صواريخ سكود وقذائف الهاون تأكل محاصيل الفلاحين بريف دير الزور

أبو أيوب: 70% الخسائر بسبب ارتفاع الأسعار التي تساعد على الزراعة 

مهندس زراعي: الجفاف أصاب الحقول بسبب ارتفاع أسعار المحروقات 


تتعرض قرية الخريطة في ريف دير الزور إلى قصف متواصل يومياً وهذا ما جعل أغلب سكان القرية ينزحون منها، أما أبو عزوز فلم ينزح مع باقي أفراد أسرته والبالغ عددهم 8 بسبب حلول موسم الحصاد الذي يوفر له لقمة العيش. 

ويقول أبو عزوز لـ "اقتصاد" إن لديه ثلاثة من أولاده انضموا للجيش الحر وهذا ما كلفه الكثير حيث أنه في موسم الحصاد العام الفائت قام عناصر الأمن بحرق كامل محصوله بسبب علمهم بانضمام أولاده إلى الجيش الحر.

وفي هذا العام عاد أبو عزوز لزراعة أرضه من جديد والتي تبلغ مساحتها 11 دونماً على الرغم من الخسارة الكبيرة التي لحقت به في الموسم الماضي، فهو لا يجيد أي صنعة أخرى غير الزراعة رغم النقص الحاد في السماد والمواد الأولية وارتفاع أسعار المحروقات،

وأضاف أبو عزوز أن كلفة زراعة كل دونم من الحنطة هذا العام حوالي 650 دولاراً.
ويشير أبو عزوز أنه مع عودة القصف من قبل قوات النظام على"الخريطة" التي تعتبر منطقة محررة جعل أرضه تحترق من جديد قبل حصد المحصول حيث نالت أرضه حتى الآن العديد من قذائف الهاون بالإضافة إلى صاروخ سكود أحدث حفرة قطرها 200 متر وجعل ترابها يتطاير إلى بعد 700 متر وترك خراباً كبيراً في المحصول.

يقدر خسارته بـ 70% 
يعمل أبو أيوب"53 عاماً"مع باقي أفراد أسرته المؤلفة من 12 ولداً بالزراعة وهو من أبناء مدينة الموحسن في ريف دير الزور بأرض تبلغ مساحتها 12 دونماً، ولا يوجد لديه عمل آخر وتعتبر الزراعة مصدر الرزق الأول الذي يعيش منه معظم سكان المدينة بالإضافة إلى تربية المواشي، ويقول أبو أيوب إنه يعتمد على زراعة القطن التي يستطيع العيش من خلالها وفي الموسم الماضي قام بزراعة مايقارب 8 دونمات فقط بسبب عدة عوامل وهي الغلاء الفاحش في أسعار المازوت وهو الأهم، حيث أن مياه نهر الفرات لا تصل إلى أرضه إلا عن طريق محركات استجرار المياه التي تساعد على السقاية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف والسماد والشح في المبيدات الحشرية والدواء للتربة والقضاء على الأعشاب الضارة بالأراضي الزراعية كالباذنجان البري.

وأضاف أبو أيوب أن الخسارة كبيرة جداً مقارنة بالأعوام السابقة وتصل إلى 70% بسبب ارتفاع الأسعار في جميع المواد الأولية التي تساعد على زراعة الأرض وحرثها وعند موسم القطف نزح مع باقي أفراد أسرته إلى قرى مجاورة أكثر أماناً بسبب القصف والدمار وعند العودة لم يكن هناك سوى جزء بسيط من محصوله صالح للقطاف أما ما تبقى منه تعرض للحرق والتلف.

الخضروات والفواكه بطعم الحرية
ويعمل حميد عران العجمي" 53 عاماً" في الزراعة ولا يوجد لديه مصدر رزق آخر وهو أحد أبناء سكان مدينة البوكمال ويبلغ عدد أفراد أسرته 23 شخصاً من ثلاث زوجات ويملك أرضاً مساحتها 15 دونماً ويزرع فيها مع أبنائه النخيل والحمضيات والخضار.

ويشير العجمي إلى أنه خلال الشهرين الأخيرين لم يستطع الذهاب إلى أرضه لحرثها وسقايتها، بسبب قربها من عدة ثكنات عسكرية تابعة للنظام، ما أدى إلى موت بعض أصناف الأشجار وتلف المحصول بشكل كامل ويقدر خسارته المادية بنحو 900 ألف ليرة سورية، مشيراً إلى أن أرضه تعرضت للقصف المتواصل حيث سقط فيها حوالي 30 قذيفة هاون وصاروخان، وهذا ما جعل التربة تتعرض للتلف وهي الآن بحاجة إلى معالجة لتعود صالحة للزراعة.

وأكد العجمي على ضرورة إعادة معالجة الأرض وحرثها وزراعتها في الموسم الزراعي الجديد وذلك لأن الزراعة هي العمل الوحيد القادر على القيام به مع باقي أبنائه، مضيفاً أن طعم الخضار والحمضيات والفواكه التي سيزرعها في الموسم الجديد سيكون أطيب من جميع السنوات السابقة لأنها ستكون بطعم الحرية.
الزراعة تضررت بشكل كبير بسبب غلاء أسعار السماد والمحروقات.

يقول المهندس الزراعي سليمان السلمان لـ"اقتصاد" إن عصابة النظام قامت بتدمير البنى التحتية في الصناعة و الزراعة كالمصانع و المداجن والمعامل المختلفة والأفران وفي المجال الزراعي كان له وقع كبير في ريف دير الزور حيث أن معظم السكان يعملون بالزراعة وليس لديهم دخل آخر، مشيراً إلى أن الجفاف حلَّ في عامة الحقول بسبب ارتفاع أسعار المحروقات اللازمة للمحركات الزراعية بأنواعها، وبالتالي عدم التمكن من السقاية الضرورية لتلك الأراضي، كما أن هجرة الفلاحين إلى القرى أو الدول المجاورة بسبب القصف على المنازل والحقول وبالتالي إهمال أراضيهم وعدم رش المبيدات الحشرية وأدوية التربة أدت إلى انتشار العديد من الأعشاب الضارة وبالتالي تدهور حالة التربة وجعلها غير صالحة للزراعة.

وأكد السلمان أن رجال الأمن منعوا الفلاحين من دخول حقولهم ليتسنى لهم السرقة والسلب والنهب لكل أنواع المحاصيل الزراعية بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة للزراعة من سماد وبذار وغيرها أدى إلى زيادة تكلفة زراعة دونم الأرض حيث وصلت تكلفة الدونم الواحد إلى 4000 آلاف ليرة سورية، مضيفاً أنه تم تدمير وحرق أشجار النخيل بمدينة البوكمال بالطائرات وبجميع أنواع الأسلحة حيث لهذه الأشجار مكانة خاصة لسكان المدينة، وجميع هذه العوامل جعلت موسم الفلاحين الزراعي في ريف دير الزور ينحدر كثيراً وتصل نسبة خسارة كل فلاح الوسطية إلى 65%.

ترك تعليق

التعليق