سيطرة الأكراد على نفط شمال شرق سوريا...الأبعاد والتطورات المحتملة

315 مليار برميل نفط غير مكتشف في سوريا

 65% من الأكراد يتجمعون في أغنى المناطق النفطية في سوريا

 كميات كبيرة من الغاز المكتشف في مناطق الغالبية الكردية

 النظام يسعى للحفاظ على سيطرته على حقول النفط في المنطقة الساحلية
 
نشرت مجلة "ذا ناشيونال إنترست he National Interest " الأمريكية للشؤون الخارجية في شباط- فبراير 2013 على موقعها على الإنترنت، تحليلاً يتناول أبعاد ومستقبل سيطرة الميليشيات الكردية المختلفة على المناطق الغنية بالنفط في أقصى شمال شرق سوريا.
 
التحليل الذي عرضته مجلة السياسة الدولية الصادرة عن مؤسسة الأهرام في القاهرة، يذكّر بالاشتباكات العنيفة التي اندلعت أواخر كانون الثاني /يناير الماضي بين جماعات مسلحة كردية وبين ما وصفه التحليل بـ "ميليشيات عربية تابعة لحكومة الأسد" في ضواحي رميلان، وهي مدينة غنية بالنفط تقع في أقصى الشمال الشرقي للبلاد.
 
احتياطيات نفطية ضخمة غير مكتشفة
 وحسب التحليل الذي نشرته المجلة الأمريكية، لـ "سيروان كاجو"، كاتب سوري كردي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن سوريا التي لا تعد حتى اليوم من دول النفط العملاقة مقارنة بجيرانها، تمتلك كميات كبيرة من احتياطيات النفط التي لم يتم اكتشافها تقدر بـ315 مليار برميل، بالإضافة إلى 69 مليار برميل من الاحتياطيات المكتشفة، وذلك بحسب دراسة أجرتها جامعة دمشق عام 2009. وستُلبي هذه الاحتياطيات مطالب الاستهلاك المحلي لمدة ثمانية عشر عاما. وتقع معظم هذه الحقول النفطية في شمال شرق البلاد، حيث يستقر هناك ما يقرب من 65 في المئة من الأكراد السوريين.
 
تاريخ التنقيب عن النفط...وتهميش الأكراد
 وحسب المجلة الأمريكية: يعود تاريخ المحاولات الأولى للتنقيب عن النفط في شمال سوريا إلى عام 1936، عندما قررت الحكومة التي تخضع لفرنسا البحث عن الذهب الأسود، ومع ذلك توقفت تلك المساعي في عام 1941 مع بداية الحرب العالمية الثانية، لكن تم الإعلان عن اكتشاف النفط التجاري رسميًّا عام 1957. وتقع حقول النفط الرئيسية في المناطق الواقعة على طول الحدود مع تركيا مثل رميلان وكراتشوك وسويدية (على بعد حوالي 600 ميل من دمشق). وبعد ذلك تم اكتشاف حقول أصغر في جبسة والشدادي، حيث يشكّل العرب نسبة كبيرة من السكان ومن أعراق مختلفة.
 
وقد قررت الحكومة السورية عام 1969 إنشاء كلية (نظام سنتين) في رميلان، ومنذ ذلك الحين، يتخرج سنوياً ما يقرب من 59 طالباً من هذه الكلية الصغيرة نسبيًّا معظمهم من أبناء العاملين بشركة النفط السورية. وعلى الرغم من أن حقول رميلان هي أغنى حقول النفط في سوريا، لم تتخصص الكلية الموجودة بها في مجال التكرير، كما أن هناك نقصاً شديداً في معامل التكرير في المنطقة.
 
وأكّد خبراء محليون، حسب المجلة الأمريكية، أن النظام قد لجأ عمداً لهذه السياسة الخاصة لسببين: أولاً، لحرمان الأكراد من أي استثمار أو تنمية اقتصادية محتملة في منطقتهم، وثانياً، لمنع السكان المحليين من الحصول على المعرفة المتطورة لكافة تقنيات الصناعات النفطية، وذلك لتبديد أي حلم قد يراود الأكراد المحليين بأن يكون النفط مصدرهم الرئيسي للدخل حال قيام دولة كردية.
 
لعبة النظام...الحلف غير المعلن مع حزب العمال الكردستاني
 وقد انسحبت قوات النظام بشكل مخطط من العديد من المدن والبلدات الكردية في تموز/ يوليو الماضي بغية التركيز على محاربة الثائرين عليها في حلب وضواحي دمشق وغيرها من المناطق . ومع ذلك، لا يزال هناك انتشار لبعض قوات أمن النظام في أماكن استراتيجية في الشمال الشرقي الكردي. على سبيل المثال، سيطرت قوات النظام على حقول النفط في رميلان. وبعد ذلك بفترة قصيرة، أعلنت حكومة النظام عن حاجتها لتعيين سكان محليين لتولي الشؤون الأمنية حول هذه الحقول.
 
ووفقاً لتحليل "ذا ناشيونال إنترست" فإن أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي التابع لحزب العمال الكردستاني استغلوا الفرصة وتقدموا لشغل تلك المناصب المتاحة، وبعد أن خفت قبضة النظام على المنطقة بأسرها، تمكّنت هذه الجماعات المسلحة الكردية من السيطرة المطلقة على تلك الحقول وغيرها من نظم التصنيع ذات الصلة. ولا يعني وجود عدد قليل من قوات النظام التي ما تزال هناك إمكانية تغيير الأمر الواقع، فمن الناحية التقنية، تقع غالبية حقول النفط في شمال سوريا في أيدي الأكراد، وفقًا للتحليل.
 
