإنتاج والتجارة نتيجة عجز السلطة النقدية عن تحقيق استقرار سعر الصرف، ففي نشرات المركزي كسر السعر الرسمي للدولار أرقامه القياسية متجاوزاً 81 ليرة، وفي نشرات التدخل قارب سعر السوق السوداء ليصل إلى 91 بينما سعر الصرف في السوق السوداء 94.30 ليرة، كل هذه المعطيات تشير إلى احتمالات مخاطر أعلى تحتم على التجار والصناعيين احتساب هوامش الربح وفقاً لاحتمالات المخاطرة، أي بدولار مرتفع.

وعلى ما يبدو فإن المنادين بالدولرة حالياً ينظرون للأمر من منطق "الرمد أفضل من العمى"، فخفض الأسعار التي يمكن أن يؤدي لها مثل هذا التوجه أهم بكثير من استمرار التعامل الكلي بالليرة المتآكلة.

ترك تعليق

التعليق