"اقتصاد" ترصد سمعة الصناعة السورية في مصر والمخاوف من المنافسة


السوريون يتقنون صناعة بضائعهم، و حذرون في الحفاظ على سمعتهم

مخاوف من مصريين أن تكون نشاطات التجار السوريين ضربة للاقتصاد المصري



تتمتّع البضائع السورية بسمعة جيّدة في أوساط الشارع المصري، ويعتقد الكثير من المصريين أن البضاعة السورية تحظى بجودة تفوق نظيرتها المصرية، سواء على صعيد الألبسة والمنسوجات، أو على صعيد باقي السلع والبضائع من زجاجيات أو أدوات للمطبخ أو صناعات غذائية.

تروي (رشا – ج) لـ اقتصاد، وهي سورية مقيمة في الغردقة، كم من مرة طلب منها مصريون بضائع وسلع سورية، تقول: "في مكان عملي في روضة للأطفال تسألني الكثير من الأمهات المصريات إن كان لدي أية بضائع أو سلع سورية، أو أشياء من صناعة سوريا أريد بيعها أو التخلي عنها...وأخبرتهن مراراً أنني خرجت من سوريا بالكاد بما يكفيني من مستلزمات أساسية للعيش، لكن السؤال ذاته يتكرر من حين لآخر."

(نجلاء–ع) وهي مصرية تدير مدرسة صغيرة للأطفال في الغردقة تروي لـ اقتصاد أن زوجها دخل في تجارة خاسرة مع عدد من السوريين، لكنها ترحب بأي تجربة جديدة، فهي لديها قناعة بأن البضاعة السورية ذات جودة مرتفعة وأن السوريين تجّار "شطّار" وأن التعامل معهم مربح على الأغلب.

(صالح–م) سوري يعمل مع شركة للترويج السياحي في البحر الأحمر، وفي نفس الوقت عمل على جلب بضائع وسلع سورية لبيعها في مصر، وقد وجد لها رواجاً كبيراً، يروي صالح لـ اقتصاد إنه جلب معه من سوق الحميدية بدمشق إكسسوارات لأثواب الزفاف من ماركة سورية مشهورة، وجدت رواجاً كبيراً في القاهرة، ويحاول صالح الآن التسويق لها في الغردقة على البحر الأحمر.

منذ أقل من شهر، اختتم معرض "صنع في سوريا" نشاطاته في الغردقة لينتقل إلى محافظة أخرى، وهو معرض للمصنوعات السوريةـ، يتنقل بين المحافظات المصرية، وقد وجد رواجاً ملحوظاً في أوساط المصريين، وفي أوساط السوريين المقيمين في مصر حالياً.

(نجيب-س)، مصري، أكد لـ اقتصاد أن المعرض المذكور يقدم بضائع مميزة وذات جودة مرتفعة، لكنه في الوقت نفسه لفت إلى أن الأسعار مرتفعة أيضاً، وقد عزى ذلك إلى ارتفاع الجودة مقارنة بالبضاعة المصرية.

(سوسن-ك)، مصرية، تقول لـ اقتصاد: "السوريون يتقنون صناعة بضائعهم، وهم حذرون في الحفاظ على سمعتهم عموماً.".

وقد وجد الكثير من السوريين اللاجئين إلى مصر باباً للتجارة، عبر الترويج لبضائع سورية حملوها معهم، أو عبر فتح قنوات لجلب بضائع سورية من داخل البلاد لبيعها في الأراضي المصرية، وقد سعى الكثير من التجار المصريين للبحث عن شركاء سوريين، أو التعاقد مع "تجار شنطة" سوريين يجلبون لهم البضائع من الداخل السوري.
ورغم شكوى الكثير من المصريين من أن بضائع معرض "صنع في سوريا" أغلى نسبياً من البضائع المصرية، إلا أن الكثير منهم أقرّ لـ اقتصاد أن جودة تلك البضائع تستحق سعرها، خاصة أدوات المطبخ ونظيرتها المنزلية.