تنسيق بين اللاعبين الأكراد لحكومة شبه مستقلة
 ويتمثل السؤال الذي لا يزال غير واضح للكثيرين، بمن فيهم الأكراد، بحسب التحليل، فيما إذا كان بإمكان الأكراد السوريين إدارة هذه الحقول الغنية بأنفسهم، حيث أعرب صالح مسلم، القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي، عن تأكده من أن حزبه، جنباً إلى جنب مع الأحزاب الكردية الأخرى التابعة للمجلس الوطني الكردي، قادر على إدارة عمليات التنقيب عن النفط وتصديره أيضًا. فالأمر بالنسبة له مجرد مسألة وقت حتى تقوم الهيئة الكردية العليا، وهي عبارة عن تحالف رئيسي بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، بتطوير برنامج السياسة الخارجية، حيث شكّلت الهيئة المذكورة بالفعل حكومة مصغّرة في المناطق التي يحكمها الأكراد والتي يتم فيها إدارة الأمن والشؤون المالية وحتى مراقبة الحدود مع إقليم كردستان العراقي بشكل شبه مستقل.
 
البعد التركي في مسألة أكراد سوريا
 ولفت التحليل إلى أن هناك مشاركين إقليميين في هذه اللعبة النفطية، إلى جانب النظام السوري والأكراد، حيث تراقب تركيا هذه التطورات على حدودها الجنوبية بحذر، وتأتي مخاوف أنقرة من النظرية القديمة التي تقضي بأنه إذا وقعت حقول النفط في أيدي الأكراد بشكل كامل، ستصبح منطقة الحكم الذاتي في شمال شرق سوريا حقيقة واقعة، وهذا ما لا يرغبه حزب العدالة والتنمية، وهو الحزب الحاكم في تركيا.
 
ولم يُخفِ زعماء القومية الكردية، على الجانب الآخر، طمع تركيا في منطقتهم الغنية بالنفط. وتُمثل الاشتباكات التي تجري حاليًّا في مدينة رأس العين الكردية بين المقاتلين الأكراد والإسلاميين المتشددين علامة على التورط التركي المباشر في المنطقة، بحسب "ذا ناشيونال إنترست". ويرى الأكراد أن استيلاءهم على النفط أمرٌ طبيعي، حيث يعتبرون أنفسهم الورثة الشرعيين للأرض، ويزعمون بعد سنوات من الحرمان أن الوقت قد حان لتأكيد حقهم في استغلال هذه الموارد.
 
مستقبل القضية النفطية في سوريا
 ووفقًا للتحليل، فإن مستقبل هذه القضية يعتمد على عدة عوامل، فقد تتسبب نتيجة محادثات السلام الجارية بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني في وجود عملية تفاعلية جديدة في المشهد القائم. ومما لا شك فيه أن من شأن العلاقة الأقل توترًا بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والأكراد تغيير النهج التركي تجاه أكراد سوريا.علاوة على ذلك، ففي حال نجح الأكراد، وهو أمر صعب على ما يبدو، برأي التحليل، في التوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع المعارضة السورية "العربية"، سيؤدي موقفهم هذا إلى تحقيق الاستقرار الداخلي الذي قد يبلور سعيهم للحصول على الفيدرالية بشكل أكبر، وهذا بدوره يعزز استقرار إقليمهم.
 
لكن ماذا لو بقي الأسد في السلطة لمدة أطول مما يتوقعه حتى أكثر الناس تشاؤماً؟ يرى التحليل أن الاقتصاد القومي في البلاد قد انهار بفعل الصراع المستمر منذ عامين تقريباً والعقوبات الدولية، ودخل في حالة من الفوضى الكاملة. والوضع الراهن سوف يسوق البلاد إلى تدهور شديد في كافة الجوانب، لكن يظهر النفط مجدداً في الساحة السياسية. ويسعى الأسد وطائفته إلى الحفاظ على سيطرتهم على حقول النفط في المنطقة الساحلية في سوريا حيث يعيش العلويون. وما زالت الحقول التي تم اكتشافها مؤخراً بمنأى عما حدث، في حين وصل البعض الآخر في باقي البلاد تقريباً إلى مرحلة الاستنزاف.
 
أما بالنسبة للمناطق التي يسيطر عليها الثائرون (مناطق السنة)، فتمضي الظروف في نفس الاتجاه الحالي، بمعنى أن الاضطرابات تهيمن على المشهد. وقد تعمل تلك المجموعات المتنافسة على تقسيم المنطقة لأقاليم صغيرة من أجل الحفاظ على سيطرتهم. أما بالنسبة لأكراد سوريا، وبعد العثور على الغاز الطبيعي في مناطقهم مؤخرًا، فقد يظل العامل الإقليمي مستمراً في اللعبة لفترة أطول. وربما تود الحكومة الإقليمية لكردستان العراقية، بالاتفاق مع تركيا، أن تمد يد العون لإخوانهم في الغرب بشكل أكبر، لا سيما إذا تولى الأكراد مسئولية حقول النفط رسميًّا.

مواد متعلقة ذات أهمية... 

دولة الأكراد المتخيّلة في سوريا...هل قابلة للحياة اقتصادياً؟ 

  شكل الدولة المفترضة شریطي و تمتد على طول الحدود مع تركیا ستكون الدولة المفترضة مغلقة في كل الاتجاهات باستثناء كردستان العراقالمزيد

 

البعد الاقتصادي لسيناريو تهجير السنّة في الدويلة العلوية المتخيّلة

"اقتصاد" تفنّد المقومات الاقتصادية لـ "الدويلة العلوية المتخيّلة"

 

ترك تعليق

التعليق

  • قامشلو
    2013-10-10
    نحن اكراد يا نعيش سعدا ام نموت شةداء