المواطن السوري في مواجهة البطالة والتسريح ..وتحذير من كارثة اقتصادية

معدل البطالة من أصل 5.5 مليون قوة العمل

1.5 مليون فرصة عمل خسائر الاقتصاد السوري في نهاية
2012
40% من حجم الاقتصاد السوري يشغله القطاع غير المنظم

أحمد: كنت أعمل في شركة خاصة منذ3 سنوات قبل تسريحي

قاسم :لم أتلقَّ تعويضاً عند إنهاء خدماتي من العمل بمصنع خاص

 

كثرت الأرقام التي تحدثت في الفترة الأخيرة عن واقع البطالة في سوريا، وتتنبأ بحالٍ أسوأ في العام 2015، لتزيد من أزمات المواطن السوري الذي يواجه القتل والتهجير اليوميين.

الخارجون من سوق العمل خسروا مورد عيشهم، ويبحثون عن دخلٍ جديد بأعمالٍ مختلفة، وإلى جانب المُسرَّحين من القطاع الخاص، ممن ضاعت حقوقهم بفضل قانون العمل رقم 17 الذي أجاز التسريح التعسفي لرب العمل، هناك من تمت إقالتهم من القطاع العام بسبب تغيبهم عن العمل، علاوةً على المسرَّحين من القطاع غير المنظم الذي يشكل 40 % من حجم الاقتصاد السوري، ويشغل بحدود 30 % من اليد العاملة، كل هؤلاء يعيشون عوزاً يروونه لـ"اقتصاد".

لا يغني ولا يسمن من جوع

المُسرَّحون من أعمالهم من الشباب يبحثون حالياً عن أقرب فرصةٍ للسفر خارج البلاد، وفق ما يشير أحمد "29 عاما خريج كلية تجارة واقتصاد"، حيث يقول: كنت أعمل في شركة خاصة مسؤول عن الحسابات، وهي الوظيفة التي وجدتها بعد ثلاثة أعوام من التخرج، وبدأت الحكاية بتخفيض الراتب إلى النصف ومن ثم إجازة بدون راتب، وأخيراً جملة "شكراً لخدماتك"، والشركة ما زالت مستمرة لكنها تعمل بربع عدد العمال، وفعلياً ليس أمامي أي خيارٍ هنا أحاول البحث عن فرصةٍ للسفر والتي وفق ما علمت تكلف ما يزيد عن 500 ألف ليرة سورية للحصول عليها.

وبينما تستمر هجرة العقول من البلاد التي يحاول النظام تفريغها من مواطنيها، نجد من يصر على البقاء في البلاد رغم أنه رب أسرةٍ مكونة من سبعة أشخاص ومهجر من الريف الدمشقي، يقول "قاسم 42 عاما" كنت أعمل في أحد المصانع الخاصة الذي أغلق بسبب العمليات العسكرية، ولم نحصل على أي تعويض ولا حتى تأمينات اجتماعية لأننا غير مسجلين فيها، وحالياً أعمل بالحدادة في أحد المحلات، ما أنتجه لا يكفي قوت يومي وعيالي لكنني مضطر، وزوجتي تعمل في المنزل بعض الأعمال اليدوية التي تساعدنا بعض الشيء في تحقيق دخلٍ كافٍ، لكنني لن أغادر البلاد.

أرقام سياسية الغرض

وحالة البطالة التي يعيشها المواطن ليست بالجديدة، حيث كان النائب الاقتصادي الأسبق عبد الله الدردري صرح في العام 2009 أيام الاستقرار، أننا نواجه في سوريا بطالة معندة وفقر معند، ليوحي يومها بإفلاس الحكومة تجاه تقليص نسبهما رغم كثرة الحديث في ذلك الوقت عن الاستثمار وطفرة في النمو وصلت إلى حدود 6 %، وكانت أرقام البطالة الرسمية تتحدث عن نسب بطالةٍ تبلغ 8.4 %، حيث لا تستطيع الدولة بقطاعيها العام والخاص امتصاص ما يقارب 250 ألف وافد إلى سوق العمل سنوياً.

ويتحفظ المراقبون على الأرقام الرسمية لأنها انطلقت من تعريف متحيز لحالة "العاطل" يقلّص عدد العاطلين ويزيد حجم المشتغلين لأهدافٍ سياسية لرفع حجم الإنجازات السياسية، حسب ما يشير الباحث السوري الدكتور جمال باروت في إحدى دراساته التي شارك بها في مؤتمر عقد في الدوحة مؤخرا، مضيفاً أن التعريف الدولي يقوم على مسح عدد المشتغلين، أي من يعمل في نشاط اقتصادي ساعة واحدة في اليوم خلال فترة المسح، وبعد تحليله لعدد الداخلين إلى سوق العمل وعدد المشتغلين فعلياً يستنتج الباحث أن نسبة البطالة هي ضعف الرسمي وتقارب 16 % في فترة الاستقرار.

صورة قاتمة

والحال أشد سوءاً في الظروف الحالية حيث أشارت أرقام عبد الله الدردري التي ذكرها منذ يومين خلال حديثه عن شكل الاقتصاد المطلوب في المرحلة المقبلة، مؤكداً "أن معدل البطالة، من أصل 5,5 مليون قوة العمل السورية، وصل إلى 35%، وهذه المعدلات ستصل في عام 2015 إلى 49%، أي أمام 3 مليون عاطل، و بطالة الشباب 100%".

الرقم الذي اقترب من أرقام مركز بحوث السياسات الذي قال: "تدل المؤشرات على أن الأزمة أثرت بشكل كبير على سوق العمل، إذ يُقدر التقرير خسارة الاقتصاد السوري 1.5 مليون فرصة عمل حتى نهاية عام 2012 ، وزيادة جوهرية في معدل البطالة بنحو 24.3 نقطة مئوية (من 10.6 % إلى 34.9 %)، الأمر الذي يؤثر في الظروف المعيشية لـ 6.1 مليون شخص.
واختلف هذا الأثر حسب المناطق".

والأمر الذي يحذر منه خبير رفض ذكر سمه، أننا سنكون أمام كارثة إنسانية واقتصادية حقيقية، فالنظام يحاول قاصداً زيادة مأساة المواطن الاقتصادية، وإلى جانب هجرة رؤوس الأموال، هناك هجرة متصاعدة للكفاءات، والفقر إلى ازدياد، نتيجة غياب الموارد، كل ذلك سيؤدي إلى إحراق ما بقي من البلاد.

ترك تعليق

التعليق