كيف يتم تمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)؟


سلسلة المقالات، بقلم: الخبير المالي والاقتصادي السوري، الدكتور محمود مفيد عبد الكريم.


تمويل مشاريع PPP يعتمد على عدة مصادر، حيث يجمع بين التمويل الحكومي واستثمارات القطاع الخاص لضمان تنفيذ المشاريع دون إثقال الميزانية العامة. هناك عدة طرق رئيسية يمكن استخدامها:

رأس المال الخاص

تقوم الشركات الخاصة بتمويل المشروع بالكامل من أموالها الخاصة، على أن تستعيد استثماراتها لاحقاً من خلال تشغيل المشروع وجني الأرباح، مثل تحصيل رسوم الخدمات أو بيع المنتجات. هذا النوع من التمويل مناسب للمشاريع التي تضمن تدفقات مالية مستقرة على المدى الطويل، مثل محطات الكهرباء أو الطرق المدفوعة.

التمويل البنكي

تلجأ بعض الشركات إلى القروض المصرفية لتمويل المشاريع، حيث تقترض الأموال بضمان إيرادات المشروع المستقبلية. في بعض الحالات، تقدم الحكومة ضمانات لهذه القروض لتشجيع البنوك على تمويل المشاريع ذات الطابع التنموي، مثل إعادة بناء شبكات النقل أو البنية التحتية الصحية.

إصدار الأسهم والسندات

تعتمد بعض الشركات على طرح أسهمها في البورصة، مما يسمح للأفراد والمستثمرين بالمشاركة في تمويل المشروع. كما يمكن إصدار سندات استثمارية، وهي أدوات مالية توفر تمويلاً طويل الأجل، حيث يشتري المستثمرون هذه السندات مقابل الحصول على عوائد ثابتة، مما يساعد في تنفيذ مشاريع كبيرة مثل شبكات المياه أو محطات الطاقة.

الدعم الحكومي

في بعض المشاريع الاستراتيجية، مثل البنية التحتية الأساسية أو مشاريع الإسكان الاجتماعي، تقدم الحكومة تمويلاً جزئياً أو توفر ضمانات للقروض لتشجيع المستثمرين على المشاركة. يمكن أن يتخذ هذا الدعم شكل إعفاءات ضريبية، تقديم أراضٍ مجانية، أو توفير تمويل مباشر للمراحل الأولية من المشروع.


يتيح نموذج PPP تنوعاً في مصادر التمويل، مما يساعد على تنفيذ المشاريع دون تحميل الحكومة أعباء مالية كبيرة. من خلال الجمع بين التمويل الخاص، القروض البنكية، إصدار الأسهم والسندات، والدعم الحكومي، يمكن إنشاء مشاريع مستدامة تدعم التنمية الاقتصادية وتحسن الخدمات العامة.


كيف يتم تقاسم العائدات بين الحكومة والشركة المشغلة في PPP؟


يعتمد نموذج تقاسم العائدات بين الحكومة والشركات الخاصة على طبيعة العقد والقطاع المستهدف، وتشمل عدة طرق:

 نموذج تقاسم الإيرادات

تحصل الشركة المشغلة على نسبة من الإيرادات (مثلاً 70%)، بينما تأخذ الحكومة 30%.

مثال: مشروع طريق سريع برسوم مرور، حيث تدير الشركة الطريق وتحصل على رسوم المرور لفترة محددة.

 نموذج الدفع المباشر

تدفع الحكومة للشركة المشغلة رسوماً سنوية أو مبلغاً ثابتاً بناءً على الأداء.

مثال: تشغيل مستشفى خاص تدفع الحكومة جزءاً من التكاليف مقابل تقديم الخدمات الصحية.

 نموذج الامتياز

تمنح الحكومة الشركة حق تشغيل المشروع لفترة معينة (مثل 20-30 عاماً)، وبعدها تعود الملكية بالكامل للحكومة.