وفي هذا السياق كانت صحيفة "اليوم السابع" المصرية نشرت تقريراً في الشهر الماضي عن نشاطات الباعة الجوالين السوريين الذين نشطوا بصورة كبيرة في القاهرة، ونجحوا في جذب مئات الزبائن من المصريين عبر تسويقهم لبضائع سورية، ولفتت الصحيفة إلى أن المصريين ينجذبون لهؤلاء الباعة بسبب سمعة البضائع السورية.
تقول الصحيفة: "سيطر العشرات من الباعة الجائلين السوريين على عدد من الأماكن بالقرب من بوابة مصر إسكندرية الصحراوي من ناحية القاهرة لعرض منتجاتهم المتمثلة في ملابس مثل "جاكتات" جلدية وعادية ليبيعوها بربع الثمن الأصلي له، فتتراوح الأسعار بين 100 و150 جنيهاً، وما لفت الأنظار هو التفاف الكثير من المارة تاركين سياراتهم على أحد جوانب الطريق لشراء هذه المنتجات، وخاصة أن هذا المكان الذي يستقله الباعة قريب من عدد من المصانع وتوكيلات السيارات الكبرى وبذلك تكون هناك فرصة كبيرة لعرض منتجاتهم لقدر كبير من الأشخاص، ولدخل مادي جيد ومضمون لهم".

وفي هذا السياق تلفت الصحيفة إلى شكوى وتحذير بعض المصريين من أن تضرّ نشاطات التجار والباعة السوريين بالإنتاج والصناعة المصرية، تقول الصحيفة: "...وقد علق عدد من الموجودين أن هذه الفكرة تعد ضربة جديدة للاقتصاد المصري حتى إذا كانت نسبة البائعين الآن تصل للعشرات، بعد هذا الإقبال الشديد من الزبائن سيزداد عدد الباعة لأضعاف خلال الأيام القليلة المقبلة....".

وتحاور الصحيفة عدداً من الباعة السوريين الجوالين: "...وخلال الحديث مع إحدى الباعة الجائلين ويدعى "علي" قال،"نحن مجموعة من السوريين من حلب تحديداً، نقوم ببيع المنتجات للمارة بسعر مناسب لهم، ولأنها بجودة جيدة جداً وتحظى بإعجاب الزبائن ولذلك يقومون بشرائها على الفور"....
بينما استكمل بائع آخر يدعى "محمد" على حديث زميله قائلا،"هناك إقبال بالفعل على شراء المنتجات فهى لاقت رواجاً كبيراً بين المارة، وعن مصدر هذه البضائع قال،"مصدر البضاعة هو أحد الموردين المصريين وهو من يزودنا بها وهي بضائع آتيه من سوريا".
تقودنا المعطيات التي عرضناها آنفاً إلى جملة خلاصات ومقترحات، أبرزها:
- ضرورة العمل على استغلال سمعة البضاعة السورية في مصر بصورة أكبر، وبواسطة مشاريع تجارية برأسمال كبير، توظّف عمالة سورية من اللاجئين في مصر، مع تخصيص هامش من فرص العمل الجديدة لمصريين، بغية كسب رضا الشارع المصري.
- كما من الضروري الحصول على ترخيص قانوني من الحكومة المصرية بهذا الخصوص، عبر التنسيق مباشرة مع الجهات المصرية المعنية، التي أظهرت في معظمها تقديراً للاستثمار والنشاط التجاري والصناعي السوري .

- وفي الوقت نفسه لا بد من الانتباه إلى ضرورة الحفاظ على قبول الشارع المصري للسوريين، عبر تخصيص جزء من فرص العمل الناتجة عن المشاريع والاستثمارات السورية لبعض المصريين، كي لا ينتشر رأي عام لدى المصريين بأن السوري يزاحمهم على العمل وعلى السكن وفي التجارة والصناعة، خاصة أن الشارع المصري حتى الآن عموماً يظهر تقبلاً كبيراً للسوريين وترحاباً بهم، مقارنة بمواقف أبناء بلدان عربية أخرى في الأردن ولبنان أظهرت استياء من التواجد السوري فيها، ورفضاً لحراك السوريين التجاري والمعيشي عموماً.

- على السوريين، خاصة رجال الأعمال منهم، أن يسعوا لحجز مساحات لهم على وسائل الإعلام المصرية، سواء عبر الإعلانات أو الحوارات، للترويج إعلامياً للمرود الإيجابي الذي يقدمه النشاط التجاري والاستثماري الذي يقوم به السوريون لصالح الاقتصاد المصري، فالسوريون يضخون أموالاً في دورة الاقتصاد المصري المتعب حالياً بسبب الاضطرابات، كما أنهم حركوا سوق العقارات المؤجرة، ودعموا العملة المصرية بالتحويلات القادمة لهم من المغتربين والأقارب والتي يشترون بها الجنيه المصري، إلى جانب ما ستدفعه النشاطات الاستثمارية السورية من ضرائب للدولة المصرية، والأهم من ذلك أنهم خلقوا عشرات آلاف فرص العمل الجديدة التي لا يحتلها بمجملها فقط السوريون، بل من الممكن للمصريين أن يستفيدوا من بعضها أيضاً.

ترك تعليق

التعليق