
ثلاثية الخبز والكهرباء والرواتب
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - اقتصاد --
- 10 شباط 2025 --
- 0 تعليقات
ثلاثة ملفات تشكل اليوم تحدياً كبيراً للحكومة السورية المؤقتة، وهي الشعارات التي رفعتها لدى توليها مهامها قبل نحو شهرين بأن الأولوية بالنسبة لها هو تأمين الخبز والكهرباء والرواتب، بينما يشير مراقبون إلى أنها فشلت حتى الآن في إدارة هذه الملفات على نحو أفضل مما كانت عليه أيام النظام السابق.
فعلى مستوى الخبز، ارتفع سعره عشرة أضعاف، والكهرباء زاد تقنينها، أما الرواتب فإن الكثير من الموظفين لم يستلموا شيئاً منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول الماضي وحتى اليوم.
ما يصدر عن مسؤولي الحكومة المؤقتة شحيح جداً لناحية تفسير التراجع في إدارة هذه الملفات، بل إن الوعود التي أطلقها وزير الكهرباء عمر شقروق في أكثر من مناسبة عن نيتهم توفير الكهرباء لمدة 8 - 10 ساعات في اليوم في غضون ثلاثة أشهر، بات مثار سخرية، ومثلها وعود وزير المالية بزيادة الرواتب بنسبة 400 بالمئة مطلع الشهر الجاري، فهي الأخرى تم "لحسها" وفق التعبير العامي، ليتحدث الوزير في مرحلة لاحقة عن وجود فساد كبير في القطاع الحكومي الإداري، دون أن يتطرق إلى تحسين مستوى الدخل وفقاً لوعوده.
يدرك المراقب أن التركة التي أورثها نظام الأسد للإدارة الجديدة للبلاد، ثقيلة وشبه مستحيلة المعالجة على المدى القريب، لكن بنفس الوقت يجب أن يكون هناك شفافية من قبل مسؤولي الحكومة المؤقتة من خلال مصارحة الشعب السوري بالصعوبات التي يواجهونها، والحديث عن آفاق واقعية للحل وليست وهمية، وذلك حتى لا يتم اتهامهم بتقديم الوعود الكاذبة.
من جهة ثانية، ما يجري على مستوى سوق الصرف، أقل ما يمكن وصفه بالمعيب والمخجل، لأنه بكل بساطة لا يمكن تفسيره اقتصادياً ولا بأي شكل من الأشكال، وإنما يعبر عن حالة "زعرنة" قام بها البعض ممن يملكون بضعة ملايين من الدولارات الأمريكية، وأصبحوا من خلالها يتحكمون بسعر صرف الليرة، صعوداً وهبوطاً، وهو ما سمح لهم بتحقيق أرباح خيالية خلال فترة زمنية بسيطة.
هذا الأمر كان يجب على الحكومة منذ البداية أن تضع له حداً مباشراً، من خلال تدخل المصرف المركزي وعلى نحو جازم في ضبط هذا الفلتان في سوق الصرف، لأنه يمس حياة ومعيشة كامل المجتمع السوري، من تجار ومواطنين، وقد أدى بالفعل إلى زيادة معاناة الناس.
بكل الأحوال، لم يعد أحد يطالب اليوم بتحسين أي من الأولويات الثلاث التي أعلنت عنها الحكومة، وهي الخبز والكهرباء والرواتب، وإنما العودة بها إلى زمن النظام السابق، وهو أمر مؤسف أن نسمعه في أعقاب فرحة الخلاص من هذا النظام، لكن يجب أن لا نحمّل الناس أكثر من طاقتها، لأن الفرحة تزول بعد مضي فترة زمنية معينة، أما غريزة الأكل والشرب، فهي متجددة ومستمرة ولا يمكن تسكينها بالفرح لوحده.
التعليق