مثال: إدارة محطة طاقة شمسية، حيث تبيع الشركة الكهرباء للحكومة لمدة 25 سنة، ثم تنتقل المحطة للدولة.


دول نجحت في استخدام PPP لإعادة الإعمار والتنمية


 العراق - إعادة إعمار قطاع الطاقة والنفط

 مشروع زبَير النفطي: شراكة بين الحكومة العراقية وشركة إيني الإيطالية لزيادة إنتاج النفط.

 إعادة تأهيل محطات الكهرباء بشراكة بين الحكومة وشركات خاصة لتوليد الطاقة.


 أفغانستان - إعادة بناء البنية التحتية

 مشروع طريق كابول-قندهار: بتمويل من USAID والقطاع الخاص، مما ساعد في تحسين النقل والتجارة.


 رواندا - PPP في قطاع الصحة والتعليم

 مستشفى كيغالي التخصصي تم تطويره عبر PPP مع شركة خاصة لتوفير رعاية صحية متقدمة.


 كولومبيا - تطوير الطرق والبنية التحتية بعد النزاع

 برنامج 4G Road Concessions: شراكة PPP بقيمة 25 مليار دولار لبناء شبكة طرق سريعة جديدة.


لماذا الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) أفضل من الخصخصة في إعادة إعمار سوريا؟

تعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) خياراً أكثر كفاءة من الخصخصة في إعادة إعمار سوريا، لأنها تتيح تمويل المشاريع دون فقدان السيطرة الحكومية، مما يضمن استدامة التنمية وتحفيز الاقتصاد.

في نموذج PPP، تبقى الدولة شريكاً رئيسياً، مما يضمن أن إعادة الإعمار تتم وفق المصلحة العامة، بينما تؤدي الخصخصة إلى فقدان السيطرة على الأصول الاستراتيجية. كما توفر PPP التمويل اللازم مع بقاء ملكية الأصول بيد الحكومة، بينما تؤدي الخصخصة إلى نقل الملكية بالكامل إلى القطاع الخاص، مما قد يعرّض الخدمات الأساسية للاحتكار.

يتيح نموذج PPP جلب الاستثمارات دون تحميل الحكومة ديوناً ضخمة، على عكس الخصخصة التي قد تتطلب بيع الأصول لتعويض نقص التمويل. كما أن الشراكة مع القطاع الخاص توفر خبرات متطورة وتقنيات حديثة، مما يحسن جودة الخدمات، بينما قد تؤدي الخصخصة إلى التركيز على الأرباح على حساب الجودة.

تساعد PPP في خلق بيئة استثمارية مرنة تعزز فرص العمل، بينما قد تؤدي الخصخصة إلى تسريح العمالة بسبب سياسات تقليل التكاليف. كما أن PPP تتيح تقاسم المخاطر بين الحكومة والقطاع الخاص، مما يشجع المستثمرين، بينما تتحمل الشركات الخاصة كامل المخاطر في الخصخصة، مما قد يؤدي إلى انسحابها عند الأزمات.

بسبب العقوبات المفروضة على سوريا، يمكن لـ PPP أن يكون أكثر قبولاً دولياً مقارنة بالخصخصة، التي قد تواجه تحديات في جذب الاستثمارات الأجنبية. كما تضمن الشراكة استمرارية المشاريع، حيث يتم تشغيلها لفترة محددة قبل أن تعود ملكيتها للحكومة، بينما تؤدي الخصخصة إلى فقدان الدولة للأصول بشكل دائم.

يوفر PPP تمويلاً مستداماً، ويحسن الكفاءة التشغيلية، ويضمن استمرارية الخدمات، بينما تحرم الخصخصة الدولة من أصولها الحيوية. لهذا، يعد PPP الحل الأفضل لإعادة إعمار سوريا بطريقة تحقق التنمية دون التفريط في الموارد الوطنية.

 

في ملف إعمار سوريا: تعريف بنموذج (PPP) للشراكة بين القطاعين العام والخاص

 

 

 

ترك تعليق

التعليق