الهلال الأحمر القطري يغيث 25 ألف لاجئ في تل أبيض

 

في ظل الظروف الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري من قتل وتهجير قسري، وقصف ودمار طال المباني والبنية التحيتة الأمر الذي فقد معه السوريون أبسط مقومات الحياة من مكان آمن وطعام يسد الرمق ورعاية صحية تعينهم على الإستمرارية، وبالرغم من أن الأوضاع السيئة عمّت معظم المدن والبلدات السورية في الشهور الأخيرة، إلا أن سكان مدينة الرقة يعانون تصعيداً عنيفاً ضد مدينتهم وسكانها، منذ مطلع شهر آذار / مارس الجاري ومما زاد الأمر سوءاً على هذه المدينة أنها كانت لأشهر طويلة ملاذاً للنازحين من مختلف أنحاء سورية لدرجة أدت لتضاعف عدد قاطنيها عن السكان الأصليين، لكن تصاعد العمليات العسكرية اضطر الأهالي والنازحين إليها للنزوح إلى مناطق أكثر أمانا.

 ولقد فرَّ ما يزيد عن 25 ألف شخص إلى منطقة "تل أبيض" على الحدود السورية التركية والتي استقبلت النصيب الأكبر من هؤلاء النازحين فالمنطقة آمنة بشكل عام وتقع على معبر حدودي حيوي مع تركيا، كما أن العناية المقدمة من الجهات الإنسانية العاملة فيها وعلى رأسها الهلال الأحمر القطري ومؤسسة الفيصل بلا حدود للأعمال الخيرية بمشاريعهم الصحية والإغاثية المختلفة شجع الكثيرين على النزوح إليها بشكل خاص دون باقي المناطق المجاورة.

 وواجهت كوادر الهلال الأحمر القطري العاملة في المنطقة تحدياً كبيراً في كيفية التعامل مع هذا العدد من النازحين بهدف عدم إحداث فوضى، خاصة أن معظم النازحين من النساء والأطفال يعاني من خوف وهلع وجوع ويفتقر للمأوى الآمن.
 
ولقد بدأت كوادر الهلال استجابتها بوضع خطة سريعة للعمل تمثلت في التعاون مع المجتمع المحلي لاحتواء النازحين وتأمينهم في مراكز إيواء جماعي بالمدارس و بيوت الأهالي، و العمل على إنشاء نقطة إسعاف طبية داخل المشفى الوطني بتل أبيض مدعومة بالفريق الطبي للهلال الأحمر القطري العامل هناك، كما تم تخصيص فريق لتقديم الإسعافات الأولية الطبية للجرحى والمرضى وتثبيت الحالة الطبية لهم.

وقد قلّصت الاستجابة السريعة من جمعية الهلال الأحمر ومؤسسة الفيصل بلاحدود الفوضى بشكل كبير ومكّنت النازحين من تفادي ظروفهم النفسية والصحية السيئة من خلال رفع إحساسهم بالإهتمام والرعاية المثلى من قبل الفرق العاملة وتقديم المساعدة لهم بعد ساعات طويلة من العناء.

 ومع المراقبة والتقييم المستمرين من قبل المتخصصين ميدانياً لوحظ أن هذه الرعاية الآنية تتطلب متابعة ومراقبة طبية حيث كان لمستوصف تل أبيض والذي أقامه كلٌّ من الهلال الأحمر القطري ومؤسسة الفيصل بلا حدود للأعمال الخيرية الدور الأكبر في تقديمها، حيث عمل المستوصف بعياداته الثلاث الداخلية والنسائية والأطفال وصيدليته المرفقة لتقديم خدماتة لساعات أطول ورفعت جاهزيته الطبية والدوائية بقدر يغطي حاجة عشرة أيام كون عدد المراجعين ازداد من معدل 100 حالة إلى 160 حالة يومياً واقتضت الحاجة الإنسانية أن يعمل في بعض الأحيان على مدار الساعة.

 ولم يتوقف عمل الهلال الأحمر القطري على هذا الحد فبعد تحليل المعلومات الأولية للأوضاع الحياتية في منطقة تل أبيض تبين أن المنطقة تعاني من فقر شديد في الأشهر الأخيرة وازادات حاجتها المعيشية بشكل ملموس كون المنقطة منطقة ريفية فقيرة، وهذا استدعى الإنتباه إلى أن النازحين سيشكلون عبئاً كبيراً على الأهالي خاصة مع تخوف أن يصل عدد النازحين في ظل الأحداث العنيفة المستمرة إلى 100 ألف شخص. ولذلك قامت كوادر الهلال بإعداد خطة مدروسة لاستقبال النازحين في مخيم خاص سيجهز للعناية بهم وتأمين مسكنهم وحاجاتهم الغذائية والصحية، وقد تضافرت الجهود بين مؤسسة الفيصل بلا حدود للأعمال الخيرية والهلال الأحمر القطري لتقديم المساعدة واستكمال إنشاء المخيم حيث تم تأمين 500 خيمة و 2500 فرشة و 2500 بطانية و 3000 مخدة ويتم تجهيز 6000 سلة غذائية تحوي معلبات وطعام سريع الأكل ستقدم للأهالي الذين سيقيمون في المخيم ريثما يتم تجهيز مطبخ جماعي.

 الجدير بالذكر أن مؤسسة الفيصل بلا حدود والهلال الأحمر القطري قد وقعا اتفاقية تعاون نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي بموازنة تزيد عن خمسة ملايين و500 ألف ريال قطري، وبدأ الشريكان بتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة التي تتضمن تقديم الإغاثة العاجلة من خلال عدة برامج في قطاعات الإيواء والتغذية والصحة. لسكان المناطق الشمالية والشرقية في سوريا وتحديداً في منطقة تل أبيض.

وتنسجم هذه الشراكة مع الدعم الإنساني اللامتناهي الذي تقدمه دولة قطر للمتضررين السوريين وحثها المؤسسات والجمعيات الإنسانية والخيرية بالدولة على حشد الجهود لتقديم خدمات إنسانية متنوعة لهؤلاء المتضررين. ويستمر النشاط الكبير الذي تقدمه دولة قطر للشعب السوري في مختلف مناطق سوريا والذي أصبح ركيزة هامة لكثير من المنكوبين ومثال يحتذى به للعمل المنظم والعطاء الإنساني.

ترك تعليق

التعليق