الدولار وحكاية الـ 100 ليرة


 
 
منذ أن بدأ الدولار يرتفع بصورة متفاوتة أمام الليرة السورية وبعد مغادرته حدود الـ 73 ليرة وعدم الاستقرار بسعر الصرف، عمد معظم التجار إلى وضع فائض احتياطي لتجنب الخسارات الكبيرة عند ارتفاع السعر المتزايد فكان معظمهم يقوم بحساب تكاليفه على مئة ليرة سورية للدولار الواحد وبعدها يقوم بوضع أرباحه لكن المشكلة اليوم هو أنه قد وصل لهذه النقطة حقيقةً وتجاوزها إلى ما هو أبعد من ذلك وخلال أيام قليلة، وأصبح هناك تفاوت بالسعر بين الصباح والمساء، ما أثر سلباً على السوق وشلّ الحركة في كثير من الأحيان.
 
مع التطورات الجديدة كيف سوف يصبح الوضع؟
 
البعض يرى أن عدم استقرار سوق الهال بدمشق وخصوصاً بعد القذائف التي سقطت عليه الأسبوع الماضي وإغلاق معظم السوق هو السبب الرئيسي لهذا الارتفاع وأنه بمجرد معاودة إقلاع السوق قد يعود لحدود المئة ليرة وآخرون يرون أنها حركة من النظام يقوم بها لسحب الدولار من الأسواق ثم إعادة ضخه ليستفيدوا من الفارق السعري ويطمئنوا المواطن أنهم مازالوا ممسكين بزمام الأمور ويستطيعون التحكم بسعر الدولار عندما تستفحل الأمور.
 لكن هناك بعض المحللين يرى أن الموضوع أفلت من أيدي حكومة النظام وأن الدولار سوف يواصل صعوده إذا لم تتحرك الدول الداعمة للنظام وتقوم بالتغطية في السوق.
 
لكن على صعيد الأعمال ما الذي سوف يحصل؟ هل سيتم رفع الأسعار مجدداً أم ماذا؟
 
في بعض قطاعات الأعمال تم فعلاً ربط المواد بالتكلفة الفعلية للدولار كما يحصل في سوق الالكترونيات والكهربائيات لكن في قطاعات أعمال أخرى يرى بعض التجار أن أي زيادة مستقبلية من الممكن أن تسبب الركود لهذه المهن وخاصة مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار بين 54% إلى 150%.
 
ومما يساهم أيضاً في رفع الأسعار: الأوضاع الأمنية السائدة التي لا تشجع المستوردين على الاستيراد بسبب عدم توافر الأماكن الآمنة لتخزين بضائعهم مما يؤدي إلى قلة العرض وبالتالي المغالاة بأسعار البضائع.
 
وهذا ينعكس بدوره على البائعين فيضطر هؤلاء لأخذ الحد الأدنى من احتياجاتهم من المواد بسبب غلاء أسعارها وتخوفهم من تفجر الأوضاع بأية لحظة وبذلك لا يحصلون على حسومات كبيرة عند الشراء، وأيضاً اختلاف التكاليف صعوداً وهبوطاً بين البائعين، العائد إلى التفاوت الكبير في أسعار الصرف مما يخلق مشاكل أخرى تنعكس على العرض وقد تؤدي أحياناً إلى خروج بعض الباعة من السوق وخاصة عندما يكون المبيع بالسوري وتثبيت البضائع بعملات أخرى.
 
ويتحدث معظم الصيارفة على أنه لم يعد هناك صفقات شراء كبيرة من العملات الأجنبية وأصبحت معظم المبالغ المباعة هي مبالغ صغيرة يقوم المواطنون بإدخارها بالدولار ومن ثم إعادة بيعها عند حاجتهم للأموال أو للاستفادة من فروقات سعر الصرف.
 
كما يرون أن هذه الأسعار ليست حقيقية وأنه لو انتعش الاقتصاد وزاد الإقبال على الدولار من قبل المستوردين لضرب الدولار مستويات قياسية، لكن تراجع الاقتصاد يحول دون ذلك.
 
وهذا ما يؤكده كلام النائب الاقتصادي الأسبق عبدالله الدردري الذي قال أن الاقتصاد السوري تراجع بنسبة35%-40% خلال العامين الماضيين وارتفعت البطالة من 3.8% قبل الأزمة إلي 33% الآن....
 
وخلال الربع الأول من هذا العام تم تسجيل إعادة تصدير عدد من المصانع إلى بلدان أخرى بسبب عدم توافر المناخ الملائم للاستثمار كمعمل السويدي، وشهد هذا الربع أيضاً ارتفاع بنسبة البطالة وتسريحات جماعية للعديد من العمال واكتفاء معظم المنشآت التي ما زالت تمارس عملها على الحد الأدنى من العمال.
 
ويبقى السؤال المطروح ما الذي سوف يحدث لو استمرت الأزمة لعام آخر...
 
هل يمكننا الحفاظ على ما تبقى من الاقتصاد السوري..؟
 وكم عام سوف نحتاج لإعادة الوضع الاقتصادي إلى سابق عهده؟
 
بوجهة نظر شخصية أرى أنه لو استمرت الأمور على نفس الوتيرة من التصعيد فإن الاقتصاد السوري سوف يتراجع بنسبة 90% إلى 95% هذا إذا لم ينهَر تماماً وأن مشاريع إعادة بنائه سوف تكون طويلة الأمد وتحتاج لسنوات كثيرة، لأنها سترتبط بالاستقرار السياسي والذي إلى الآن لم تلح في الأفق ماهيته أو معالمه المستقبلية.

ترك تعليق

التعليق